الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    الاَن.. رابط تقليل الاغتراب 2025 لطلاب تنسيق المرحلة الأولى والثانية (الشروط وطرق التحويل بين الكليات)    سعر الذهب اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الارتفاع العالمي الجديد وعيار 21 بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الخميس 14-8-2025 بعد الهبوط الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    رئيس الوزراء: قرارات مصر السياسية لا تتأثر بتمديد «اتفاق الغاز»    سفير مصر السابق بفلسطين أشرف عقل ل« المصري اليوم»: أسامة الباز قال لي لا تقل القضية الفلسطينية بل المصرية.. هذه قضيتنا (الحلقة 36)    ترامب: الجيش الأمريكي "سيحرر" واشنطن    اشتعال مئات المركبات بسبب انتشار أكثر من 100 حريق في غابات اليونان (صور وفيديو)    باريس سان جيرمان بطلًا ل كأس السوبر الأوروبي على حساب توتنهام بركلات الترجيح    موعد مباراة مصر والسنغال والقنوات الناقلة مباشر في بطولة أفريقيا لكرة السلة    «زيزو اللي بدأ.. وجمهور الزمالك مخرجش عن النص».. تعليق ناري من جمال عبد الحميد على الهتافات ضد نجم الأهلي    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي اليوم والقنوات الناقلة في الدوري المصري    درجة الحرارة تصل ل49.. حالة الطقس اليوم وغدًا وموعد انتهاء الموجة الحارة    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    بعد إحالة بدرية طلبة للتحقيق.. ماجدة موريس تطالب بلجنة قانونية داخل «المهن التمثيلية» لضبط الفن المصري    ناهد السباعي عن انتهاء تصوير «السادة الأفاضل»: زعلانة    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    العدوى قد تبدأ بحُمى وصداع.. أسباب وأعراض «الليستيريا» بعد وفاة شخصين وإصابة 21 في فرنسا    توب وشنطة يد ب"نص مليون جنيه"، سعر إطلالة إليسا الخيالية بمطار القاهرة قبل حفل الساحل (صور)    "وفا": إسرائيل تطرح 6 عطاءات لبناء 4 آلاف وحدة استيطانية في سلفيت والقدس    شقيقة زعيم كوريا الشمالية ترفض مبادرات السلام مع كوريا الجنوبية.. ما السبب؟    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    بأكياس الدقيق، إسرائيليون يقتحمون مطار بن جوريون لوقف حرب غزة (فيديو)    وزير خارجية فرنسا: ترامب وعد بالمساهمة في الضمانات الأمنية ل أوكرانيا    "سيدير مباراة فاركو".. أرقام الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لمحمد معروف    لحق بوالده، وفاة نجل مدير مكتب الأمن الصناعي بالعدوة في حادث صحراوي المنيا    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    تفاصيل استقبال وكيل صحة الدقهلية لأعضاء وحدة الحد من القيصريات    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    وداعًا لرسوم ال 1%.. «فودافون كاش» تخفض وتثبت رسوم السحب النقدي    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    طريقة عمل كفتة داود باشا أكلة لذيذة وسريعة التحضير    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    القمر الدموي.. موعد الخسوف الكلي للقمر 2025 (التفاصيل وأماكن رؤيته)    رئيس الأركان الإسرائيلي: اغتلنا 240 من عناصر حزب الله منذ وقف إطلاق النار مع لبنان    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    صبا مبارك تنشر جلسة تصوير من كواليس "220 يوم".. ونجوم الفن يعلقون    د.