من كان منكم يفهم سر الدعوات إلى الحكم العسكرى فليخبرنى.. ومن كان منكم يعرف أننا ذاهبون إلى انقلاب فليدلنى.. فى الأيام القليلة الماضية سمعنا وقرأنا عن دعوة «هيكل» بتولى المشير طنطاوى مقاليد الحكم.. وفى جمعة أمس الأول، أعلن متظاهرو النصب التذكارى عن 100 ألف توقيع، تطالب المجلس العسكرى بالاستمرار فى حكم البلاد.. والبعض تحدث أيضاً عن تجربة سوار الذهب! فى مصر أربعة أصناف للمتظاهرين.. الأول: أصلى فى ميدان التحرير، وهو الذى يعبر عن الثورة.. الثانى: فى «مصطفى محمود» يؤيد الرئيس المخلوع، من جماعة «آسفين يا ريس».. ولا يوجد فارق كبير بين «آسفين» و«إسفين». الثالث: فى منطقة المنصة لدعم المجلس العسكرى.. الرابع: فى ماسبيرو، هدفه دعم الأقباط، وتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، أو الدفاع عن حرمة الكنائس! يهمنى هنا فرقة المنصة والنصب التذكارى.. كل جمعة يذهبون إلى المنصة تحت شعار «دعم المجلس العسكرى»، والسؤال: دعم المجلس فى مواجهة مَنْ؟.. ثانياً: ما معنى أن يتحول الدعم إلى دعوة بالحكم، فى حين أن المجلس نفسه قرر أن يترك الحكم لأصحابه، وإقامة دولة مدنية بعد 60 سنة حكم فيها رجال ينتمون للمؤسسة العسكرية.. من أول الرئيس نجيب حتى 25 يناير؟! الدعوة بكل أسف ترسخ لحكم عسكرى، كأنه قضاء وقدر، تتزامن معها دعوة الأستاذ هيكل.. الذى فجر القنبلة ومضى.. ولكنها وجدت لها صدى على الأرض.. تدفع فى سكة الحكم العسكرى، بحجة عدم جاهزية مصر لانتخابات رئاسية، وانتخابات تشريعية.. الجديد أن هؤلاء لم يطالبوا بمجلس رئاسى، وإنما بفكرة سوار الذهب فى السودان.. وهى مسألة تربك الثورة والمجلس العسكرى! الخوف من احتمالات تصاعد وتيرة هذه النبرة.. والخوف أن تكون هذه الدعوة بالون اختبار.. والخوف أن تكون هذه الدعوة قد خرجت من المؤسسة العسكرية نفسها.. والخوف أن تكون مثل بالونات اختبار أخرى، تتعلق بمحاكمة مبارك ورموز الفساد.. والخوف أن تتحول هذه الدعوة إلى قضية رأى عام، تحت وطأة أحداث عنف مثلاً أو اضطرابات أمنية.. ونصبح أمام حكم عسكرى فعلاً! لاحظوا أن المسألة لم تقف عند حد الدعوة فقط.. سواء من «هيكل»، أو من فرقة المنصة والنصب التذكارى.. وإنما تحولت إلى فعل حقيقى.. فهناك من يجمع التوقيعات من مختلف المحافظات، لمناشدة المجلس العسكرى الاستمرار فى حكم البلاد.. وهناك جماعة منظمة تجمع التوقيعات.. ثم تضعها فى سيارة وتنقلها إلى المجلس العسكرى.. إذن الحكاية ليست دعوة، وليست مجرد أمنيات! المثير للدهشة أن اتحاد عمال مصر، الذى لم نسمع له صوتاً، يعود هذه المرة وهو يدعو إلى مليونية يوم 27 مايو القادم، لدعم القوات المسلحة، وقام بتوزيع منشورات تطالب ببقاء القوات المسلحة لحكم البلاد، وليس إدارة شؤون البلاد، لحين تسليم السلطة إلى رئيس جمهورية منتخب، وتطبيق قانون الطوارئ طبقا لما يراه المجلس العسكرى فى مصلحة البلاد، بمنتهى الحزم والقوة! والآن سنكون أمام فعل يشبه الاستفتاء.. وسيكون المجلس العسكرى أمام مطلب ثورى.. وستكون المصلحة العليا للبلاد هى المعيار.. فماذا يفعل المجلس العسكرى؟.. وماذا يفعل المشير أمام مطالب الجماهير؟.. ربما لا يكون أمامه سوى تكرار تجربة سوار الذهب.. فالشعب يريد حكم المشير.. والنخبة المثقفة تعطى الضوء الأخضر.. و«هيكل» يريد تطبيق النظرية «الهيكلية»!