عاشت قرية «بمم» التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، أمس الأول، ليلة حزينة، بعد مصرع 5 من أبنائها اختناقاً فى بالوعة صرف صحى، خلال محاولتهم إنقاذ أحدهم كان قد سقط فى البالوعة، فيما تم نقل سادس مصاب إلى المستشفى، الذى تجمع أمامه أسر الضحايا لاستلام جثامينهم لدفنها. وشيع المئات من أهالى القرية الضحايا فى جنازة واحدة من المسجد الكبير فى القرية، وبعدها تم إقامة سرداقات العزاء على مسافة متقاربة فى مشهد حزين. وتضم قائمة الضحايا: محمود عبد الفتاح خفاجة، 45 سنة، ورضا كرم عمار، 30 سنة، ومحمد عيد بيومى، 38 سنة، وهانى الجمل فتحى، 32 سنة، وفتحى المرسى الأقرع، 40 سنة، والمصاب محمد معوض العبد، 40 سنة، وجميعهم من قرية بمم التابعة لمركز تلا. وقال إسلام عاشور الفقى، 33 سنة، شاهد عيان، إن الضحايا عمال باليومية لدى بعض المقاولين الذين يعملون فى الحفر والتوصيل فى مشروع توصيل الصرف الصحى بالقرية منذ أكثر من 6 شهور، وفى سبتمبر الماضى تم التشغيل ثم فوجئ المواطنون بالمياه تغرق 8 منازل، فلجأوا إلى الضحايا كونهم كانوا يعملون فى المشروع لإصلاح العطل، ولكن من كان ينزل منهم فى البالوعة لم يكن يخرج. أحد أبناء القرية، ويدعى يحيى عمار، 35 سنة، عامل يومية، لم يخش الموت وتطوع لاستخراج جثث الضحايا، قال ل«المصرى اليوم»: «كنت شغال قرب البلاعة وسمعنا صراخ والأهالى اتجمعوا عند البلاعة ورحت أشوف حصل إيه فعرفت إن 5 من أهل القرية جوا البلاعة ومفيش حد عارف يطلعهم، وإنهم نزلوا واحد ورا واحد عشان ينقذوا محمود خفاقة، واحد من الضحايا اللى نزلوا عشان يشوفوا سبب انسداد البلاعة ويصلحها بعد ما المية غرقت كذا بيت». وأضاف عمار: «شاهدت وجوه 3 من الضحية والناس كانت خايفة تنزل، ربنا إدانى عزيمة وقوة ونزلت طلعتهم واحد واحد بمساعدة أحد الأهالى، ويدعى محمد العبد، وأطلع كل شوية علشان آخد نفسى، خصوصاً إن محمد العبد أصيب بإعياء شديد وتم نقله إلى المستشفى». وتابع عمار: «مشروع الصرف فى بلدنا بقاله أكثر من 15 سنة، والضحايا كانوا شغالين مع المقاول، والكلام اللى بيتقال إنهم فتحوا البلاعة عشان يوصلوا الخدمة لناس بشكل غير قانونى مش صحيح، الضحية محمد بيومى هو من قام بتوصيل الصرف فى منزلى منذ 3 أشهر تحت إشراف مقاول». وقال محمد المرسى، شقيق فتحى المرسى، أحد الضحايا، إن شقيقه، 42 سنة، لديه 3 أطفال، وكان يعمل سائقا على جرار زراعى وفى طريقه لنقل بعض البضائع، وعلم أن نجل عمه سقط فى البالوعة فذهب إلى إنقاذه، و«الناس حاولوا يمنعوه من النزول ولكنه صمم لإنقاذ نجل عمه، لكنه لقى مصرعه فور نزوله»، وقوات الإنقاذ والحماية المدنية وصلت إلى مكان الحادث بعد ساعة ونصف الساعة من اختناق الضحايا، إذ إن من استخرجهم كان أحد الأهالى. وقال خالد الأقرع، نجل عم محمود وهانى خفاجة وشقيقه الذين يعملون باليومية فى شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظة، نزل محمود أولاً فى البالوعة لتسليكها لكنه لقى مصرعه فى الحال، وحاول هانى إنقاذه ولكنه لم يخرج هو أيضاً ونزل فتحى الأقرع، نجل عمى الثانى، وراءه ليحاول إنقاذه، ولكنه لم يخرج، مشيراً إلى أن بيان محافظة المنوفية عن الحادث وملابساته غير صحيح. من جهتها قالت محافظة المنوفية، فى بيان حول الحادث، إنه تم تسليم محطة رفع بمم للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بالمحافظة فى نوفمبر 2018 للتشغيل والانتفاع بها، بخط طرد 7 كيلو مترات، وإجمالى شبكات الانحدار 12 كيلو مترا، وتم تطهير وتسليم 10 كيلو مترات وتوصيلها وتشغيلها للصرف الرئيسى فى منتصف أكتوبر الماضى، ويتبقى 2 كيلو متر تمهيدا لتسليم الخط اليوم، ولذلك تم غلق الخط كإجراء متبع فى الخطوط الجارى العمل فيها لحين تسليمها. وأضافت المحافظة أن بعض المواطنين قاموا دون علم الشركة بتوصيل منازلهم على خط الانحدار الفرعى، والذى لم يكن تم تسليكه وتنظيفه، ونظراً لأن الخط به طبة عند المصب مع الخط الرئيسى ارتفع منسوب المياه فى منازلهم، ثم قام مواطنون برفع غطاء المطبق الرئيسى لتكسير الطبة الموجودة على الخط الفرعى دون حضور أى مندوب من المقاول أو الشركة أو الشركة القابضة بغرض التسليك لتمرير الصرف الصحى الخاص بهم، فاختنق عدد منهم لاستنشاقهم كميات كبيرة من غاز الميثان، وتم نقلهم إلى مستشفى تلا المركزى. وتابعت المحافظة أن المحافظ سعيد عباس وجه مديرية الشؤون الصحية بتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين، ورئيس مركز مدينة تلا لتقديم كافة المساعدات لأهالى المصابين، كما وجه إدارة الشؤون القانونية للمحافظة بفتح تحقيق عاجل فور انتهاء التحقيقات، وصرف 10 آلاف جنيه من صندوق الكوارث بالمحافظة لكل مصاب، ومديرية التضامن الاجتماعى لتقديم المعونة العاجلة وصرف الإعانة.