حماد عبدالله يكتب: دور الدولة المتعدد فى الإقتصاد الحر !!    في ذكراها ال12 .. "الإخوان": أصحاب رابعة العزة، "قدّموا التضحيات رخيصة؛ حسبةً لله وابتغاء مرضاته وحفاظًا على أوطانهم    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما قبل مجازر (الفض).. شهادات لأحياء عن "مبادرة" محمد حسان والمصالحة مع "الإخوان"    أحمد صبور: تحديات متعددة تواجه السوق العقارية.. ومصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية    حنان شومان: "كتالوج تناول نادر لفقد الزوج زوجته.. وأجاد في التعبير عن مشاعر دقيقة"    متحدث الحكومة: لجان حصر مناطق "الإيجار القديم" تُنهي مهامها خلال 3 أشهر    حدث بالفن | أزمة نجمة واحالتها للتحقيق ووفاة أديب وفنانة تطلب الدعاء    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار برج الزمالك الغامض: الفندق الذي جمده حسين سالم 15 عاما
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 04 - 2011

حسين سالم تدخل لإيقاف مشروع فندق الجزيرة.. ورئيس «حى غرب» ينصح باللجوء ل«شرف»
خلف نادى الجزيرة، يرتفع مبنى شاهق شبه مكتمل، موقعه المميز ومنظره الدائرى يلفت الأنظار من مئات الأمتار، تكسو الألواح الزجاجية واجهته وتجعله يطل على العاصمة من كل جانب، وفوق كل ذلك، يرتفع المبنى أعلى من كل مبانى مصر، خمسون طابقا فوق الأرض، ومن على سطحه الدائرى يمكنك مشاهدة أهرامات الجيزة وسقارة وميدوم فى بنى سويف، على الرغم من أنك تقف فى سماء الزمالك.
ظل هذا المبنى يبهر الأبصار، ويثير السؤال عن السر الذى جعله مغلقاً دون سبب واضح، على الرغم من أنه معلم بارز فى حى الزمالك الراقى.
تقول الأوراق والرخص الصادرة للمبنى إنه صدر بترخيص رقم 25 لسنة 1972 من حى غرب القاهرة ببناء 3 أدوار وبدروم ودور أرضى، ثم 9 أدوار متكررة فوق الأرضى، وأصدرت وزارة السياحة بتاريخ 5 يوليو 1973 الترخيص رقم 3248 باعتبار المبنى فندقا سياحيا، وتم تعديل الترخيص برقم 1 لسنة 1974 ببناء عمارة فندقية 44 طابقا أعلى الدور التاسع، وواكب ذلك قراران برقمى 27، و49 من المجلس التنفيذى بمحافظة القاهرة بإعفاء العقار من قيود ارتفاعات المبانى.
كانت الأمور تسير مستقرة، والمبنى الشامخ يصعد إلى السماء طابقا إثر آخر، ودون سبب وضعت عراقيل، أدت إلى توقف البناء لسنوات، ثم عودة العمل على فترات متقطعة، وانتهت بتوقف تام لأكثر من 15 عاما دون سبب واضح.
فى منزله بالزمالك يحكى الدكتور مهندس خالد فودة- صاحب الفندق- قصة الإنشاء وتحويل حلم أول ناطحة سحاب فى مصر إلى حقيقة ماثلة على الأرض، يقول خالد، لم أدخر جهدا ولا مالا كى يكون الفندق على أرقى مستوى ويضارع فنادق أوروبا وأمريكا جمالا وفخامة، وخلال هذه الفترة بدأت معوقات كثيرة تغلبنا عليها قضائيا، منها أنى فوجئت بتاريخ 11 يونيو 1989 فى عهد الرئيس مبارك بقرار من حى غرب القاهرة بوقف أعمال البناء، بدعوى سقوط الترخيص لعدم الشروع فى البناء، وحكمت المحكمة لصالحى بعد معاينة إنجاز الخوازيق، وبعد فترة طعنت وزارة السياحة بعدم صحة توقيع الترخيص السياحى الصادر للفندق فى عهد الرئيس السادات، وكسبت الدعوى بصحة التوقيع ولم أفهم سبب العراقيل، حتى اكتمل البناء إلى 45 طابقا متكررا يشمل 450 غرفة فندقية تمتع برؤية بانورامية كاملة للقاهرة من كل جانب.
