د. هالة.. أوقفى هذه المهزلة

المهزلة التى أقصدها هنا هى تلك البرامج الإعلانية مدفوعة الثمن فى معظم قنواتنا الفضائية والتى ترتدى ثوب الإعلام الطبى وهو منها براء.. وقد سبق أن تحدثت وغيرى كثير فى هذا الموضوع ولكن يبدو أن إمبراطورية الإعلان وسيطرة المال أقوى تأثيرا من أى محاولة للإصلاح ولكن ما دفعنى لإعادة المحاولة هو تولى د. هالة زايد مقاليد وزارة الصحة بعد فترة ركود وإهمال دامت عدة سنوات ولثقتى فى مقدرتها على الإصلاح.
من واقع خبرة طويلة فى هذا المجال أستطيع القول بكل أسف إن المجتمع المصرى يعانى من حالة متردية من قصور الثقافة الصحية والتى تؤدى بالضرورة إلى انتشار الأمراض وتفاقمها وحيث إن المهمة الرئيسة لوزارات الصحة فى العالم هى المحافطة على الصحة العامة والحد من حدوث الأمراض قبل علاجها يجىء حديثى اليوم وخاصة مع وجود الأمية وتفشى ظاهرة التواكل بين الكثيرين.
والتوعية الصحية تبدأ من المنزل مرورا بالمدرسة وانتهاء بالإعلام وخاصة المرئى منه وهذا الأخير يعانى اليوم من سيطرة الإعلان وسطوته حيث يلعب المال دورا خطيرا فى اختيار المذيع والطبيب المتحدث ومادة الحديث مع انتشار ظاهرة وجود اسم الطبيب وعنوان العيادة أو المستشفى ورقم الهاتف وهو ما يتنافى تماما مع ميثاق الشرف والأخلاقيات الطبية التى أقرتها نقابة الأطباء، والأدهى من ذلك هو مستوى بعض المتحدثين ومصداقية ما يقولون وأيضا ثقافة المذيع والدور الذى يلعبه للإعلان عن ضيفه والضحية فى نهاية الأمر هو المريض المصرى الذى وضع ثقته فى الإعلام والذى رأيت مدى الجرم الذى يرتكب فى حقه من ابتزاز الأموال الحرام وإجراء تدخلات جراحية بغير سند علمى وخاصة فى مجالات العقم والضعف الجنسى والتجميل وجراحات السمنة وطرق إنقاص الوزن بالإضافة إلى استغلال الدين بصورة مهينة تحت شعار الطب النبوى والترويج لأعشاب وأنواع من العلاج لا علاقة لها بالعلم.
من أجل ذلك أطالب بسرعة تشكيل مجلس أعلى للإعلام الطبى تكون مهمته وضع قواعد صارمة لهذا الأمر تتضمن شروط اختيار المذيعين من حيث الثقافة العامة والطبية وكذلك اختيار المتحدثين وبيان مؤهلاتهم وخبراتهم عن طريق نقابة الأطباء وتخصصهم الحقيقى فقط بعيدا عن أى أمور شخصية كما يمكن قياس رد فعل المشاهدين وملاحظاتهم وأقترح أن يضم المجلس ممثلين عن الأطباء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة مع ممثلى القنوات الفضائية وإعلاميين متخصصين وممثلى النقابات الطبية وبعض الشخصيات العامة ويكون المجلس تحت قيادة وزارة الصحة. إن الأمر جد خطير والمريض المصرى فى خطر والوقاية خير من العلاج.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
drsalahharb@gmail.com