تبدأ فعاليات مؤتمر برلين حول ليبيا، اليوم، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وعدد من القادة وكبار المسؤولين، على رأسهم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، ووزير الخارجية الأمريكى مايك بوميبو، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش والرئيس التركى رجب طيب أردوغان. كما سيشارك فى المؤتمر ممثلون عن حكومات الإمارات وإيطاليا والصين والجزائر وتونس ودول أخرى، إضافة إلى الأطراف الليبية المتصارعة. وأكد السفير بسام راضى، المتحدث باسم الرئاسة، أن موقف مصر ثابت تجاه الأزمة الليبية ولم يتغير، وأن مؤتمر برلين لوضع حلول لهذه الأزمة سبقه لقاءات واتصالات مكثفة بين الرئيس السيسى وعدد من زعماء العالم، وكان الملف الليبى قائمًا مشتركًا فى كل الاتصالات واللقاءات. وأضاف، فى تصريحات، أن الجانب الألمانى قام بالتحضير للمؤتمر منذ فترة، نظرًا للخطر الشديد الذى بات يهدد دول البحر المتوسط ودول جنوب أوروبا، نتيجة تفاقم الأوضاع والنزاع المتأجج داخل ليبيا، موضحًا أن استدامة وقف إطلاق النار فى ليبيا لابد أن يتبعها مسار سياسى شامل يجمع كل الأطراف ويتعامل مع كل جوانب الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية، وهى وجهة النظر التى تتبناها مصر. وأشار إلى أن الأطراف التى تمت دعوتها لمؤتمر برلين، تضم الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن ومصر وسكرتير الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى والجامعة العربية، فضلًا عن عدد من الدول الأخرى، وأن هناك بعض النقاط التى يجب أن يشملها الحل النهائى للمؤتمر لتمثل حزمة شاملة تتعامل مع الوضع، من بين أهم النقاط اقتسام الثروات متمثلة فى الغاز والبترول، مؤكدًا أهمية وجود آلية منضبطة لتوزيع الثروة بشكل عادل بين مؤسسات الدولة الليبية، موضحا أن عائد هذه الثروات يذهب حاليا للبنك المركزى الليبى الذى يخضع لسيطرة بعض الأطراف والذى ليس هناك نصيب لطرف آخر منها. وأوضح أن من بين نقاط الحل أيضا التركيز على وقف تدفق المقاتلين الأجانب لليبيا، لأن مزيدًا من تدفقهم سيزيد الوضع تعقيدًا، مؤكدا أهمية وجود آلية واضحة لحل الميليشيات داخل ليبيا، لافتا إلى أن الجيش الوطنى الليبى هو القوة الشرعية النظامية التى يجب الاعتراف بها كقوة أساسية لحفظ الأمن فى القُطر الليبى، وهو الموقف المصرى الذى أعلن عنه الرئيس السيسى مرارًا فى المحافل الدولية ومختلف اللقاءات، وهو أن مصر لا تتعامل مع ميليشيات أو تنظيمات مسلحة، أيًا كان مسماها أو وضعها على الأرض، وتتعامل فقط مع الجيوش الوطنية النظامية المركزية التى تتبع الحكومة المنتخبة وتفعّل إرادة الشعب. وكشفت وكالة «تاس» الروسية أن المؤتمر سيشهد مقترحا بتقسيم عملية تسوية الأزمة إلى 6 مسارات، مع وضع آلية دولية لتنفيذ مضمونها، وهى: وقف إطلاق النار، تطبيق حظر توريد الأسلحة، استئناف العملية السياسية، حصر السلاح فى يد الدولة، تنفيذ إصلاحات اقتصادية واحترام القانون الإنسانى. وتدعو الوثيقة أيضا لوقف كافة تنقلات قوات الأطراف المتحاربة أو نقل قوات «من أجل تقديم دعم مباشر لتلك الأطراف فى جميع الأراضى الليبية منذ بدء سريان الهدنة»، فى إشارة تشمل على ما يبدو تحرك تركيا لإرسال قوات إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطنى. وفى مشروع البيان، يتعهد المشاركون فى المؤتمر بالامتثال الكامل وغير المشروط لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر الأسلحة، ويناشدون مجلس الأمن فرض عقوبات على البلدان التى تنتهك حظر الأسلحة واتفاق وقف إطلاق النار. ويدعو البيان الختامى إلى إنشاء مجلس رئاسى فاعل وتشكيل حكومة موحدة يصادق عليها مجلس النواب فى ليبيا. كما يدعو إلى استعادة العملية السياسية تحت رعاية بعثة الأممالمتحدة والمشاركة فيها بشكل بناء لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ومستقلة. والتقى ولى عهد أبوظبى، محمد بن زايد، مساء أمس، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فى برلين، حيث عبر عن دعم بلاده لجهود إرساء السلام الشامل فى ليبيا، وقال على حسابه الرسمى ب«تويتر»: «ناقشنا تعميق شراكتنا الاستراتيجية وتعزيز الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط ودعم جهود إرساء السلام بليبيا». فيما قالت قناة ليبيا الإخبارية، إن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى، وصل إلى برلين لحضور المؤتمر. وقال الناطق الرسمى باسم الجيش الليبيى، اللواء أحمد المسمارى، مساء أمس، إن السلام فى ليبيا يمر عبر القضاء على التواجد التركى فى البلاد. وقالت تونس، أمس، إنها رفضت حضور مؤتمر برلين بعد دعوة متأخرة وجهتها ألمانيا لها أمس. وأصدرت وزارة الخارجية المغربية بيانًا، أمس، أبدت فيه «استغراب المغرب العميق لإقصائه من مؤتمر برلين». من جانبه، أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبى، جوزيب بوريل، أن الاتحاد لن يقبل بتهميشه فى الأزمة الليبية. وقال بوريل لمجلة «دير شبيجل» الألمانية إنه «إذا تم التوصل لوقف لإطلاق النار فى ليبيا، فيجب أن يكون الاتحاد الأوروبى مستعدا للمساعدة فى تنفيذه ومراقبته، وربما عبر قوات أيضا، كجزء من مهمة للاتحاد الأوروبى على سبيل المثال». من جانبها، أعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسف»، أن عشرات الآلاف من الأطفال فى ليبيا معرضون للخطر، داعية أطراف النزاع قبيل مؤتمر برلين، إلى التوصل لاتفاق سلام من أجل كل طفل فى ليبيا. بدوره، ادعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن الحل فى ليبيا يمر عبر تركيا. وكتب فى مقال نشره موقع «بوليتيكو» الأمريكى، أمس، أن «أوروبا أقل اهتماما بتقديم دعم عسكرى لليبيا، ومن ثم فإن الخيار الواضح هو العمل مع تركيا التى تعهدت بالفعل بتقديم مساعدة عسكرية». وادعى أردوغان أنه إذا سقطت حكومة السراج فإن الجماعات الإسلامية المتشددة كتنظيم داعش أو القاعدة «ستجد أرضا خصبة للوقوف على قدميها من جديد». واتّهم أردوغان حفتر بالهرب من موسكو وهدد ب«تلقينه درسًا» إذا استأنف القتال.