يلتقط «فودة»، الذى تخطى عمره الثمانين عاما، أنفاسه ليقول: بعد اكتمال المبنى، بدأت مرحلة ثالثة من النزاع بأن وقفت محافظة القاهرة حائلا فى طريق توصيل المرافق العامة للمبنى، «فرجعت كعب داير» على المحاكم وأنا أستغرب من هذه الإعاقات بعد أن خسرت الجلد والسقط فى بناء مشروع ضخم كهذا، وفى نهاية المطاف حكمت محكمة جنوب القاهرة بصحيفة دعواها برقم 2903 لسنة 2000 بطلب إلزام شركة كهرباء القاهرة بتوصيل المياه وبإلزام الهيئة العامة للصرف الصحى بتوصيله، وشركة بتروجاس بتوصيل الغاز الطبيعى إلى وحدات الفندق.
لكن محافظة القاهرة– والكلام ل«فودة» – ابتكرت سببا جديدا لإعاقة المشروع، وهو عدم وجود جراج خاص بالفندق مما سوف يترتب عليه اختناق حركة المرور، وعدنا لمجلس الدولة الذى قضى بعدم صحة هذا السبب، لأن أعمال البناء كانت قد بدأت فور صدور الترخيص سنة 1974، أما إلزام طالبى البناء بتوفير أماكن لإيواء السيارات فلا يسرى إلا اعتبارا من 25 مارس لعام 1978، وهو تاريخ صدور القرار الوزارى رقم 237 باللائحة التنفيذية لقانون المبانى الجديد عام 1976، واطمأنت المحكمة إلى عدم صحة سريان هذا القانون على المبانى المنشأة بتاريخ سابق عليه.
يتدخل فى الحوار محمد عبدالمنعم، وكيل أعمال شركات فودة المالكة للمشروع، ويقول: ليس أقسى على النفس من رؤية حلم مشروع يتهاوى لسبب غير معلوم، وعلى الرغم من اعتراض محافظة القاهرة على عدم بناء جراج، تقدمنا بأربعة مقترحات لبناء جراجات، واحد منها أسفل نادى الجزيرة، وآخر تحت فيلا مجاورة، وثالث تحت شارع حسن صبرى، ورابع تحت الأرض فى الجزء المهمل من حديقة الأسماك المجاورة، ودائما تقابل طلباتنا بالتجاهل من قبل محافظة القاهرة، لكن فى النهاية اكتشفنا أن سبب توقف الأعمال هو قرار من أعلى سلطة فى البلد فى العهد البائد.
دون مواربة يشرح خالد فودة كلام عبد المنعم السابق، ويقول بحسرة رجل خط الشيب عارضيه، «منه لله يا ابنى اللى كان السبب»، يبلع ريقه ويلقى رأسه للخلف ويردف، حسين سالم يا ابنى كان يدير الملفات الاقتصادية للريس، وكانت سياسته فى كل المشاريع الناجحة هو الطمع فيها، إما ببيعها للمجموعة اللى فوق وعلى رأسها الرئيس حسنى مبارك، وإما بوضع العراقيل أمامها بحيث «ما تشتغلش».
يرجع الرجل الثمانينى بالزمن قليلا إلى الوراء، ويعطى شهادة على عصر مبارك ومن سبقه من رؤساء، وبقدر غموض قصة البرج الرفيع كانت حكاية هذا الرجل أكثر غموضا، لكن فيها قصة جديرة بأن تحكى.
يحكى فودة قصته، وكيف تنقل بين مناصب عسكرية وحكومية وانتهى به المطاف بالعمل فى القطاع الخاص، ويقول: بدأت العمل فى مجموعة الشركات التى كونتها بعد أن تركت الحكومة فى عهد الرئيس أنور السادات عام 1974 على إثر خلافات لى مع عثمان أحمد عثمان، والتغير المحورى الذى طرأ جاء بعد خطبة السادات فى ذات العام، والتى عرفت بإعلان أكتوبر، وبدأ بعدها السادات يعيد تشكيل خريطة علاقاته بالعالم، وكانت مصر تتلقى معونات من كل الدول، فقام بتعيينى وزير دولة للتعاون مع الكتلة الاشتراكية، لكن عثمان أحمد عثمان كان وقتها وزيراً للإسكان، وتحول إلى «فرخة بكشك» عند السادات، ولما كنت أعمل تحت رئاسته فى الوزارة، اعترض عثمان على تعيينى وزيرا، مما عجل بقرارى ترك العمل الحكومى والتوجه للقطاع الخاص، وفى البداية اتجهت للمقاولات، وعملت فى الاستيراد والتصدير.
