بدأت المفاوضات الفنية لسد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، فى القاهرة أمس، لحل مشاكل التعثر فى المفاوضات بما لا يسبب أضرارا بالغة بدولتى المصب، خاصة مصر التى تعتمد بنسبة 95% من احتياجاتها المائية على نهر النيل ومياهه من الهضبتين الإثيوبية والاستوائية، وأن 85% من هذه المياه تصل إلى مصر من النيل الأزرق الذى ينبع من الهضبة الإثيوبية. ووفقا لمصادر حكومية رفيعة المستوى، عرضت مصر رؤيتها حول إدارة ملف سد النهضة، خلال المفاوضات الفنية الثلاثية، التى بدأت أمس، ممثلة فى الاجتماع التساعى الذى تستضيفه القاهرة فى أحد فنادق التجمع الخامس وفقا لرؤية خاصة تتعلق بإدارة سد النهضة، ومقترحات سنوات التخزين وآليات التشغيل لتقليل الأضرار الناجمة عن المشروع الإثيوبى، وذلك بحضور الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الرى، والدكتور أحمد بهاء الدين رئيس قطاع المياه ومستشار وزير الرى الدكتور هشام بخيت. وأكدت مصادر مشاركة فى الاجتماع أنه تم تسليم كل من إثيوبيا والسودان الرؤية المصرية فيما يتعلق بأسلوب الملء والتشغيل أثناء فترات الفيضان والجفاف وطبقا لحالة الفيضان فى إطار تعاونى وبما يحقق أهداف إثيوبيا وأهمها التوليد المبكر للطاقة دون الإضرار الجسيم بالمصالح المائية المصرية، والتى تؤكد القاهرة عدم المساس بحصتها التاريخية من مياه النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب من المياه مقابل 18.5 مليار متر مكعب للسودان، وفقا لاتفاقية مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان عام 1959، بينما تصل السعة التخزينية للسد 74 مليار متر مكعب. وأوضحت المصادر أن مصر تعتمد فى رؤيتها على أهمية الانتهاء من المفاوضات وفقا لبرنامج زمنى محدد، للتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مشيرة إلى أن الاجتماع يشهد مناقشة رؤية مصر لمستقبل المفاوضات، تمهيدًا لعرض كافة القضايا الخلافية أو التى تم التوافق حولها على زعماء مصر والسودان وإثيوبيا بما ينتهى إلى مناقشة القضايا الخلافية حول المشروع من خلال الزعماء الثلاثة، حيث لا يزال إعلان المبادئ الذى وقعه الرئيسان عبدالفتاح السيسى والسودانى السابق عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا السابق هايلى مريام ديسالين، أحد أوجه الالتزام المشترك بين الدول الثلاث، والذى ينص على الاتفاق الثلاثى حول قواعد الملء الأول والتخزين أمام سد النهضة. وأكد سامح شكرى، وزير الخارجية، أن اجتماع وزراء الرى فى كل من مصر والسودان وإثيوبيا، والتى بدأت أمس لاستئناف المشاورات والمفاوضات حول تنفيذ اتفاق المبادئ الذى تم التوقيع عليه فى مارس 2015 بين الدول الثلاث يأتى بعد انقطاع حوالى عام و3 أشهر، وهى فترة تجاوزت ما كان مقررا، وتركت الأمور معلقة لفترة كبيرة. وقال وزير الخارجية فى مؤتمر صحفى مشترك مع نظيرته الكينية مونيكا جوما: «الأربع سنوات الماضية لم يتم خلالها تحقيق تقدم ملموس فى إطار التوصل إلى اتفاق لتنفيذ ما تم التعهد به فى اتفاق المبادئ من ضرورة التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل السد فى أقرب فرصة». وأضاف: «مصر على استعداد دائم للوصول إلى نقطة توافق بخصوص مفاوضات سد النهضة»، مشيرا إلى ضرورة أن يتم الاتفاق فى أقرب فرصة لأنه ليس هناك مجال لمحاولة أى طرف فرض إرادته على الآخر بخلق واقع مادى لا يتم التعامل معه فى إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق. وشدد وزير الخارجية على أن مصر تؤكد دائما أنها تراعى وتحترم حق إثيوبيا فى التنمية، طالما أن هذا لا يؤدى إلى وقوع أضرار جسيمة عليها، لافتا إلى ما قاله الرئيس السيسى خلال مؤتمر الشباب أمس الأول من أن مصر ستتحمل تحت أى ظرف أضرارا، ولكن التى تستطيع أن تستوعبها وتتعامل معها من الناحية الاقتصادية وتحفظ مصالح الشعب المصرى. وردا على سؤال حول الأضرار التى تتعرض لها كينيا جراء سدود جيبى الإثيوبية، قالت وزيرة خارجية كينيا إن بحيرة تروكانا ( شمال كينيا) من أكثر المناطق حساسية وتضررا بالتغيرات المناخية بسبب سدود جيبى التى دشنتها إثيوبيا على ضفاف نهر أومو، مشيرة إلى أن بلادها تأثرت على المستوى البيئى، وتجلت تلك الأضرار فى بحيرة تروكانا. وأكد شكرى تسلمه رسالة من وزيرة خارجية كينيا موجهة من الرئيس السيسى تتناول قضايا شرق إفريقيا والسلم والأمن فى إفريقيا، مشيرا إلى أنه تم التطرق فى الرسالة لترشيح كينيا لعضوية غير دائمة فى مجلس الأمن الدولى، وأن اجتماعات اللجنة المشتركة ستتم قبل نهاية العام الجارى وستسفر عن نتائج إيجابية وسط تطلع القاهرة لزيارة الرئيس الكينى للبلاد قريبًا.
