عميد تجارة عين شمس يطلق مهرجان الإسماعيلية الأول لطلاب الكلية    محافظ الوادي الجديد يلتقي وفد البورصة السلعية لبحث إطلاق بورصة التمور    رئيس أركان الاحتلال من غزة: نستعد لاندلاع حرب مفاجئة.. وحدود القطاع تغيرت    إدارة ليفربول تدعم سلوت بعد انفجار غضب محمد صلاح    إبراهيم حسن: ودية مصر ونيجيريا 16 ديسمبر باستاد القاهرة    الدورى الإسباني.. مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لمواجهة سيلتا فيجو    الأرصاد: منخفض جوي يضرب البلاد خلال أيام.. ودرجات الحرارة لن تصل إلى صفر    حريق يلتهم لنشًا وفلوكة جنوب الغردقة بدون إصابات    بعد أسابيع من الخلافات.. تفاصيل صلح أصالة على زوجها    عمرو سلامة: المناخ الكروي في مصر ينهار والجمهور يبتعد عن الفرق المحلية    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    الأوقاف: جوائز المسابقة العالمية للقرآن الكريم هذا العام الأكبر في تاريخها    الصحة: لا توجد متحورات جديدة من فيروس كورونا.. والإنفلونزا الأكثر انتشارا    وزير الصحة يحسم الجدل حول الفيروس الجديد: كل ما يثار عن وجود تحورات شائعات    نصائح لحماية طفلك من أمراض الجهاز التنفسي المنتشرة حاليا    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    رفقة زوجته.. مصطفى قمر يطرح كليب «مش هاشوفك» | فيديو    ذاكرتى هى النسيان .. ولا أخشى المستقبل    أخبار مصر اليوم.. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    سوريا وفلسطين يتعادلان سلبيا ويتأهلان لربع نهائى بطولة كأس العرب    مصدر مقرب من عمر فرج: علاقته انتهت بالزمالك    والد عروس المنوفية باكيا: لقيت بنتي مرمية على السرير مفيهاش نفس    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    «نقف معها جنباً إلى جنب».. روسيا تحذر أمريكا من التصعيد ضد فنزويلا    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    إخوان أوروبا فى مصيدة الإرهاب    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    وزير الصحة يعلن عن مواقع ترصد الأمراض الوبائية والمعدية في 5500 منشأة طبية    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    دياباتي يبتعد عن التتش.. خلافات مالية توقف تقدم مفاوضات الأهلي    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    محافظ الإسكندرية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف 8 شوارع في حي منتزه ثان    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو المنيريكتب: الاقتصاد الرقمى.. وحروب من نوع خاص
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 02 - 2020

أدت الوتيرة السريعة للتقدم فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال السنوات الأخيرة إلى تغيرات جوهرية فى أساليب ووسائل ممارسة الأنشطة الاقتصادية، ولم يعد التفاعل الإيجابى مع هذه التحولات السريعة من جانب الحكومات والشعوب اختيارا، فقد أصبح الاقتصاد الرقمى واقعا لا يمكن إنكاره ويمثل حجما لا يستهان به من الاقتصاد العالمى.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة يتراوح حجم الاقتصاد الرقمى- بحسب التعريفات المختلفة له- ما بين 4.5% و15.5% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وفى ضوء معدلات النمو المطردة لهذا النوع من الاقتصاد فلا شك أن المستقبل يفتح له ذراعيه.
وتتعدد أشكال المعاملات فى الاقتصاد الرقمى ما بين معاملات تقليدية تتم إلكترونيًا مثل شراء الملابس والسيارات والأجهزة الإلكترونية عبر الإنترنت، وتعاملات إلكترونية بطبيعتها مثل تحميل برامج التطبيقات أو الأفلام والأغانى وكذلك الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى، لذلك ففى أبسط تعريفاته يعرف الاقتصاد الرقمى بأنه الاقتصاد القائم على تكنولوجيا المعلومات.
وقد فضلتُ أن أتحدث- فى هذه المساحة- عن قضية الاقتصاد الرقمى من خلال التوجهات العالمية فلسنا بمعزل عن العالم، وسوف أعرض لما حدث مؤخرًا بين فرنسا وأمريكا من حرب من نوع خاص أسميها «الحرب الضريبية» أو الصراع على أحقية كل دولة فى فرض الضريبة على الاقتصاد الرقمى.
وقد يتساءل البعض عن أهمية إخضاع الاقتصاد الرقمى للضرائب؟ لكن هناك عدة أسباب- ردا على هذا السؤال- أهمها:
أن عدم فرض الضرائب سواء كانت ضريبة دخل أو قيمة مضافة على الاقتصاد الرقمى يعنى عدم العدالة فى المنافسة بين الشركات حيث تدفع الشركات التى تمارس أنشطة الاقتصاد الرقمى ضرائب أقل من الضرائب التى تدفعها الشركات التقليدية. ووفقًا لتقديرات المفوضية الأوروبية فإن معدل الضريبة الفعلى على أرباح الشركات التقليدية فى الاتحاد الأوروبى يصل إلى 23% بينما تدفع شركات الإنترنت ضرائب بمعدل لا يتجاوز 9% عن أرباحها فى المنطقة.
كما أن فقدان العدالة يحدث أيضًا بين شركات الاقتصاد الرقمى ذاتها فالشركات المنشأة فى الدولة تخضع أرباحها للضريبة بينما الشركات التى تحقق إيرادات فى نفس الدولة ولكن مقرها فى الخارج لا تدفع ضريبة.