يلتقط أنفاسه ثم يواصل الحديث: «السادات كان نفسه بعد حرب 1973 أن يقلد أمريكا حضاريا، وفى إحدى جلساته فى ميت أبوالكوم التى كنت أتردد عليها كثيرا لأنى منوفى، قال الرئيس السابق «نفسى يكون عندنا ناطحات سحاب زى أمريكا»، ودخلت الفكرة فى دماغى، كنت وكيلاً لشركة بيكيت الأمريكية، التى عملت فندق النيل هيلتون، وأعددت «كتالوج» كبيراً لأول ناطحة سحاب فى مصر من 55 دوراً، و7 أدوار جراج تحت الأرض، وعرضته على الرئيس السادات فى ميت أبو الكوم، فصرخ «هو ده»، وكانت عندى أراض فى الزمالك، وكان المتر ب 100جنيه، وطلب تذليل كل الصعوبات وقال لى إنه يريد أن يرى المنطقة التى على الكورنيش فى الزمالك مانهاتن أخرى فى القاهرة، وحصلنا على الرخصة وبدأنا العمل فى 1974، وقمنا بأبحاث تربة بواسطة شركات فرنسية لعمل الجراجات اللازمة، وأذكر أننى أول من أسس محطة خرسانة جاهزة فى مدينة نصر، وكذلك أول مضخات خرسانية وشاحنات خلط الخرسانة، حتى أنفذ هذا المشروع العملاق.
بدأنا الحفر لإنزال حائط خرسانى بعمق 27 متراً تحت الأرض، لكن الجيران تخوفوا من أعمال الحفر، فلم ننجز إلا دوراً واحداً تحت الأرض، فقط تحت الأرض، ورفضت توقف المشروع الذى صرفت عليه فى مرحلة الدراسة والحفر ما يقارب 2 مليون دولار، وكان الاستشارى الهندسى للمشروع هو الدكتور محرم أحمد- الله يرحمه-، وتقدم لنا بأول مشروع جراج أرضى فى الزمالك تحت شارعى الجزيرة وحسن صبرى حتى يكون بديلاً للأدوار السبعة، ولخدمة منطقة الزمالك، وظلت الأوراق تدرس مع المحافظة، وصدر به قرار فى 1974 من المجلس التنفيذى لمحافظة القاهرة لعمل جراج تحت الشارعين، لكن القرار تعطل حتى أعاد الموافقة عليه المحافظ السابق عبدالرحيم شحاتة بعد تعديل بسيط، لكن المرور اعترض مرة أخرى دون سبب واضح، وبدأت الضغوط تتصاعد علىّ من حسين سالم، لأن المبنى بدأت ملامحه تتضح، و«حلى فى عينه».
أضاف: تضاعفت الضغوط حين توجهت إلى مدينة طابا للاستثمار السياحى، أنا و«سياج»، وتعرضنا لمشكلات عديدة، بعد أن أسست قرية طابا هناك، وطبعا كان فى ذلك الوقت رواج سياحى مع إسرائيل، وأصبحت الأرض موضع مطامع الكثيرين، وتحت ضغط هيئة تنمية السياحة بتسليم أرض مشروع طابا قبل سبتمبر 1996، تعاقدت مع شركة موفنبيك فى سويسرا لإنهاء العمل فى المشروع، لكن ذلك أثار حفيظة حسين سالم، لأنه كان يريد أن يشترىشركة موفنبيك فى سويسرا، وصمم على الانتقام منى، لأنى كنت أريد التعاقد مع الشركة السويسرية لمشروع الزمالك ومشروع طابا، وشعر سالم أنى أنافسه على شراء موفنبيك، التى انتهت مفاوضاته معهم بأن أسسوا له شركة جويل فيل ك«براند» سياحى، لكنه صمم على الانتقام.
