«جريمة الطوابق»: الخلافات تدفع «فرارجى» لقتل زوجته ب40 طعنة

اعتاد زكريا أحمد، وأفراد أسرته سماع صراخ «غادة. ع»، بسبب الخلافات بينها وبين زوجها لكن المرة الأخيرة كانت مختلفة «سقف شقتنا كاد يسقط فوق رأسنا»، كانت الزوجة تجرى بمسكنها، وأولادها يخشون عليها بطش أبيهم كمال عشة، وقبل 5 أيام من الجريمة حررت الزوجة محضرًا ضد زوجها، وقالت: «خايفة يتعرض لىّ هيقتلنى عاوزنى آخذ قرض له تانى».
حسب الجار، شاهد العيان، قال: «فى ظهر الجمعة الماضى، أطلق أبناء الزوجين صرخات متتالية: بابا قتل ماما.. ضربها بالسيف.. وجرى.. يوم الجريمة غادة وأولادها كانوا يستعدون للسفر لبلدتهم.. كان زمانها نجت».
الحزن كسا وجوه الناس فى منطقة الطوابق بمحافظة الجيزة، واتصل الجيران ب«أحمد»، شقيق المجنى عليها، وما إن رأى أخته، حتى انهار ل«بشاعة المشهد»، وقال سعيد حسانين، عامل بأحد المساجد: «الست غادة كانت واخده 40 طعنة.. جثتها تقريبًا اتمزقت».
سيارات الإسعاف وصلت مع الشرطة والنيابة العامة، وتم نقل الجثمان لمشرحة زينهم، بعد رفع آثار دماء المجنى عليها التى أغرقت سلالم العقار، إذ كان جثمانها مسجى أمام باب الشقة.
كمال تزوج من المجنى عليها قبل 20 عامًا: «هما ولاد خالة وعم فى نفس الوقت»، وتركا بلدتهما فى قنا، بحثًا عن لقمة العيش، إذ يعمل الزوج «فرارجى بأحد المجازر»، كما يروى محمد قناوى، ابن عمومتهما، وسكن الزوجان فى بداية حياتهما فى «أوضة وصالة تحت السلم»، وكانت الزوجة «غادة»: «راضية بأقل القليل»، وأثمر زواجهما عن إنجاب 6 أطفال، بينهم ولد وحيد يُدعى محمود.
الزوجان انتقلا للمسكن الذى شهد الجريمة، قبل عامين: «الأوضة والصالة لم يتحملا 8 أشخاص»، بحزن يحكى محمد أمين، نجل مالك العقار الأول: «عمرنا ما شوفنا حاجة وحشة من المجنى عليها».
الأحوال الاقتصادية للزوجين تدهورت للغاية: «كنّا بنعمل ما يقدرنا عليه ربنا مع الست غادة وأولادها»، يؤكد «عامل المسجد»: «المتهم طُرد من عمله.. ومراته اقترضت لشراء (توك توك) له.. لكنه باعه لشراء المخدرات، والسيدة وولادها مكنوش لاقيين ياكلوا»، والمجنى عليها، بوصف العامل، كانت: «آية تمشى على الأرض»، لدرجة أن أخاها طلب منها السفر للبلد، وقال لها: «سيبيه واطلبى الطلاق منه»، لكنها ردت عليه: «وولادى مين يربيهم»، ثم قررت: «نقعد يومين ونرجع تانى».
أصدقاء الطفل محمود، نجل الزوجين، حكوا أنه يعمل بمحل «حلوى»، ويتقاضى فى اليوم «30 جنيه، بيغسل أوانى»، وصديقه، الذى رفض نشر اسمه، يوضح أن محمود كان «بياخد 10 جنيه مصروف له والباقى يعطيه لأمه وإخواته».
الشهر الماضى، لجأت «غادة» لجارتها «أم عمر»، وقالت: «محتاجة قرض.. زوجى عاوز يشترى (توك توك)».. ونفذت المجنى عليها رغبة زوجها، إلا أنه باع التوك توك وظلت الأقساط متراكمة على الزوجة: «فى أقساط كانت نصف شهرية.. واضطرت غادة لبيع جزء من ميراث لها فى البلد»، ورغم ذلك، طلبت المجنى عليها قرضا ثانيا، وقالت لجارتها: «زوجى عاوز يفتح محل سوبر ماركت.. يمكن ربنا يهديه».
الأطفال وأمهم كانوا يبكون من «شدة الجوع»، باستحياء قالت إحدى الجيران: «كنت بطبخ لهم زينا بالظبط.. المتهم كان لا يُبالى.. يشترى مخدرات ويترك أولاده دون طعام».
«غادة» بحثت عن عمل مؤخرًا «دادة فى مدرسة خاصة»، بأجر «1200 جنيه فى الشهر»، ووافقت لأجل سد جوعها وأولادها، واتفقت على بدء العمل «من أول الشهر»، لكنها قتلت على يد زوجها «وتركت ولادها يواجهون مصيرهم»، حسب أم عمر، صديقة المجنى عليها، اكتشفت الأخيرة أنه «ليس هناك رجاءً من وراء المتهم.. اعتداءاته عليها زادت آخر أسبوع.. وترك لها المسكن بسبب الخلافات الزوجية على مصاريف المنزل».
أم أمل، إحدى الجيران بالعقار محل الجريمة، سمعت صراخ «هدير»، 14 سنة، ابنة الزوجين: «بابا قتل ماما».. هرولت البنت وشقيقتاها: «شيماء وبسملة»، يحملان أختهما الصغيرة «هنا»، عامين، تجاه الجارة، يبكون ويرددون: «أبونا دخل الشقة من شباك المطبخ وضرب ماما بالسيف وجرى».
قاطنو العقار بالكاد لمحوا «كمال» يلوذ بالفرار: «ملحقناش نشوف حتى ملامحه»، ليعرفوا من أولاده: «بابا خبط على الباب وماما خافت تفتح.. فتسلل من شباك المطبخ من ناحية المنور».
المتهم كمال سلم نفسه بعد يوم من ارتكاب الجريمة، وقال خلال تحقيقات نيابة حوادث جنوب الجيزة: «أنا غير مدرك لما فعلت.. لأنى أتعاطى المخدرات»، مبررًا سبب جريمته: «كنت عاوز فلوس ومراتى تتصرف فى باقى ميراثها»، ودلت تحريات المباحث على أن سُمعة المجنى عليها «طيبة».
التحقيقات أشارت إلى أن الزوج دخل للشقة عبر نافذة وانهال طعنًا وضربًا على زوجته بالسيف فى أنحاء جسدها لتستغيث ابنتهما بالمارة والجيران فور سماع صرخات والدتها ورؤيتها لوالدها يمزقها من فتحة الباب.