يبحث ممثلو دول القطب الشمالي الثماني، وهى: الولاياتالمتحدة، كندا، روسيا، فنلندا، الدنمارك، السويد، النورويج، وآيسلاندا، مع 6 منظمات للسكان الأصليين، وهي منظمات ذات عضوية دائمة في المجلس، قضايا المنطقة القطبية ورفع تقريرا عمّا أنجزته رئاسة الولاياتالمتحدة للعامين الماضيين لمجلس القطب. وسيسلم الأمين العام الحالي، ريكس تيلرسون، رئاسة المجلس لفنلندا، لمدة سنتين. ولكن عشية الاجتماع الوزاري، الأربعاء، تجمع بالتوازى مئات من سكان ألاسكا، المعنيين بقضايا مجتمعاتهم وخاصة قضية التغير المناخى، التي تؤثر بشكل مباشر على حياتهم في الأركتيك، حيث يذوب الجليد مما يؤثر على السلسلة الغذائية كلها من توافر الحيوانات والنباتات القطبية، التي يعيش عليها هؤلاء السكان الأصليون منذ آلاف السنين. وتجمع المناضلون من أجل قضايا البيئة والتغير المناخي في وسط المدينة، مرددين هتافات ضِد وزير الخارجية الأمريكي، الذي كان في السابق يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة البترول إكسون موبيل، وكانت لديه مواقف مثيرة للجدل حول التغير المناخي. «عندما تتآكل الأرض من تحت منزلك الوحيد ويغرق وطنك في البحر، تشعر بالنار في أعماقك وتدفعك للتصدى للقضايا التي تجري مناقشتها حاليا أمام مجلس القطب الشمالي»، عيسو سينوك، من شيشماريف، ألاسكا. «كدبلوماسي للشباب في القطب الشمالي، دعيت إلى التحدث مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون- ولكن بدلا من الاجتماع معه، اخترت أن أكون هنا مع رفاقى لتذكيره بأن التغير المناخى حقيقة مُعاشة». ومن ضمن الهتافات التي أطلقها المتظاهرون: «ماذا نريد؟ العدالة البيئية. متى نريدها؟ الآن». وقد تحركت المظاهرة من حديقة القلب الذهبي بوسط مدينة فيربانكس إلى مركز ثقافى على بعد 500 متر والذى كان يتناول فيه «تيلرسون» العشاء مع وزراء خارجية دول القطب الأخرى وكذلك الممثلون الرسميون لمنظمات السكان الأصليين. وفى مواجهة بين المتظاهرين الذين هتفوا «سنقاوم حتى نذوب كالثلج» و«افتحوا الأبواب لتسمعونا»، ظهر ممثلو وفود الدول من خلف النوافذ ينظرون ويأخذون الصور بهواتفهم رغم فاصل النوافذ الزجاجية ومن بعده الشرطة والحرس الخاص. ولكن لم يحدث أي صدام، وذلك بعد أن أكد منظمو المسيرة أنهم سجلوا موقفهم المعارض لإلغاء قوانين الحماية البيئية والتى كان قد أقرها أوباما، وقام ترامب مؤخرا بعدم تجديدها والآن حان لهم الذهاب بعد أن سجلوا الموقف. وأنهى المتظاهرون مسيرتهم السلمية بالطواف حول المبنى والرجوع بالمسيرة لنقطتها الأولى في وسط المدينة وإنهائها بالطبول والصلاة من أجل سلامة بيئتهم ومجتمعاتهم من أخطار بيئية ستؤثر على العالم كله. فكما تقول الدكتورة نادين فابى، رئيسة برنامج دراسات الأركتيك بكلية جاكسون لعلاقات الدولية بجامعة واشنطن: «القطب الشمالى هو جهاز التكييف الطبيعى للعالم كله. ولذلك يجب على كل إنسان على وجه الأرض أن يهتم بهذا المكيف»، لأن بدونه ستتأثر درجة الحرارة الكلية في العالم. وقد تصبح أماكن مألوفة لنا لا يُطاق العيش فيها ثانية نتيجة ذوبان الجليد بعيدا بعيدا في أقصى الشمال. بمعنى آخر التفكير في تآكل ساحل الإسكندرية نتيجة السيول يبدأ بالتفكير في القطب الشمالى. ويعد الاجتماع الوزاري أول لقاء بين وزير الخارجية الأمريكى، ونظيره الروسي بعد محادثة الرئيس دونالد ترامب مع الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي. وفى ظل التوتر بخصوص الشأن الروسى، يخشى البعض هنا في ألاسكا أن ينصب الانتباه على لقاء الوزيرين ويذهب الاهتمام بعيدا عن قضايا القطب الأساسية من تغير المناخ، العواقب البيئية لمشاريع استخراج البترول المنتظرة، وكذلك المشاكل الاجتماعية والصحية التي تهدد ثقافة السكان الأصليين، وعلى رأسها إدمان الكحول والانتحار بين الشباب، بل من أعمار متقدمة أيضا نظرا لتغير سُبل العيش، والافتقار نتيجة تلاشى العوامل الثقافية الواقية والتى ربطت السكان الأصليين بالأرض والمناخ.
