قانون الحقوق السياسية.. الإخوان ترحب والأحزاب تنتقد تجاهل «استخدام المال والدين فى الانتخابات» كالعادة الإخوان ترحب وباقى القوى السياسية تعترض، هذا هو السيناريو الذى بات معمولاً به أخيراً، والإخوان يشنون حملة على من يطالب بتأجيل الانتخابات ومن ينادى بمجلس رئاسى، من منطلق أن هذا هو اختيار الشعب ولا يجب الانقلاب عليه، لأن الانقلاب عليه هو انقلاب على الديمقراطية.. فقد وصف صبحى صالح، القيادى بجماعة الإخوان، وعضو لجنة تعديل الدستور، تأكيد المجلس العسكرى على تنظيم الانتخابات فى موعدها، وعدم إنشاء مجلس رئاسى- بأنه التزام بالإعلان الدستورى.. فى الوقت نفسه الذى دعا فيه المفكر الإسلامى الدكتور «محمد سليم العوا» المواطنين إلى الخروج فى مظاهرة مليونية، إذا تأخر إجراء الانتخابات يوماً واحداً، محذراً من أن هناك من يريد الالتفاف على نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لأنها- حسب تعبيره- «لا تصب فى مصلحته».. والواقع أن المطلوب حقاً هو الاحتكام إلى الديمقراطية، وأن نسعى جميعاً إلى ما فيه مصلحة هذا الوطن وليس مصلحة فصيل منه.. لكن هذا الأمر يقتضى أن نستند حقاً إلى الديمقراطية التى تفصل فى كل الدنيا ما بين الدين والسياسة ولا تقر استخدام الدين أو الشعارات الدينية فى أى صراع سياسى أو أداء سياسى لتفعيل الديمقراطية.. فهل هذا هو ما جرى فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، حتى يقال إن مناقشتها الآن نوع من الالتفاف على الديمقراطية؟. أين هى الديمقراطية الحقة من استخدام الدين فى الدعوة لقول «نعم» فى الاستفتاء والترويج لها على أنها «واجب شرعى»؟. بل أين هى الديمقراطية من أن يُطرح قانون الحقوق السياسة دون أن يتم النص فيه على عدم جواز استخدام المال والشعارات الدينية فى الانتخابات، بل دون أن يتم النص على عقوبة من يرتكب مثل هذا التجاوز؟. وكيف لنا ألا نتصور أن هذا القانون بهذا الشكل يصدر لمصلحة جبهة دون الأخرى وأنه لا يصدر بالاستناد إلى وفاق وطنى يجرم استخدام ما يحظر استخدامه فى أى ديمقراطية من ديمقراطيات العالم.. ألا يعنى هذا أننا سوف نشهد شبيهاً لما جرى من ديمقراطية فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية؟. وهل علينا أن نتوقع من الآن أن يخرج علينا أحد المرشحين ليس ليعلن على الناخبين برنامجه، بل لكى يعلن لهم أنه يعمل من أجل الإسلام، وأن من لا ينتخبه سوف يكون خارجاً على الإسلام.. هل علينا أن نتوقع أن نرى شعارات الإخوان التى تؤكد أن انتخابهم هو واجب شرعى؟ بل إن انتخاب غيرهم خروج على الدين؟. الضوابط فى قوانين الحقوق السياسية هى ركن أساسى لضمان الديمقراطية فهل يسعى المجلس العسكرى لإقرر مثل هذه الضمانة فى قانون من المفترض أنه يرسخ للديقمراطية؟ إذا ما كان هذا حقيقياً فعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتدارك الأمر لينص على مثل هذه الضمانات، حتى لا نرسخ لديمقراطية الإخوان وفلول الوطنى دون غيرهم.. من حقنا على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يصدر قانون الحقوق السياسية مسلحاً بالضمانات المطلوبة، لإقرار الديمقراطية الحقة، ودون هذا فإن ما ستأتى به هذه الانتخابات من نتائج سوف يكون مطعوناً عليه من الآن.. إذا كنتم تريدون ديمقراطية يقبل بها الخاسر قبل الفائز، فيجب أن تكون هذه الديمقراطية ديمقراطية حقة مسلحة بكل الضمانات التى استقرت فى كل الديمقراطيات العريقة، منذ أزمنة طويلة.. نحن لا نخترع العجلة وإذا ما أردنا أن نخترع عجلة، على مقاسنا نكون قد عدنا لمربع تفصيل الدستور والقوانين لنظام مبارك.. إذا لم توضع هذه القوانين لا يصبح الأمر سهواً، بل تعمداً لمصلحة ما، وهنا علينا أن نتوقع أداء مماثلاً بل متوافقاً على أداء التيارات الدينية فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية. تريدون ديمقراطية يجب أن تكون ديمقراطية حقيقية بضمانات الديمقراطية، لذا على كل القوى التى تسعى إلى الدولة المدنية الحديثة، التى تعطى الحق فى المساواة لكل مواطنيها دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين- أن تتصدى لمرور قانون الحقوق السياسية دون الضمانات المطلوبة، وإلا فنحن مقبلون ليس على تفعيل الديمقراطية، بل إجهاض هذه الديمقراطية.. والمشكلة أنه يكون فى هذه الحالة إجهاضاً عمدياً مع سبق الإصرار والترصد.. فهل نسعى لولادة طبيعية أم نرتب لميلاد مشوه؟. الإجابة على هذا السؤال تجيب عن سؤال أهم هل نحن ننتصر لمطالب الثورة؟. [email protected]