أعلنت مجموعة السّياحة والسّفر البريطانيّة «توماس كوك»، أمس، إفلاسها، بعد فشلها فى عطلة نهاية الأسبوع فى جمع الأموال اللازمة للإبقاء على المجموعة، مشيرةً إلى أنّها ستدخل فى عملية «تصفية فوريّة». وقالت، فى بيان، أوردته قناة «فرانس 24 »: «إنّه على الرّغم من الجهود الكبيرة، لم تُسفر المناقشات عن اتّفاق بين المساهمين والمموّلين الجُدد المحتملين، لذلك، خلُص مجلس إدارة الشركة إلى أنّه ليس لديه خيار سوى اتّخاذ خطوات للدّخول فى تصفية إلزاميّة بمفعول فورى». يشار إلى أنه سيكون على «توماس كوك» أن تُنظّم فوراً عمليّة إعادة 600 ألف سائح من المتعاملين معها حول العالم، بينهم 150 ألف سائح بريطانى، ما سيشكّل أكبر عمليّة من هذا النوع منذ الحرب العالميّة الثانية. وجاء فى بيان نشره الموقع الالكترونى ل«توماس كوك»، إنه تم تقديم طلب إلى المحكمة العليا لتصفية الشركة إجبارياً قبل بدء العمل أمس، وتم منح أمر بتعيين الحارس القضائى بصفته القائم على تصفية الشركة. وحاولت المجموعة جمع 200 مليون جنيه إسترلينى إضافى لتجنّب انهيارها بعدما واجهت الشركة الرائدة فى مجال السفر صعوبات سببها المنافسة من مواقع إلكترونيّة خاصّة بالسّفر وقلق المسافرين من ملفّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست». وانهارت الشركة- وفق شبكة «بى بى سى» البريطانية- بعد فشل مفاوضات اللحظة الأخيرة، التى هدفت إلى إنقاذ الشركة من الإفلاس. وعبر رئيس المجموعة بيتر فانك هاوسر عن أسفه قائلا: اليوم حزين للغاية مع خسارة آلاف الوظائف لشركة كانت رائدة فى الرحلات السياحية حول العالم، ويؤسفنى جدا كما باقى أعضاء مجلس الإدارة بأننا لم ننجح. وقالت «توماس كوك» إن 140 ألف سائح ألمانى عالقون فى الخارج، فيما أعلن وزير السياحة اليونانى، هاريس تيوهاريس، أن نحو 50 ألف سائح للشركة البريطانية المفلسة متواجدون حاليا فى اليونان، مضيفا أنه قد بدأت عملية إعادتهم إلى بريطانيا. وقال رئيس هيئة السياحة فى جزيرة كريت اليونانية، ميخاليس فلاتاكيس – وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية عن تصفية «كوك»: «كارثة بمثابة زلزال بقوة 7 ريختر، أطلق تسونامى لم يصل إلينا بعد»، فى إشارة إلى الخسائر الكبيرة التى تهدد قطاع السياحة فى الجزيرة. وقالت الحكومة البريطانية إنها استأجرت طائرات لإعادة سياح بريطانيين، فى عملية تبدأ فورا. وغردت سلطات الطيران المدنى فى المملكة المتحدة عبر صفحتها على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعى: «تم الآن إلغاء جميع حجوزات توماس كوك، بما فى ذلك الرحلات والعطلات». وأعلن وزير النقل البريطانى جرانت شابس إطلاق أكبر عملية إعادة فى تاريخ السلم، مضيفا أن الحكومة وهيئة الطيران المدنى البريطانية استأجرتا العشرات من طائرات الشارتر لإعادة العالقين إلى البلاد فى أقرب وقت. وقال المحلل البريطانى المختص بالاقتصاد السياحى، مايكل هيوسون: «لم يقتصر الأمر على توماس كوك، التى وقعت ضحية الإفراط فى القطاع، مع انهيار عدد من شركات الطيران فى السنوات القليلة الماضية من أبرز ضحاياها مونارك». من جانبهم، أكد خبراء فى صناعة السياحة والفنادق أن انهيار الشركة تأثيره محدود للغاية على القطاع السياحى فى مصر، وقال محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية، نائب رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر، ل«المصرى اليوم»، إن انهيار الشركة العالمية، لن يؤثر على مصر سلبا، خاصة فى ظل غياب السوق الإنجليزية عن المقصد السياحى بشرم الشيخ مثلا، وإن الشركات المصرية يمكنها أن تتعامل مع شركات مختلفة ومتنوعة للحصول على حصة من حركة السياحة حول العالم. وتابع أنه فى منتج السياحة الثقافية على سبيل المثال مصر استطاعت أن تتجه نحو