في جولات مكوكية داخل 5 مدن صينية، رصدت «المصرى اليوم» التطور الكبير الذي شهدته السكة الحديد، واستخدمنا خلال جولتنا التي استمرت 7 أيام القطار فائق السرعة والطائرة في التنقل بين المدن المختلفة، وذلك لزيارة مصانع تصنيع عربات المونوريل والقطار السريع والمكهرب، والمخطط تصنيعها لمصر بالشراكة مع مصنع «سيماف»، كما تفقدنا مراحل إنشاء خط القطار السريع، وناقشنا المسؤولين الصينيين حول سر نهضتهم، وسمحوا لنا بدخول معمل اختبارات القطار فائق السرعة. خلال جولاتنا كان حال السكة الحديد المصرية موضع نقاش، وتركزت التساؤلات المطروحة والإجابات المتعددة حول كيف يتم إصلاح هذا المرفق الهام، وكذلك تطرقنا إلى التطورات التي شهدتها السكة الحديد الصينية، وكيف أصبحت الأولى عالميا من حيث الأطوال والقطارات الحديثة والسريعة وفائقة السرعة، وكيف نجحت في 25 عاما فقط في أن تتحول من سكة حديد كان وضعها مثل وضعنا في الوقت الحالى إلى شبكة هي الأولى على مستوى العالم، حيث تبلغ أطوالها 170ألف كيلو متر، منها 29 ألف كيلو متر من السكة الحديد المخصصة، وتقوم بتشغيل 5 آلاف قطار يوميا، وتنقل نحو 4 مليارات راكب سنويا، و3،5 مليار طن. خطة تطوير وتحديث شبكة السكك الحديد بالصين بدأت عام 1993، بخطة عاجلة لإصلاح 6 آلاف كيلو متر من الشبكة القديمة المتهالكة، وذلك برفع كفاءتها وتسيير قطارات حتى سرعات 200 كيلومتر كأقصى سرعة، وفى عام 2004، وضعت خطتها المستقبلية لإنشاء 10 آلاف كيلو متر من الشبكة الحديثة القطارات السريعة 350 كيلومتر في الساعة كمرحلة أولى، ولكن هذه الخطة تم تعديلها أكثر من مرة لتصبح 40 ألف كيلومتر حتى 2030، انتهت من تنفيذ 29 ألف كيلو متر منها. الصين لم تقم بالتجربة في خطة مشروعها الجديد، بل اختارت المدرسة الألمانية، قررت العمل معها لإنشاء القطار السريع «300كيلو متر»، وأرسلت نحو 550 مهندسا وفنيا صينيا في مختلف تخصصات السكة الحديد إلى مصنع شركة سيمنز الألمانية، للتدريب والتعلم، واشترطت أن تحصل الصين على حق تصنيع التكنولوجيا الألمانية في تصنيع القطارات السريعة بعد 15 سنة. وفى عام 2004 بدأت التجهيز لمشروع القطار فائق السرعة بين شركات سيمنز الألمانية وسى آرآر سى الصينية لتصنيع العربات، وسى آر سى سى لأعمال بناء الخطوط «الأعمال المدنية»، لتسيير قطار بسرعة 300 كيلو متر «بكين شنغهاى». وبعد أن امتلكت الصين التكنولوجيا والخبرات المدربة والشركات المؤهلة للإنشاء والتصنيع، قامت في عام 2008 بتشغيل القطار بين بكين وشنغهاى، وفى نهاية 2010 فاجأت العالم بتشغيل قطار يسير بسرعة 350 كيلومترا صناعة صينية كاملة، بل إن السرعة القصوى التجريبية للقطار بلغت 487 كيلومترا. وفى عام 2013 أصبحت شركة السكك الحديدية الصينية مسؤولة عن إدارة وتشغيل خطوط السكك الحديدية الصينية، بينما الحكومة مسؤولة عن تنفيذ الخطوط، على عكس ما كان يحدث قبل ذلك، كما يتم مراقبة تشغيل شبكة السكك الحديدية الأطول في العالم والتحكم في مسيرها من خلال مركز تحكم في مقر إدارة الشركة بجانب 18 مركز تحكم آخر موزعة على مستوى خطوط السكك الحديدية الصينية. البداية من مدينة «جينان» التي تبعد 400 كيلومتر جنوبالصين، حيث قمنا باستقلال القطار فائق السرعة،350 كيلومتر/ ساعة، والذى ويتكون من عربات vip وأولى وثانية، وكان الهدف هو زيارة إنشاء خط قطار فائق السرعة بين مدينتى «ريتشاو- لانكو» بطول 500 كيلومتر. وكشف مديرو المشروع بشركة cr14 إحدى شركات ccecc القابضة الحكومية، أن مدة تنفيذ المشروع 3سنوات بتكلفة 53 مليار إيوان، نحو 5،7 مليار دولار، ويتم إنشاء الخط ليعمل عليه قطارات