اذا فكر المرء قليلا فى اسباب سقوط الامة الاسلامية سيجد اول ما يجد توقف الاجتهاد وانتشار التقليد والمذهبية وعدم قدرة المسلم على معرفة احكام دينه الا من خلال اقوال العلماء والتى هى نفسها متضاربة ومتناقضة ولا يجد طريقة للاتباع الا ما توصلوا هم اليه من تحكيم الهوى والظن فهم قالوا لعوام المسلمين اذا اختلف العلماء اتبع ما شئت من اقوال يعنى اتبع هواك وظنك وما تميل اليه وما جرهم لهذا الا كثرة الاختلافات بعد القول بالقياس والراى والتقليد آفة الامة هو القياس الذى اقسم ابليس ليضلن بنى آدم به وقد فعل اضل الفلاسفة بالقياس واضل الفرق المبتدعة من الجهمية والمعتزلة بالقياس ثم هو اخذ يزحف على اهل السنة ببطء كالافعى حتى افسد عليهم فقههم بالقياس وكانت النتيجة سقوط الامة لانها فقدت الصلة بدين الله حين فتح لها باب واسع لاتباع الهوى والظن حتى انفصلت نهائيا عن شرع الله كما انزله الله واليوم السلفيون يريدون عودة الحكم الاسلامى بنفس الطريقة التى سقط بها هذا الحكم وهو القول بالظن والقياس والتقليد والتمذهب ولان كل ذلك لا ينتج يقينا فترى فيهم التعصب والعصبية التى لا تراها الا فيمن فقد اليقين بما يدعو اليه فى نفس الوقت الذى تدعو فيه السلفية الى التقليد حتى لا تتوسع الاختلافات وهى سبب الدعوة الى توقف الاجتهاد بعد الامام احمد تراهم قد ازدادو خلافا وما من مجموعة سلفيين الا وترى كل واحد منهم قد خالف صاحبه كيف وقد شرعتم التقليد حتى تأتلف القلوب لماذا لا نراهم كما نرى الشيعة او الصوفية قطعانا من الخرفان تسير خلف قائدها ان يمينا فيمين وان يسارا فيسار ؟ لان اصول اهل السنة لا تنص على التقليد كما نصت اصول الشيعة والصوفية ولان التقليد فى اصول اهل السنة الصحيحة محرم وليس مشروعا اصلا ولهذا هم خالفوا اقوال العلماء المتأخرين الذين جاءوا بعد احمد بن حنبل رحمه الله واتبعوا اهل السنه الاوائل الذين دعوا الى الاجتهاد والتفكير وان مناط التكليف فى الانسان هو العقل ولن يحاسب انسان بالنيابة عن انسان اخر لن يحاسب احمد او مالك او ابو حنيفة نيابة عمن اتبعوهم اتبعوا قول مالك رحمه الله كل انسان يؤخذ منه ويرد عليه الا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم ولكن المعضلة ما زالت موجودة صحيح ان التفكير فريضة اسلامية ولكن النتيجة اختلافات موسعة فاين الخلل ؟ الخلل فى المنهج الذى انبنى عليه التفكير الخلل فى القياس الذى كاد ان يكون من اصول اهل السنة وهو من اصول ابليس لعنه الله الخلل فى القول بالراى وتعقل الاحكام لا النصوص ما الفرق بين تعقل الاحكام وتعقل النصوص ؟ تعقل النص مثل ان انظر فى قوله صلى الله عليه وسلم ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) عقلى وعقل كل عاقل سيدرك ان كل مسكر حرام رغم ان الرسول لم يقل ذلك نصا وانما العقل يوجب ان يخرج بهذا المعنى من النص لا شك اما تعقل الحكم فكما يفعل علمانى مارق عن الاسلام فيقول ولماذا الخمر حرام ما علاقة الدين بالاكل والشرب فهذا قد اتبع ابليس حتى اخرجه من الملة او كما يفعل اهل القياس فيقول ما علة تحريم الخمر انه ذهاب العقل اذا فالشرع يشرع للحفاظ على العقل اذا كل ما يضر العقل محرم وان لم ينص عليه ثم هو يحدد من عنده ما يضر العقل وما لا يضره وقد يهيأ لسلفى ما ان القهوة تضر العقل فهى حرام او ان الشاى يضر العقل فهو حرام وهذا ليس بعيدا فقد ذهب صاحب شرح منتهى الارادات