تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    الحصر العددي لانتخابات مجلس النواب الدائرة الأولى في بورسعيد    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 4 مرشحين بدائرة شبين الكوم في المنوفية    جدل بعد تداول محضر يظهر تطابق 4 مرشحين بالدائرة الأولى بالشرقية    إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين في اللجنة العامة بالمحلة    ننشر المؤشرات الأولية لفرز لجان السويس في انتخابات مجلس النواب    ستارمر: زيلينسكى قَبِل أغلب بنود الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    ترامب: تقدم ملحوظ في مفاوضات التسوية الأوكرانية ومبادئ الاتفاق باتت شبه جاهزة    تصريحات مثيرة من جوارديولا على خسارة مانشستر سيتي أمام باير ليفركوزن    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأخيرة تعتبر الأسوأ في تاريخ مدربي منتخب مصر    الحصر العددى للجنة العامة رقم 13 بدائرة قصر النيل والوايلى والظاهر والأزبكية    الفيوم تحتضن مهرجان البيئة وجامعة الفيوم تشارك بفاعلية في الحدث    ريهام عبد الحكيم عن عمار الشريعي: أبوي الروحي وله الفضل في تقديمي للجمهور    عودة "Stray Kids" إلى البرازيل كأول فرقة كيبوب في مهرجان روك إن ريو 2026    سيد معوض: الجماهير لن تنسى صبري ونتائج المدربين هي الحكم    مجلس الأمن والدفاع السوداني: فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات    أخبار نصف الليل| قناة السويس تستعيد أسطول «ميرسك».. وارتفاع أسعار الذهب    خبير مناخ: استمطار إسرائيل للسحب يؤثر على نهر العاصي    عاجل.. قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    قانون العمل الجديد | زيادة سنوية بنسبة 3%.. تعرف على ضوابطها    «كارثة طبيعية» الحلقة 9.. محمد سلام يقرر بيع كليته لمساعدة أولاده    السيد القصير في أول اجتماع لأمانة الجيزة: نشكر اللواء الدالي.. ونؤكد الدعم الكامل لمرشحي الحزب    كوبا تتهم الولايات المتحدة بالسعي للإطاحة بالحكومة الفنزويلية    ثقف نفسك | الأرض تغضب وتثور.. ما هو البركان وكيف يحدث ؟    محمد صبحي: والدي أوصى بسقوطي في معهد الفنون.. وطردني    محمد علي السيد يكتب:.. تك.. هأ هأ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    خمسة لطفلك | كيف تكتشفين العدوى الفيروسية مبكرًا؟    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    ضبط مدير مبيعات وطالب جامعي يديران مركزًا طبيًا غير مرخص في بولاق الدكرور    مصرع طفل دهسه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالعياط    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بيان رسمي.. الاتحاد السكندري: لم ننسحب من نهائي مرتبط السلة    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    بالأرقام.. مؤشرات اللجنة الفرعية رقم 44 بدائرة المطرية محافظة القاهرة    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    بالصور.. جنات تُشعل افتتاح مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي بأغنية "وحشتينا"    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    قمة آسيوية نارية.. الهلال يلتقي الشرطة العراقي والبث المباشر هنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيعة الجميزة
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 04 - 2019

حينما غزا الفاطميون مصر، اتسمت فترة حكمهم فى بدايتها ب«التسامح» تجاه المعتقدات الأخرى، خاصة أثناء خلافة «العزيز بالله»، الذى كانت زوجته مسيحية الديانة، ولها من الإخوة اثنان من البطاركة، أحدهما بالإسكندرية والآخر بمدينة «القدس». واستعان بالعديد من الوزراء من المسيحيين واليهود. أنجب الخليفة من زوجته المسيحية ابنه «منصور»، هذا الذى تولى الخلافة بعد والده، ولُقب ب«الحاكم بأمر الله».
عندما اقتربت ساعة وفاة «العزيز بالله»، كان ولى عهده، ابنه الصبى «منصور»، يلعب فوق شجرة جميز. ويذكر المؤرخ «المسبحى»، صديق «الحاكم بأمرالله» ووزيره، أن الحاكم وصف له كيف تمت بيعته للخلافة، حيث أتى إليه الوزير «برجوان» وهو يلهو فوق الجميزة، وقال: «انزل ويحك، الله الله فينا وفيك». ويقول الحاكم: «فنزلت، فوضع العمامة بالجوهرة على رأسى، وقبّل لى الأرض، وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته… وأخرجنى حينئذ إلى الناس على تلك الهيئة، فقبّل جميعهم لى الأرض وسلموا علىّ بالخلافة».
