أتوجه بهذا النداء العاجل إلي كل من يهمه أمر صحة المصريين في هذا البلد, حيث إن الممارسة الطبية في مصر هذه الأيام تعيش أسوأ أيامها, وأقول بكل أسي وأسف إن المواطن المصري الذي يمتحن بالمرض يدخل نفقا مظلما لا يعلم كيف ولا متي يخرج منه!. وفي البداية ينبغي تأكيد أن غالبية الأطباء في مصر يمارسون عملهم بمنتهي الجدية والأمانة والإخلاص والتفاني برغم الكثير من الصعوبات المادية والاجتماعية والعلمية التي تواجههم, ولكن هذه مسألة أخري يمكن الحديث عنها في وقت لاحق, ولكني أتحدث اليوم عن مجموعة من المنتسبين إلي هذه المهن الذين يلطخون الثوب الأبيض لهذه المهنة السامية بصور شتي تبدأ بالإهمال الشديد بل التجاهل التام للحديث مع المريض وتنتهي بتصرفات تصل إلي حد الجريمة الكاملة. وحيث إنني أعمل في مجال الأمراض الباطنة والسكر منذ أكثر من35 عاما, فقد لاحظت في الفترة السابقة كثرة الحديث عن استخدام الخلايا الجذعية لعلاج مرضي السكر, وهي التقنية التي لم تعتمد حتي اليوم كعلاج لمريض السكر في أي مكان بالعالم, ولكنها وغيرها من الوسائل الأخري للعلاج تمر بمراحل التجارب الأولي قبل أن يصل البحث فيها إلي نتيجة محددة, ولكني لاحظت أن عددا من المرضي وغالبيتهم من الدول العربية يأتون إلي مصر بناء علي إعلان علي شبكة الإنترنت بتوافر هذا العلاج في إحدي العيادات الخاصة في منطقة المنيل بالقاهرة, وتبين أن هذا المركز يقوم بحقن المريض بما يدعيه خلايا جذعية لعلاج أمراض أخري غير السكر وبصورة تتنافي تماما مع أخلاقيات المهنة وآدابها. وعلي الجانب الآخر من الصورة القاتمة نجد قنوات فضائية تفتح ذراعيها لأحد الصيادلة يتحدث بمنتهي الثقة عن العلاج الناجع والشافي من كثير من الأمراض ومنها السكر باستخدام خليط من الأعشاب ابتكره صاحبنا في غفلة من الأجهزة الرقابية لكي يجني الأموال الطائلة من مرضي يبحثون عن أمل الشفاء بأي ثمن. من المسئول عن هذه الجرائم والفضائح التي تمس مهنة الطب والأطباء في مصر؟ وأين الجهات الرقابية في وزارة الصحة؟ وأين دور نقابة الأطباء الذي تاه في بحر السياسة وأصبح في أمس الحاجة إلي تصحيح المسار نحو رفع مستوي المهنة والتخلص من هذه النماذج التي تسيء إلي الطب والأطباء؟. إننا ونحن نخطو خطوة جادة نحو مستقبل جديد ومشرق نأمل أن يحظي ملف الممارسة الطبية, والثقافة الطبية, بالاهتمام الذي يتناسب مع خطورة الأمر.. إنها صحة المصريين أغلي ما تملكه مصر, وهي لا تحتمل أنصاف الحلول.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد. د.صلاح الغزالي حرب