وعندما زار الرئيس مبارك طابا عام 1996، ورأى المشروع قال لى مقربون فى حكومة الجنزورى، إن حسين سالم ميل على أذن حسنى مبارك وقال له «الحتة دى ممكن نعمل منها شغل حلو قوى»، وفعلا قال مبارك لممدوح البلتاجى «الناس دى لو مش قادرين يخلصوا جيبوا حد تانى يخلص»، واعتبر البلتاجى هذا أمرا من الرئيس لسحب المشروع منى، وهو ما حدث فعلا، وهو ما حدث مع سياج أيضا، واستطاع أن يحصل من الحكومة على تعويض ضخم بسبب التحكيم الدولى، أما أنا فاخترت التقاضى فى مصر، وقررت المحكمة إلغاء قرار سحب المشروع، لكن الحكومة لم تنفذ.
بعد أن حصل هذا الكلام نصحنى مجموعة من المستثمرين، بأن أتوجه إلى حسين سالم، وقالوا إن بيده حلاً لهذا الموضوع، وكنت لا أعرف حسين سالم حتى ذلك الحين، وعلمت أنه هو الذى «وشوش الريس وعمل لمشاريعى العقدة»، ثانى يوم كلمت حسين سالم، وعرفنى بنفسه، وأشاد بخدماتى له حين كان يعمل موظفا بشركة إسبيكو، وكان ردى «متشكر يا حسين بيك .. أنا اليوم محتاج لخدمتك»، وطلبت منه التدخل فى موضوع طابا، لكنى فوجئت به يسألنى «أخبار البرج اللى فى الزمالك إيه»؟ قلت له، «ماشى على قد ما أقدر»، فرد «مش عايز شريك فى المشروع بتاعك»، جاوبت، «أنا فى ديك الساعة يا حسين بيك»، وعبر التليفون قال «هات رسوماتك وتعال لى المكتب»، وبالفعل توجهت له فى مكتبه بمصر الجديدة، وقال أنه على استعداد لتحمل كل ديونى فى البنوك، فرددت عليه، عايزين تدخلوا شركاء «أنا ماعنديش مشكلة حتى 50% من المشروع»، لكنه رفض وقال «نحن لا ندخل شركاء مع أحد، سنتحمل قروضك لدى البنوك، وهذا شيك مبدئى ب 100 مليون جنيه قيمة مشروعى البرج وطابا، ولو عزت زيادة، ليست لدى مشكلة».
أصابتنى صدمة، وقلت له «يا حسين بيك.. أنا ليس عندى ولد، وكل ما فى الموضوع إنى فرحان بالمشروعين، وعايز أعمل حاجة لمصر، أعمل إيه بالفلوس»، فرد «يا راجل طالما مافيش لك أولاد، خد فلوس وروح عيش فى سويسرا»، فأجبته «رحت سويسرا ولفيت العالم ومالقيتش أحلى من مصر»، فأنهى المقابلة بطلب الرد عليه خلال أسبوع، وبالفعل أخبرته برفض إخوتى وشركائى موضوع البيع، ورجوته أن يساعدنى فى حل مشكلة طابا، فكانت المفاجأة أنه طلب عمولة، وشعرت كأنه أخرج لى لسانه ليقول لى «إبقى شوف بقى هتعمل مشروعك إزاى».
ومنذ 1996 وأنا فى دوامة من القضايا بينى وبين المحافظة لامتناعها عن توصيل الخدمات للمبنى، وحصلت على أحكام نهائية بالتعويض لكنها لم تنفذ، حتى جاءت لجنة فض المنازعات المشكلة من رئيس الوزراء أحمد نظيف، فى عام 2010، لكنها لم تنته إلى شىء.
