معصرة يونس زارع العتيقة.. الزيوت تتحدى الأمراض

تخطى عمرها 200 سنة، ولاتزال تعد أحد أبرز معالم مركز قوص بقنا، حيث تحتفظ بعبق الماضى وسط الحارات الضيقة.
إنها معصرة الحاج «يونس زارع» للزيوت، والتى لاتزال تستخرج الزيوت بطريقة بدائية، والتى يستخدم بعضها فى العلاج خصوصاً حبة البركة، ومن ثم تحولت من مجرد معصرة لإنتاج الزيوت إلى معصرة تاريخية، إلا أن شبح الاندثار يخيم عليها بسبب ندرة العديد من البذور التى يتم عصرها لاستخراج الزيوت منها.
يقول محمود يونس، 70 عاماً، أحد أبناء الحاج يونس صاحب المعصرة الذى توفى وترك لهم هذه الصناعة، إن هذه المعصرة تاريخية لقدمها، حيث تعتمد على البذور والنباتات فى إنتاج الزيوت كبذرة الكتان والجرجير والسمسم والزيتون والخس والقرطم، مشيراً إلى أن هذه الصناعة محلية، وكان يوجد ما يقرب من 14 معصرة زيوت فى مختلف قرى مركز قوص وكان يحظر على أصحاب العصارات عصر زيت الكتان منذ بداية إنشاء العصارات إلا بموافقة من الحكومة ممثلة فى وزارة التموين.
وأضاف «يونس» أن جميع العصارات بالمركز أغلقت ولم يتبق سوى هذه المعصرة التاريخية بقنا لإنتاج الزيوت، خاصة زيت الزيتون والكتان لاستخدامه فى الطعام والأغراض الأخرى، موضحا أن هناك زيادة طلب من المواطنين على زيت حبة البركة لاستخدامه فى العلاج من بعض الأمراض، لافتاً إلى أن حبة البركة تتم زراعتها فى قوص ومركز منفلوط بأسيوط والحبشة والهند وسوريا وتركيا.
وأوضح أن الكميات الناتجة عن الزراعة المحلية قليلة ولا تكفى لسد مطالب المواطنين، فيتم الاعتماد على الكميات الواردة من أسيوط، خاصة أن معظم المساحات المزروعة بقوص مزروعة بمحصول قصب السكر.
ولفت إلى أن عملية العصر تتم عبر مرحلتين، الأولى تتضمن مرحلة هرس وطحن البذور داخل حجر جرنيتى ضخم تقوم بتحريكه بقرة يتم ربطها بعرق خشبى، وتشمل الثانية غرفة وضع الحبوب داخل المكبس وبها ما يسمى بالبكرة، حيث توضع الحبوب بداخلها ثم يتم تركها لساعات لحين ظهور الزيت، الذى يصب داخل إناء كبير قبل تعبئته فى زجاجات لبيعة للجمهور.
وقال إن بعض أولاده يعملون بالمهنة حباً لها والآخر يعمل للمساعدة فقط، موضحاً أن المعصرة شهدت زيارة العديد من المشاهير لها مثل «سهير الإتربى وحنان شوقى» وكذلك الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى، وإسماعيل صادق العدوى، إمام الأزهر الأسبق، علاوة على السائحين القادمين من الأقصر.
وأضاف أن هناك إقبالاً على الزيوت التى يتم عصرها يدوياً، أو ما يسمى بالبارد، مشيراً إلى أن ما يميز المعصرة تمسكها بعبق التاريخ الماضى عن طريق الحفاظ على المكان الذى تقع به المعصرة داخل مبنى من الطوب اللبن، وعدم التأثر بالتكنولوجيا أو إدخال التكنولوجيا، موضحاً أن الإقبال كبير من المواطنين على شراء منتجات العصارة سواء العلاجية أو التى تستخدم فى الطعام إضافة لشراء العطور الخام التى تتميز بها المعصرة كالمسك.
وأوضح «محمود» أنه حاصل على بكالوريوس علوم، وفضل العمل فى المهنة التى توارثها عن الأجداد للحفاظ عليها، بعد أن أصبحت تواجه شبح الاندثار خلال الفترة الأخيرة لندرة البذور.