فى بعض الأحيان نتعرض لمواقف تتحتم منا الحكمة و العقل و العظة و لكن سرعان ما ينقلب تصرفنا الى التهور و الجنون و العصبية,ثم نسأل أنفسنا بندم " ماذا قد جنيناه مما فعلناه؟" و يسأل أحد أصدقائى " أين كان عقلك؟" فأرد بتعجب من نفسى " لا أدرى " ثم أبكى على حالى و كأننى قد خسرت ولدى,و تسيل الدموع مطرا على ما قد أقترفته وأأخذ قرارا بعدم اللجوء مرة أخرى الى التسرع فى التصرفات حيث لا يقع الندم..ولكن.. سرعان ما أنسى الحدث و أعود ثانية الى ما كنت عليه و أقول لنفسى الحجة التى تبرر موقفى و تكون دائما " ولكن الوضع هذه المرة مختلف" و لكن تكون النهاية دائما واحدة و هى الندم أريدك أن تسأل نفسك " كم مرة ندمت على شئ قد فعلته و كم مرة كنت تود أن يعود بك الزمن حتى لا تكرر فعلتك و تصحح الأوضاع الى أوصللتك الى هذا الطريق المسدود؟" فكل منا مر بهذه المواقف و لكن أين كان العقل حين ذاك؟ لماذا لم نستطع أن نفكر جيدا؟ لماذا كان الموقف أقوى من عقلنا؟ وهل كنا حقا فى ذاك الوقت غائبين العقل,أم كان حاضرا و لكن سكتناه و رفعنا صوتنا حتى لا نسمعه؟ و من هو السبب فى ذلك؟ أهو الشيطان أم هواؤنا؟ أم شيئا لم نتعرف عليه بعد يسكت ضمائرنا و يشتت عقولنا عن ما نراه و نسمعه و نبحث وقتها على مبررات تريح بالنا لكى نستمر فى طريقنا المسدود المليئ بالوحل حتى نخبط بالحائط فنفوق و نرجع عن ما قد فعلناه و لكن بعد فوات الاوان اذا أين كان عقلى و أنا أمد يدى لأسرق؟و أين كان عقلى و أنا أرتشى؟وأين كان عقلى و أنا أمد يدى لأقتل أخى؟وأين كان و أنا أخطف فتاة صغيرة لأغتصابها؟و أين كان و انا أضرب طفلة بريئة؟و أبن كان و أنا أرى الفتنة و هى تملئ أركان بلدى؟و أين كان و أنا أخون زوجتى؟ أين كان و أنا أدمر عقول أطفال تركها أهلها أمانة عندى لأزرع فيها التربية و حب التعليم و التعلم و أقوى الأخلاق التى نسعى اليها لتحقيقها؟ و أين كان و انا أعامل والدتى دون احترام؟ و أين كان و أنا أشتم بألفاظ التى لا تليق بأخلاقى و دينى؟ و أين كان و أنا هاربا من واقعنا بالمخدرات؟ و أين كان و أنا أنظر الى من كل يفعل هذا فأقول لنفسى من الأحسن أن أكون بعيدا و لا أتدخل قط فأنى لا أعرف أين غاب العقل و متى مات الضمير و ابتدى الهواء يتحكم فى نفسى؟و كأننى عروسة يتم تحريكها من مجهول يعبث بعقلى فيأمرنى لكل ما يتمناه و يريد.. فما الاختلاف اذن عن الحيوانات التى نراها و نربيها؟ ألم يكرمنا الله تعالى و أعطانا ما لم يعطيه لأحد من المخلوقين ؟ فالعجب عندما نقرأ قول الله تعالى " بل هم أضل سبيلا" صدق الله العظيم,فهذه الجملة الربانية التى قالها الله تعالى عندما وصف الذين لا يستخدمون عقولهم بالأنعام و بل هم أضل منهم!!فا واه أسفاه على ما اقترفناه بأيدينا و كأننا لن نلتقى يوما بالذى أعطانا العقل أمانة لنحسن استخدامها, أيعقل أن نخترع جهازا فنعطيه العقل كى ينعم بأعظم نعمة لدى الانسان و أردنا منه أن يفكر مثلنا و أن يحس فى بعض الأحيان فيعطى اشارة أنه يفهم و يعقل,ثم نأتى نحن نستغنى عن هذه النعمة العظيمة و كأننا نقول لله سبحانه عزوجل " ريتك لم تعطينا أياها" فتستبدل الذى خير بالذى هو أدنى!!فحقا عجبا لما نريد أن تقترفه فى حق أنفسنا