بعض الأسواق الجديدة، وتعظيم حصتها من بعض الأسواق، مشيرا إلى ضرورة تنويع الشركات الكبرى التى تتعامل معها القاهرة. وأكد هشام الشاعر، عضو مجلس إدارة غرفة الفنادق ل«المصرى اليوم»، أن إعلان توماس كوك عن إفلاسها يجب أن يتم وضعه فى حجمه الطبيعى، مشيرا إلى أن تأثير ما حدث بالنسبة لمصر محدود للغاية، موضحًا أنه فيما يتعلق بقطاع الفنادق لا توجد مشاكل بالنسبة للسائحين الوافدين عبر الشركة. وأضاف أن حجم الحجوزات بالنسبة لموسم الشتاء جيد بالنسبة للبحر الأحمر، موضحا أن السوق العربية تتراجع حجوزاتها خلال الشتاء، بينما تزداد الحجوزات من السوق الأوروبية. وكشفت مصادر ملاحية بمطار الغردقة الدولى، أمس، أن بريطانيا قررت إرسال 4 طائرات بدون ركاب للمطار لنقل نحو 800 سائح بريطانى من التابعين ل«توماس كوك» بعد إعلان إفلاسها، وذلك لإعادتهم لبلادهم بعد أن انتهت إجازاتهم بفنادق الغردقة، مضيفة أنه من المقرر استمرار هذه الرحلات فى نقل السائحين البريطانيين الذين تنتهى إجازاتهم تباعًا حتى 6 أكتوبر المقبل على نفقة الحكومة البريطانية. وكشفت مصادر سياحية بالبحر الأحمر أن الخارجية البريطانية سترسل مندوبين للمحافظة لمتابعة مغادرة السائحين البريطانيين من الحاجزين على شركة توماس كوك وانتهت رحلاتهم بفنادق الغردقة ومرسى علم والجونة، حيث يقدر عددهم بنحو 10 آلاف سائح بريطانى. وأضافت المصادر أنه من المقرر مغادرة 800 سائح بريطانى على متن طائرات غير تابعة ل«توماس كوك»، فيما توقفت رحلات الوصول إلى مطارى الغردقة ومرسى علم وسيتم تشغيل رحلات العودة إلى بريطانيا حتى 6 أكتوبر المقبل وأنه بعد هذا التاريخ سيتحتم على المسافرين حجز رحلات العودة الخاصة بهم. وسادت حالة من القلق والترقب بين العاملين فى قطاع السياحة بالبحر الأحمر بعد إعلان إفلاس مجموعة السفر البريطانية «توماس كوك»، وذلك قبل بداية الموسم السياحى الشتوى، حيث تستحوذ المجموعة البريطانية على نحو 400 ألف سائح للبحر الأحمر وتدير عدة فنادق وقرى سياحية وتنظم نحو 100 رحلة طيران شهريا وينتظر القطاع السياحى بالمحافظة كيفية إعادة مئات الآلاف من المسافرين ودفع تعويضات لهم. كانت شركة توماس كوك العالمية البريطانية للسياحة والطيران افتتحت فندقين جديدين فى منتجع الجونة بمدينة الغردقة خلال العام الجارى لتلبية الطلب السياحى المتزايد من السائحين الأوروبيين، ويعد الفندق الأول، بطاقة استيعابية 144 غرفة فندقية، والثانى بطاقة استيعابية 100 غرفة فندقية، ويتميز بتصميمات داخلية، ذات طابع عربى. وكانت المجموعة الرائدة فى مجال السياحة والطيران تحاول جمع 200 مليون جنيه إسترلينى إضافى لتجنب انهيارها وإعادة سياحها البالغ عددهم نحو 600 ألف فى العالم وإقناع الحكومة البريطانية بضخ الأموال التى تحتاج إليها المجموعة. ويعود تارخ إنشاء المجموعة إلى مُصنع خزانات فى القرن ال19 يدعى توماس كوك كان قد أسس شركة السفر عام 1841 لنقل مؤيدى الامتناع عن شرب الكحول بالقطار بين المدن البريطانية، وسرعان ما بدأت الشركة بتنظيم رحلات إلى الخارج لتصبح أول مشغل رحلات ينقل مسافرين بريطانيين إلى أوروبا عام 1855 وإلى الولاياتالمتحدة فى 1866 وفى رحلات حول العالم عام 1872 إلى أن قامت بتغطية 16 دولة فى العالم تحديدا فى جنوب أوروبا ودول البحر المتوسط وآسيا وشمال إفريقيا والكاريبى الآن، حتى وصلت ديون هائلة على الشركة رغم تسجيلها مؤخرا إيرادات وصلت إلى 10 مليارات جنيه إسترلينى سنويا، جراء تنظيم رحلات لنحو 20 مليون مسافر فى أنحاء العالم. ويأتى إفلاس الشركة بعد عامين فقط على انهيار خطوط مونارك الذى دفع بالحكومة البريطانية لاتخاذ تدابير طارئة لإعادة 110 آلاف مسافر، فى عملية كلفت دافعى الضرائب قرابة 60 مليون جنيه إسترلينى لاستئجار طائرات.