حملنا شكاوى «فودة» وخاطبنا محافظ القاهرة السابق الدكتور عبدالعظيم وزير، الذى نفى اتهامات «فودة» له بتعطيل المشروع دون وجه حق، وأرسل رداً كتابيا من عدة نقاط، تعرض فى جانب منها لجانب شخصى لمالك الفندق، ومن الناحية الموضوعية، قال محافظ القاهرة فى رده الكتابى «مشكلات الفندق ترجع أساسا إلى مخالفته لما هو لازم قانونا وتخطيطا ومصلحة عامة لحى الزمالك، بسبب عدم إنشاء جراج لهذا الكيان العملاق، وأردفت مذكرة المحافظ أن هذا هو السبب الرئيسى لعدم صدور التراخيص بإقامة وتشغيل الفندق، وأن الحلول التى ذكرها لحل مشكلة الجراجات غير قابلة للتطبيق من الناحية العملية، وزاد اللواء محمد نجيب، رئيس حى غرب القاهرة، التابع له الفندق، أنه لا يمكن عمليا وضع حل لمشكلة الجراجات الخاصة بالفندق، لكنه رفض تزويد «المصرى اليوم» بما يثبت وجهة نظره هندسيا وفنيا، وانتهى اللقاء بنصيحة وجهها نجيب لصاحب الفندق باللجوء لرئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، لأن الموضوع أكبر من محافظة القاهرة على حد تعبيره.
فى المقابل، حصلت «المصرى اليوم» على وثيقة مهمة من لجنة توفيق المنازعات فى وزارة العدل، أصدرت حكما فى لجنتها الأولى بمحافظة القاهرة بتاريخ 31 يوليو 2004، انتهت إلى أحقية الدكتور خالد فودة، صاحب فندق الجزيرة، فى الحصول على تعويض قدره 191 مليون دولار أمريكى من محافظة القاهرة للأضرار المادية التى وقعت عليه، وتعويض أدبى قدره مليونا جنيه نتيجة للأضرار الأدبية التى لحقت به، مع إلزام محافظ القاهرة برد مبالغ توصيل الخدمات وإلزامه بإيصالها للفندق.
ولم تكتف المذكرة بذلك، حيث جاء فى حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار حسن الشربينى، أن محافظة القاهرة ابتكرت أسبابا عديدة لإعاقة إنجاز المشروع لعدم وجود جراج للفندق، ثم تعنت فى قبول البدائل التى طرحها المتضرر، ومضى المستشار الشربينى فى القول، إن بحث النزاع يؤكد أحقية وصحة موقف صاحب المشروع «الذى نذر أمواله وجهده وخبرته لمشروعه، واستدان من البنوك ليقيم على أرض الوطن وفى قلب العاصمة، وعلى الجانب الشرقى من النيل العظيم، صرحا هندسيا فريدا تفخر به مصر أمام العالم، جمالا، وفنا، وتشييدا، ورونقا، وابتكارا، وتساءلت المذكرة عن سبب إحجام الجهاز الإدارى عن توصيل المرافق العامة لهذا الصرح السياحى المعجزة، بعد أن ارتفع البناء فى سماء العاصمة كتحفة هندسية فريدة من 45 طابقا تشكل آية من آيات الفن الرفيع؟؟ إنه جزاء المهندس سنمار»، وأضافت مذكرة المستشار: «لقد تعمد حى غرب القاهرة عرقلة المشروع بإرادة الهدم والتدمير لا البناء والتعمير، وكان من الطبيعى أن ينزوى صاحب المشروع، يتجرع مأساته التى ليس لها مثيل تحت وطأة أحزانه وآلامه التى ليس لها شبيه».
انتهت مذكرة لجنة فض المنازعات، لكن السؤال: هل تنتصر الجهات المعنية لظلم أقر به القضاء ودار لأكثر من عشرين عاما؟، الأيام وحدها الكفيلة بالإجابة عن السؤال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.