مصر للتأمين تفتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي لعام 2025    أردوغان خلال مباحثات مع الشرع: نرفض العدوان الإسرائيلي على سوريا    أردوغان خلال لقاء مع الشرع: احتلال إسرائيل وعدوانها على الأراضي السورية أمر غير مقبول    ترانزيت محلي.. موعد مباراة بيراميدز القادمة بعد التعادل مع صن داونز    وزارة الأوقاف الأردنية تحتفي بوداع حجاج المملكة إلى الديار المقدسة    من سب شرطي مرور للشروع في قتل زميله.. "طفل المرور" يعود من جديد    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    الثقافة بالجيزة تنظم يوما ثقافيا ترفيهيا لمرضى السرطان    رئيس الوزراء يتابع أعمال تطوير ورفع كفاءة محور 26 يوليو ويتفقد مشروع جنة 4    أسعار الفراخ البلدي تتراجع 5 جنيهات اليوم السبت (آخر تحديث)    محافظ الإسماعيلية ووزير الرياضة يشهدان لقاء القيادات الشبابية بمعسكر القرش (فيديو وصور)    النزول من الطائرة بالونش!    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    تعرف على أسعار حجز الأضاحي بمنافذ الزراعة    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    البابا لاون يلتقي موظفي الكرسي الرسولي    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    راموس يمهد الطريق.. هل ينضم رونالدو إلى مونتيري في كأس العالم للأندية؟    جامعة أسيوط: متابعة ميدانية لمطاعم المدينة الجامعية للطالبات للتأكد من جودة الوجبات    محافظ قنا يُكرم الشقيقين «أحمد وهبة» لفوزهما بجائزة الدولة للمبدع الصغير    نواب يشيدون بتعديلات قوانين الانتخابات: خطوة نحو برلمان يعبر عن كافة فئات المجتمع    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    أزهر كفر الشيخ يختتم أعمال تصحيح الشهادة الابتدائية وجار العمل فى الإعدادية    مغادرة الفوج الأول لحجاج الجمعيات الأهلية بالبحيرة للأراضي المقدسة    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    موقع سفر: المتحف المصرى الكبير نقلة نوعية فى السياحة الثقافية لعام 2025    ماجد المصري يُقبل "يد" هيفاء وهبي بحفلها في دبي (صور وفيديو)    الشامي وتامر حسني يُفرجان عن أغنية "ملكة جمال الكون"    داليا مصطفى: لا أحب العمل في السينما لهذا السبب    متحف الحضارة يستقبل وفداً رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني    إسماعيل ياسين وشادية.. ثنائي كوميدي أثرى السينما المصرية    القارئ السيد سعيد.. صوت من السماء حمل نور القرآن إلى القلوب | بروفايل    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    استخراج موبايل من معدة مريض في عملية نادرة بالقليوبية    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصادفة صاحبة الجلالة فى الحُب
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 09 - 2017

المُصادفة، التى هى الاسم الآخر أو المُستعار للعناية الإلهيَّة، هى لِقَاءٌ رُوحىٌّ محمول على التلذُّذ والذوق مِنْ غَيْرِ مَوْعِدٍ وَلاَ قَصْدٍ، ولا سبب مُحدَّد، رتَّبتْه السَّماء، ودبَّره القدَر، ورعَتْه المشيئة، وسَقَتْه النفس النقية العالية التائقة إلى الحُب.
مقالات متعلقة
* اللهم امنع عنَّا خُسوف المرأة- القمر
* لا مُصيبةَ أعظم من الجهل بالحُب
* كانت فى الأصل إلهةً تُعبد
المصادفة فى الحُب هى الآن والآتى فى عليائه، وهى مطر السماء الذى تنتظره أو لا تنتظره، هو الذى يسقى أرضك العطشى، الباحثة عن طوق نجاةٍ، كى لا تتيبَّسَ وتجفَّ عظامها وتهرم على عُودها، وتموت كأى شجرةٍ وحيدةٍ.
لكنَّ المُصادفة- وهى ليست عمياء بالمناسبة، بل حادَّة البصر والبصيرة- لا تأتى إلى غبىٍّ، فهى تحتاج إلى مَن كان صاحبَ قلبٍ جامحٍ صافٍ، وذهنٍ مُتَّقد، ونفسٍ عارفة، تقبل الهدية الإلهية ولا ترفسُها بقدميها فى نوبةٍ من نوبات العتَه والاستغناء، الذى لا طائل من ورائه ولا جدوى.