تسير بسرعة 350 كيلومترا، وقامت الحكومة الصينية بتقسيم المشروع على أكثر من شركة لسرعة إنجاز المشروع، وجسم المسار على كوبرى يبلغ ارتفاعه 8 أمتار تقريبا وتزيد إلى 10 أمتار أعلى مسارات السيارات وعزله التام عن جميع المسارات، حيث تم إنشاء أجزاء كبيرة منه على كوبرى معلق، وأيضا توسعة فتحات عبور السيارات، حيث بلغت 60 مترا، فضلا عن التقنيات الحديثة في تثبيت القضبان والفلنكات الخرسانية الحديثة التي تساعد على ثبات سرعة القطار حتى 350 كيلومترا. ومن «جينان» إلى «تانج شان» التي تبعد بنحو 160 كيلومترا شرق بكين، يوجد مصنع تصنيع عربات القطار فائق السرعة، المملوك لشركة crrc. يطبق المصنع الذي يطلق عليه «قدس أقداس الصين» نظاما صارما في العمل، في مقدمته منع التصوير لعدم إفشاء أسرار التصنيع، بالإضافة إلى الالتزام بالأمن والسلامة والانضباط. بدأت جولتنا في المصنع رقم واحد في العالم، والذى وقعت معه الهيئة العربية للتصنيع- مصنع سيماف، اتفاقيتين إطاريتين على هامش منتدى «الحزام والطريق»، تسمح بالتصنيع المشترك لعربات القطار الكهربائى «السلام- العاصمة الإدارية الجديدة» والسريع «العلمين- السخنة» في حال فوز التحالف المصرى الصينى بالمشروع. الملاحظات الأولية أن العنابر يتم التحكم في درجة حرارتها، لأن كل عنصر في القطار فائق السرعة مرتبط بأجهزة حساسة ولا مجال للخطأ، وبعد الانتهاء من تجميع وحدات القطار في غرفة مخصصة ومجهزة بالكمبيوتر، يتم نقل العربات إلى العنبر النهائى، وهو الأهم، ويطلق عليه المكان السرى الذي لا يدخل إليه أحد سوى من لهم حق التواجد، ففى هذا المكان يتم تركيب أجهزة الكمبيوتر، واختبار القطار، ثم نقله إلى سكة الاختبار لمدة أسبوع، وكان أهم الملاحظات أن جميع العاملين صينيون. ويقول «وانج ديو»، نائب مدير مصنع تانغ شان، إن الشركة بدأت تزامنا مع إنشاء السكك الحديدية في الصين عام 1881، وأصبح اليوم لها فروع في أمريكا وتركيا وجنوب إفريقيا وإيران، وتنتج 30% من عربات القطارات في العالم. أوضح أن المصنع أصبح رقم واحد في العالم حاليا حيث نقوم بتشغيل «ثلث قطارات العالم، ونقوم بالتصدير لأكثر من 25 دولة حول العالم» وأنه منذ تشغيل القطارات السريعه قبل 10 سنوات بلغ عدد الكيلو مترات التي قطعتها القطارات أكثر من نصف مليار كيلومتر بدون حادثة واحدة. توجهنا إلى مصنع مدينة «تيانج جين» والمتوقع أن يتم فيه تصنيع عربات القطار الكهربائى لمصر بالشراكة مع الهيئة العربية للتصنيع «مصنع سيماف» وهو يبعد ساعة بالسيارة عن مصنع القطارات السريعة وهو المصنع الذي قام بالتصنيع المشترك ل 212 عربة مكيفة استانلس لمصر في 2015. أثناء جولتنا وجدنا صور علم مصر، وصور تسليم العربات المصرية في مدخل لوحة الشرف الخاصة بالمصنع الذي تبلغ مساحته 160 فدانا، ويتكون من 4 ورش حديثة، والذى دشن افتتاحه في 2015 بتصنيع 212 عربة مكيفة لمصر. ومن «تيانجين» إلى «شونغ» التي تعد أكبر مركز صناعى وتجارى في جنوبالصين الغربى، على مجرى نهر اليانغيسى، وزرنا المونوريل أضخم خط معلق في العالم، إذ يبلغ طوله 100كيلو متر. ويقول مدير مصنع المونوريل، زيا جين، إن مونوريل ينقل يوميا مليون راكب، ويتكون من 10خطوط تغطى المدينة بالكامل، ويستخدم في التشغيل أحدث الأنظمة العالمية، وأنه الأفضل للمدن المزدحمة حيث إنه يقام على كوبرى معلق، كما أنه أرخص من مترو الأنفاق وطاقته الاستيعابية أعلى من الترام. وخلال الجولة التفقدية لاحظنا أن التجربة الصينية في المونوريل اعتمدت على الخبرة اليابانية في تنفيذ المشروع، وبعد ذلك قامت الصين بتطبيق التجربة في تنفيذ بقية مراحل المشروع.