- كذلك فإنه ينتقص من حق الدولة فى تحقيق إيرادات ضريبية مستحقة وضرورية للإنفاق على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وغيرها.
وقدرت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية الخسائر الناتجة عن التهرب الضريبى الدولى وعدم تطبيق الاقتصاد الرقمى فى 2015 بما يصل إلى 240 مليار دولار وبما يعادل 10% من ضريبة أرباح شركات الأموال فى العالم.
وعودة إلى الحرب الضريبية التى بلغت ذروتها عندما حاولت فرنسا فى يوليو 2019 التغريد خارج السرب واستبقت جهود المجتمع الدولى للتوصل إلى اتفاق جماعى وقامت بفرض ضريبة على الخدمات الرقمية DST التى تُقدمها شركات التكنولوجيا بمعدل 3% من الإيرادات التى تحققها تلك الشركات عن نشاطها فى فرنسا إذا تجاوزت إيراداتها على مستوى العالم 750 مليون يورو سنويًا ومن بينها 25 مليون يورو على الأقل تحققها الشركة من أعمالها فى فرنسا على أن يكون تطبيق تلك الضريبة بأثر رجعى بداية من 2019 وكان من المتوقع أن تحقق عائدا للخزانة الفرنسية بواقع 400 مليون يورو سنويا. وشجع ذلك عددا من الدول مثل المملكة المتحدة وإيطاليا وغيرها أن تحذو حذو فرنسا.
ولأن هذا القرار يستهدف فى الأساس شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة اتهمت الإدارة الأمريكية فرنسا «بالحماقة» وهددت بفرض ضريبة جمركية تصل إلى 100% على ما قيمته 2.4 مليار دولار من السلع الفرنسية.
وبعد الكثير من الشد والجذب والتهديدات المتبادلة، أعلن مجلس الشيوخ الأمريكى فى 21 يناير الماضى عن التوصل إلى اتفاق بين الحكومتين الفرنسية والأمريكية مفاده تعليق العمل بهذه الضريبة ومنح فرصة للتفاوض مرة أخرى انتظارا للتوصل لإجماع دولى.
وكانت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية قد أصدرت بيانا فى 31 مايو من العام الماضى أعلنت فيه موافقة المجتمع الدولى على خارطة طريق لحل التحديات الضريبية الناشئة عن التحول إلى الاقتصاد الرقمى، والتزامه بمواصلة العمل من أجل التوصل إلى حل طويل الأجل قائم على الإجماع بحلول نهاية عام 2020.
ويقوم هذا الحل على دعامتين: أولا: تحديد الدولة التى يحق لها فرض الضريبة وعلى أى أساس (nexus)، وثانيا: تحديد قدر الأرباح الذى يخضع للضريبة فى كل دولة («Profit Allocation»). وتم طرح عدد من المقترحات فى هذا الصدد تجرى المشاورات بشأنها للوصول إلى اتفاق دولى قبل نهاية هذا العام. من هذا المشهد يتضح لنا أن التعامل مع فرض ضرائب على شركات الاقتصاد الرقمى لابد أن يكون فى إطار دولى وليس بإجراءات أحادية. وعودة إلى مصر فإذا أردنا أن نكون جزءا من التطور العالمى الذى لا ينتظر أحدا فلابد من توفير بنية تحتية تكنولوجية تساهم فى مواكبة التطورات المحيطة بنا من كل جانب، وقد بدأت مصر بالفعل فى التوجه نحو رقمنة التعاملات الحكومية وربط المصالح بنظام إلكترونى.
وفيما يتعلق بالضريبة على الاقتصاد الرقمى- وفى ضوء ما أشرنا إليه من أن تحديات تطبيق هذه الضريبة تعد مشكلة عالمية- فإن اتخاذ إجراءات تتوافق مع المجتمع الدولى هو الاتجاه الأنسب، ولحين التوصل إلى هذا الإجماع الدولى على الحكومة والجهات المعنية فى مصر القيام بعدد من الخطوات استعدادا لتطبيق الضريبة من خلال:
التواصل مع المنظمات الدولية المعنية، خاصة منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والمساهمة فى فعالياتها وتبادل الأفكار معها، خاصة أن مصر من الدول الموقعة على الاتفاقية متعددة الأطراف لمكافحة التهرب الضريبى الدولى.
- جمع البيانات المطلوبة عن أنشطة الاقتصاد الرقمى فى مصر ووضع قواعد بيانات علمية لحجم الأنشطة وطبيعتها ومعدلات نموها.
- دراسة التعديلات المطلوبة فى التشريعات المصرية فيما يتعلق بتحديد حق الدولة المصرية فى فرض الضريبة على هذا النشاط وحق الإدارة الضريبية فى الحصول على المعلومات وكذلك الحوافز المطلوبة لجذب الشركات العاملة فى مجال الاقتصاد الرقمى.
ختاما: نؤكد أن كافة التوقعات تتفق على استحواذ الاقتصاد الرقمى على غالبية التعاملات الدولية والمحلية فى المستقبل القريب، ولأننا جزء من العالم فلا مفر من العمل مع المجتمع الدولى حتى نتمكن من تشجيع النشاط الاقتصادى الرقمى وفى نفس الوقت الحصول على نصيب مصر العادل من الضرائب عليه، وهو ما سوف يحتاج إلى استعداد تام يؤهل مصر للتواجد على الساحة العالمية بشكل لائق.
* خبير الضرائب الدولية ونائب وزير المالية السابق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.