والمُصادفة- عندى- هى حُلم مُتكرِّر وتنبؤ يصدقُ، وهى نوعٌ من الكرَامات والخوارق التى لا تتكرَّرُ، ولا تأتى اعتباطًا، لأن الحواسَّ لا تخدعُ، ولا تعرف الكذب، (ألَا ربما أعطتك صادقةَ المُنى مصادفةُ الأحلامِ من حيثُ تكذبُ- مهيار الديلمى، توفى 428 هجرية/ 1037 ميلادية)، لذا هى تُفرِّق بين المُصادفة والمُحاوَلة الكذُوب للتقرُّب والرغبة العارضة الطارئة، التى لا عشقَ فيها، فالمُصادفة هديةٌ ل«الحُب الحقيقى» المملوء صفاءً وهناءً وحياةً وأملاً، ثم تتبع هذه الحال الحاصلة مشاهدات ومُكاشفات، هى غاية مطالب المُحب ونهاية ثمرة القُرب والعشق. والمُصادفة تاجٌ لرُوحيْن انتظرا طويلا، وهى نهاية الرحلة، وخاتمة المطاف الحياتى لاثنين حلَّا فى جسدٍ واحدٍ من فرط ما بينهُما من عشقٍ، لأن الشمس تكسفُ حُزنًا على فِراقٍ أو كذبٍ فى العِشق، وكذا يخسف القمر ألمًا لقلبٍ مهجُورٍ أو مكسُورٍ يحتاج وصلَ وجبرَ مَن عشقَهُ.
وقلبى لا ينكرُ المُصادفة ولا الكرامة، ولا يمكن إلغاؤها أو الاستغناء عنها والعيش بدونها، ففيها لذَّة ومُفاجأة: «رمية نرْدٍ لن تلغى المُصادفة أبدًا- ستيفان مالارميه 18 من مارس 1842، 9 من سبتمبر 1898 ميلادية»، بل أحيانًا أرانى ابنهما، ففى المُصادفة سببٌ صغيرٌ يؤدِّى إلى نتيجةٍ عظيمةٍ، وما شُفتُ وقرأتُ فى تاريخ المتصوفة وأهل العِشق يجعلنى أكثر إيمانًا بذلك، مع تأكيدى أن المُصادفة- وهى قويةٌ كُل القوة- لا تذهبُ إلى سائر الخلق، بل هى ما تختار مَن تراه لائقًا بها وفى حاجةٍ إليها، كما أنها هى الأخرى عليها أن تقتنع وتقرَّ بحال المُحتاج والمنتظر لها، وفى النهاية تصل إلى اليقين والكمال المُطلق، بعد طُولِ سُؤالٍ وبحثٍ للوصول ثم الوصْل.
كان فولتير (21 من نوفمبر 1694- 30 من مايو 1778 ميلادية) يُسمِّى المُصادفة- أو الحظ- «صاحبة الجلالة»، فهى «الالتقاء المُتزامن لواقعتيْن لا يوجد بينهما رابطٌ، وإن كان لكلٍّ منهما سببه».
وإذا كان كلوسفتز (Clausewitz)، فيلسوف الاستراتيجيا، يقول إنه: «لا يوجد نشاطٌ إنسانىٌّ يرتبط أكثر وبشكلٍ أساسىٍّ وعلى نحو كاملٍ وكونىٍّ بالمصادفة كالحرب»، فأنا سأستبدل بالحرب الحُب، لأن دنيا الحُب قامت على المُصادفات، كما أن الحياة والتجارب علَّمتنا أن الحُبَّ له الغلبةُ على الحرب.
وإذا اعتُبرت المُصادفة خليةً واحدةً، فإن الإنسان سيتحرَّك داخلها بحُريةٍ واسعةٍ لا قيد فيها ولا حدّ، حتى يصل إلى تحقيق حُلم الحُبِّ الذى يراه فى مناماته، وينتظره بشغفٍ نادرٍ لا مثيل له فى سمواته العُليا.
والأهم فى الحُبِّ ألا نتوقف عن الحُلم والسَّعى والسَّفر والسُّؤال والذهاب نحو ما نراهُ مُستحيلا، أو صعب المنال والإمساك به.
