يطلق لفظ " البدون " فى بعض البلدان العربية على الأناس الذين يعيشون فى هذه البلدان دون أن يحملوا جنسيتها على الرغم من تاريخهم الطويل بها ..ففى الكويت مثلا تمثل مشكلة " البدون " صداعا فى رأس الحكومة فمن هؤلاء الناس من يعيشون فى البادية ولم يحملوا أوراق ثبوتية لبعدهم عن العمران ومنهم من ترجع أصولهم الى قبائل من السعودية بنجد والحجاز هاجروا وأستوطنوا الكويت منذ سنوات بعيدة ..وهناك أيضا بالسعودية والامارات فئة من يطلقون عليهم " البدون ".. لكنى اليوم اتحدث عن " بدون " مصر.. فبالأمس فقط عرفت أن بمصر " بدون " .. من خلال هؤلاء الشهداء ال 19 الذين تم تشييع جثامينهم من مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة تحت مسمى " شهداء ثورة 25 يناير مجهولى الهوية " .. هذه الجثامين التى ظلت بالمشرحة من شهر يناير حتى الآن ..!! يقال أنه تم الاعلان عن وجودها بالمشرحة أكثر من مرة بالجرائد الرسمية انتظارا لتعرف ذويهم عليهم .. ويقال أيضا أن بعض أهالى الشباب المفقودين منذ الثورة هبوا للمشرحة للبحث عن ابنائهم .. لكن تشوه الجثث بعد تشريحها وتحللها حال دون ذلك.. ولم يقم الطب الشرعى بمطابقة الDNA للأهالى بال DNA للجثث وتركت الجثث للتحلل والاهانة .. وعندما قرروا دفنهم تخلصوا منهم بالدفن فى مقابر الصدقة وهم مرتاحى الضمير ..!! وعندما سألوا الدكتورة وكيلة رئيس الطب الشرعى عن هوية هؤلاء الشهداء الذين قضوا بثورة 25 يناير قالت ببلادة : هم ليسوا ثوار بل هم مجرد مساجين هاربين من السجون التى تم فتحها أيام الثورة جيئ بجثثهم بملابس السجن الزرقاء..!!.. أى أنه برأيها هؤلاء البشر لا يهم أن يتم التوصل لذويهم .. فهم مجرمون خارجون عن القانون !!.. هل المسجون فى مصر ليس له حقوق ؟!!.. هل المسجون فى مصر ليس من حق أهله استلام جثمانه ان توفى لدفنه ؟!.. هل المسجون نكرة لا سجل له ولا هوية تمكن من التعرف عليه ؟!!.. هل من يدخل السجن يصبح بلا ذاكرة ولا اسم ولا عنوان مجرد رقم فى زنزانة وعدد فى الدفاتر والسجلات ؟ هل من يدخل السجن يصبح " بدون "!! .. ان الطريقة التى تعاملت بها مصلحة الطب الشرعى مع هؤلاء المساجين المساكين لهى جريمة ضد الانسان حيا وميتا .. فكيف لم تخاطب مصلحة الطب الشرعى مصلحة السجون لتمدها بمعلومات عن هؤلاء من واقع سجلاتهم الطبية فى السجون وصورهم ؟!.. كيف يهان المصرى ميتا بعد أن أهين حيا لسنوات طويلة ؟!! .. ان هؤلاء الموتى أهينوا بتركهم دون أن يحاول أحد أن يتعرف على هوياتهم كما أن هناك حوالى ال 1000 مفقود منذ بداية الثورة لا يعرف أهلهم عنهم شيئا !!.. هل قضوا نحبهم ؟ هل مازالوا على قيد الحياة محتجزين بمكان ما ؟ من لا يحترم حقوق الأحياء لا يعرف بالقطع أن هناك حقوقا للأموات .. لن تؤتى الثورة ثمارها ولن تحقق أى من أهدافها مادمنا لا نعرف أن للانسان حقوقا حيا وميتا.. رحم الله الانسان المصرى من نظام لا يرحم ومسئولين بلا ضمير ولا انسانية .. الثورة لم تقم بعد .. والظلم لم يرحل بعد .. ومصر لم تنل حريتها وكرامتها بعد .