■ «الحاكم بأمرالله» من أشهر الشخصيات على مدار تاريخ الإسلام السياسى والعقائدى. وهو مادة تاريخية درامية ثرية وخلافية. اختلف عليه المؤرخون، وفقًا لميولهم المذهبية وعقائدهم. حينما تولى الخلافة وهو دون الثانية عشرة من العمر، كان محاطًا بثلاثة من الأوصياء من رجال الدولة، يُسيرون أمور دولة الخلافة ويخمدون حركات التمرد والانشقاق والغزو. بعد أن استقرت الأمور، تخلص «الحاكم» من كل الأوصياء، واغتالهم، واحدًا تلو الآخر. وتولى إدارة الدولة بنفسه، وهو نحو السادسة عشرة من العمر. ثم توالى سفكه للدماء لأهون الأسباب. ليفرض سلطته وهيبته على من استصغروا شأنه. ومن غرائب وعجائب هذا «الخليفة»، يذكر لنا المؤرخ «محمد عبدالله عنان» نقلًا عن «المقريزى» و«ابن خلكان» وغيرهما فيقول:
«كانت خلافته متضادة بين شجاعة وإقدام، وجبن وإحجام، وميل إلى الصلاح وقتل الصلحاء، وكان الغالب عليه الصلاح، وربما بخل بما لم يبخل به أحد قط... وكان جوادا، سمحا، خبيثا ماكرا، ردىء الاعتقاد، سفاكا للدماء، قتل عددا كبيرا من كبراء دولته صبرا، وكان عجيب السيرة يخترع كل وقت أمورا وأحكاما يحمل الرعية عليها... وكان حاله مضطربا فى الجور والعدل، والإخافة والأمن، والنسك والبداعة…».
«كان شغف الحاكم بأمرالله بالليل من أظهر خواص هذه المرحلة الأولى من حكمه. كان يعقد مجالسه ليلًا وكانت القاهرة تبدو فى هذه الفترة بالليل كأنها شعلة مضيئة، وتجرى جميع المعاملات ليلًا». «أصدر الحاكم طائفة من الأوامر والقوانين المدهشة.. كانت تصدر ثم تُمحى بعد قليل وتُستبدل بعكسها، ثم يعاد صدورها وهكذا... فمنع الناس من أكل الملوخية والترمس والجرجير (لأسباب صحية)... وحرم شرب الخمر من نبيذ وغيره،... منع النساء من زيارة القبور، وحظر الاجتماع على شاطئ النيل للتفرج، وحرم لعب الشطرنج... منع النساء من مغادرة دورهن والخروج إلى الطرقات بالليل والنهار...، فاختفى النساء من المجتمع المصرى، وساده الانقباض والوحشة، وأغلقت المتاجر التى تبيع السلع النسوية... وأمر بهدم بعض كنائس القاهرة ونهب ما فيها، ونُفذت الأوامر بهدم كنيسة قمامة (القبر المقدس) ببيت المقدس ونهبها... وفى العام التالى صدر مرسوم جديد بالتشديد على اليهود والنصارى فى لبس الغيار وتقلد الزنار... ويلبسون العمائم السود، وأن يعلق النصارى فى أعناقهم صلباناً ظاهرة من الخشب طول الواحد منها ذراع فى ذراع ووزنه خمسة أرطال، وأن يعلق اليهود فى أعناقهم قرامى من الخشب زنتها خمسة أرطال أيضًا. وحرم على الفريقين معا ركوب الخيل، وأن يكون ركوبهم الحمير والبغال بسرج من الخشب وسيور سود عاطلة من كل حلية، وألا يستخدموا مسلمًا أو يقتنوا عبدًا مسلمًا أو جارية مسلمة، أو يركبوا حمارًا لمكارى مسلم، أو سفينة لملاح مسلم، وأن يحمل النصارى الصلبان، واليهود الأجراس فى أعناقهم عند دخول الحمام. فاشتد الأمر على اليهود والنصارى، وأسلم كثير منهم تجنبًا لهذه المطاردة، ونفى الكثير منهم خارج الديار المصرية، وهُدم كثير من الكنائس والأديار والبيع ونُهبت، وصدر بعد ذلك أمر جديد بهدم كنيسة قمامة (القبر المقدس). وعانى اليهود والنصارى هذه المحنة أعوامًا، وكانت من أشد ما عانوا فى ظل الدولة الإسلامية بمصر. ثم خفت وطأة المطاردة عنهم، وأُطلقوا من بعض قيودهم، وسُمح لهم بتجديد ما درس من الكنائس والبيع، وارتد كثير ممن أسلموا منهم إلى دينه الأول، بيد أنهم لبثوا يعانون آثار المحنة حتى وفاة الحاكم بأمر الله».
■ ويقول المؤرخ «عنان»: «وأما عن عقيدة الحاكم الدينية.. كانت تختلف باختلاف فترات حكمه، ونستطيع أن نصف الحاكم طورا بعد آخر بالتعصب الدينى والإغراق المذهبى، واليقين والتشكك، والإيمان والإلحاد... كان فى أواخر عصره يذهب إلى أبعد مدى من الغلو والإغراق، فيؤيد الدعوة السرية إلى نسخ أحكام الإسلام، وإلى الدعوة بألوهيته وقيامه».
■ خرج الحاكم فى جولة تأمل ليلية بجبل المقطم، فذهب ولم يعد. وبعد أن يوضح «عنان» أننا نستقى أخبار الحاكم من مصادر «سنية المذهب» فقط، متحيزة ضده بالطبع، يختتم كتابه عنه بعد أن وصفه بالطاغية الفيلسوف(!!)، وعدّد بعضا من صفاته الشخصية، من كرم وتقشف وزهد... قائلًا: «والخلاصة أن هذه الشخصية العجيبة التى تقدم إلينا من نواحيها العامة فى صورة مثيرة مروعة، تحملنا من نواحيها الخاصة على الإعجاب والاحترام بما تشف عنه من سمو ونقاء واحتقار للشهوات الإنسانية»(!!). ونسى المؤرخ أن «الحُكم» شهوة من أقوى الشهوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.