وحدها المُصادفة- التى لم يكُن من المُمكن توقعها أو تكرارها- تذهب إلى أهل الأرواح الشفيفة دُون تقصُّدٍ أو تعمُّدٍ أو حتى انتظارٍ، وتلقى نفسها فى حِضْن أهل الهوى، وهى لا تسير إلا على قدميْن ثابتتيْن عارفتيْن، فأجمل الحُب وأصدقه ما كان عفْويًّا فى وقوعه، وطبيعيًّا فى حدوثه وحدُوسِه وأمله.
والمصادفة تبحثُ عمَّا تبحث عنه أنتَ لتجده أمامك ينتظرك، فما تبحثُ عنه هو بالتأكيد يبحثُ عنك، وما تريده منذ بدء مسيرتك تتآلفُ وتتكاتفُ السَّماء والأرضُ معًا لتُحقِّقاه لك، شريطة أن تكون نورانيًّا فى رُؤاك وسلوكك ونظرك إلى العالم ولمَن حولك من أقرباء وغُرباء، ولديك أملٌ، لأن المُصادفةَ لا تذهبُ أبدًا لمَن فى قلوبهم حسدٌ أو حقدٌ أو حرُوب صغيرة.
والمُصادفة قد تغيِّر حياة الإنسان كاملةً، وتمنحه ما لم يكُن يطمح إليه، أو يحلم به، أو تُعطيه أكثر من توقعه.
أنا لا أقول إنَّ المُصادفة- التى تقبلها الفطرة السليمة- تخلُق الحُب، ولكنها تمنح الفُرصة ثانيةً لرُوحين كانتا متحدتين فى زمنٍ ما سابقٍ، وقد آن الأوان أن تلتقيا مرَّة أخرى لتتحدا، وتُكملا دورة العِشق، فالرُّوح هنا ترى ما لا يراه الآخرون، والحَدْس رَاءٍ، وهو أعلى من عينى الصقر، والعاشق لا يمنح ذاته إلا إذا شاف وعايَن ورأى ونظرَ بعُمقٍ إلى رُوح مَن صادَف وعشِقَ، وبما لديه من حِسٍّ شفيفٍ، وحدْسٍ مدهشٍ، ومعرفةٍ بالباطن، ومن ثَمَّ يرى مَن يحب ولو كان على بُعد عشر سمواتٍ، إذ يتحد بمَن يهوى ويحِلُّ فيه.
لا وصُولَ بين العاشق والمعشُوق وكفى، فدائمًا هناك أملٌ ووصولٌ جديدٌ مادام هناك وصْلٌ لا ينقطع ولا تتمزَّق أو تبلَى أوصاله، فكلما وصل ابتدأ الرحلة ممَّا قبل الحركة.
مع الأخذ فى الاعتبار أن التحفُّظ والحذر لا يصلحان للحُب، إذ هُما يؤخرانه ويخذلانه ويقصُّان جناحىْ طائره.
فى ليل المُصادفات تسكن النفس منازلها بنور البصيرة، (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا)، لكنَّها لا تهدأ، بل تبدأ عملها فى الحركة الدائبة قلبًا ورُوحًا وحواسّ، والأخيرة صيغة مُنتهى الجموع ممنوعة من الصرف، لكن لا يصرفها إلا المُحِبُّون فى ليلهم القصير، مهما امتد وطالت أوقاته، إذ هى تمرُّ كلمح البصرِ يمينًا أو يسارًا.
ففى الليل- بعد وقوع المُصادفة وحدوث العِشق وحدُوس الرُّوح- تتوهج الحواسُّ، وتكتمل وتشحذ حدودها، وتتناغم وتتكامل فى دوائر متشابكةٍ متعانقة، ومثلثات مُتداخلة لا تعرف الزوايا الحادَّة المدبَّبة، بل تصير أكثر مرونةً وليونةً وطواعيةً وأملًا، بحيث تكون الهيمنة للكُنوز التى يحملها البستانُ فى أشجاره وعرائشه، وساعتها تكون هذه الكنوز- التى تحملها شجرة المحبُوب- ليس كمثلها شىء، كأنَّ الجسد قد زُيِّن بمصابيح، أو زُيِّن بزينة الكواكب (جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، لأنه يتخلَّص من شغل الرُّوح ومن أعباء النهار، وكذا الدنيا تتخلَّص من حرارتها بالانخفاض، بينما تعلو حرارة النفس والروح والجسد، وتلك الحرارة هى ما يُعوَّل عليه فى العشق، ف«كل شوقٍ يسكنُ باللقاء لا يُعوَّل عليه» كما قال محيى الدين بن عربى، ويصير البُستان- الجسد أرضًا ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾.
[email protected]
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة
text


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.