الى تحريم القهوة لكونها تشرب فى نصف الكوب مثل الخمر !!! فاتبعوا ابليس فى النظر فى الحكم صحيح ليس لدرجة المروق من الاسلام ولكن لدرجة افساد طريقة الاتباع التى ادت الى سقوط الامة بالاختلاف والتشرذم لا علاقة لنا بعلة التحريم او التحليل وانما معرفة ما هو حرام وما هو حلال نصا لا عقلا ولا علة ولا رايا وبذا وحده يستقيم المنهج وتستقيم احكامنا ونادر ان وجدت خلافا ين اتباع هذا المنهج وهم اهل الظاهر الذين عصمهم الله من الوقوع فى هاوية الاختلاف ولهذا ابليس اراد ان يصد الناس عن هذا المنهج الربانى من خلال امور لا علاقة لها بالمنهج مثل ان بن حزم اشهر علماء الظاهر كان يتحدث بطريقة غير لائقة عن ابى حنيفة والشافعى ومالك فهذا وحده كفيل عندهم بدرء المنهج كله دون اطلاع عليه ذلك المنهج هو منهج اهل السنة الاوائل الذين عصمهم الله مما اوقع فيه الفرق الضالة التى استمعلت عقلها فى معرفة الله وفى معرفة اصول العقيدة فالجهمية والمعتزلة وغيرها من الفرق كانت تستعمل العقل فى معرفة اصول العقيدة الاسلامية مما اوقعها فيما وقعت فيه اما اهل السنة فلم يستعملوا العقل فى معرفة اصول العقيدة الاسلامية واكتفوا بالنص حتى ان مالك مثلا حين ساله احد الناس عن طريقة استواء الله على العرش قال قولته المشهورة الاستواءمعلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة اخرجوا هذا المبتدع لقد انكر على الرجل استعمال عقله خارج النص وما هو بالعقل وانما هو استعمال الخيال فى معرفة عقيدة منصوص عليها وليس فى امكان العقل تصورها لاننا لم نر الله عزوجل ولن نعرف كيف يستوى على عرشه فالعقل يحكم على ما يراه ويلمسه فلماذا استعمل اهل السنة تلك الطريقة الربانية فى الاصول ولم يستعملوها فى الفروع مما جرهم الى ما جرهم اليه من الاختلاف والتشرذم كان اهل السنة فى الوسط بين المعتزلة والجهمية وهم الذين استعملوا عقولهم فى معرفة اصول العقيدة وبين الشيعة والصوفية وهم الذين الغوا العقل بالكلية واتبعوا الهامات وكرامات المشايخ التى يوحى اليها من عند الله اما اهل السنة فاتبعوا كتاب الله بالعقل فلم يلفظوا الكتاب كما فعل الجهمية والمعتزلة ولم يلفظوا العقل كما فعل الشيعة والصوفية كان ذلك فى الاصول اما فى الفروع التى هى الاحكام فقد كانت هى المدخل الذى استطاع ان يدلف منه ابليس الى اهل السنة المتأخرين وهؤلاء هم المثال الذى يحتذى به سلفيى هذا الزمان فهم لا يريدون العودة الى ما كان عليه صحابة رسول الله وانما يريدون العودة الى عصر ما بعد المذاهب حيت انقسم العلماء الى اربعة مذاهب وقرروا غلق باب الاجتهاد واصلوا اصولا فقهية ما انزل الله بها من سلطان وتعصب كل منهم لشيخه ومذهبه وتفرقوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون فسقطت الامة وسقط الحكم الاسلامى وانا لله وانا اليه راجعون فاذا اراد السلفيون ان يعودوا الى عصر ما بعد المذاهب ويحكموا بتلك الطريقة فلن يستمر حكمهم اياما معدودة لانهم ليسوا كالشيعة والصوفبة يتبعون الشيخ بلا عقل وانما يفكرون فيختلفون فيتشاجرون فيحدث الشقاق والنزاع الذى لا يبقى دولة موحدة على حالها ولهذا اما ان يصلحوا من منهج التفكير ويطرحوا الاصول القياسية الابليسية واما ان ينتهجوا منهج الشيعة وهو تحريم التفكير الا على الشيخ الملهم وحده ومن ثم تختاروا شيخا واحدا يكون كالمرجع الاعلى او كالبابا فتسيروا خلفه فى صمت كصمت الخرفان