فيما يبدو أن إطالة أمد التقاضى بفضل مساعى السيدة الجليلة «هدى شعراوى» هزت دفاعات «فاطمة سرى» وجعلتها تقدم تنازلات ظنتها بسيطة، فى بداياتها عادت إلى العمل الفنى كوسيلة للضغط على الزعيمة وأهلها وبطانتها- كما ذكرت فى مذكراتها أنها عادت للعمل كى تطعم وتربى حفيدة هدى هانم شعراوى، وهذا دفع الصحافة لتصيدها، وقامت زميلتها الفنانة والصحافية «روز اليوسف» بعمل حوار معها، واعترفت فيه «فاطمة سرى» بأنها تود أن تظل ابنتها بعيدة عن المسرح والتخت! وإذا لم تستطع ذلك فلا مفر من أن تكسب عيشها على التخت بين الأنوار والنظرات والأقاويل. (بمعنى لو لم تتربى حفيدتكم فى معيتكم لا تلوموا أحدا لو اشتغلت عالمة.. وهذا التهديد يحمل فى الحقيقة اتهاما لفاطمة بأنها تأثرت بهجومهم على مهنتها وبدأت تنظر إلى الفن نظرة دونية بل وتستعر منه!). مقالات متعلقة * مغنية «نص لبة» فى مواجهة زعيمة سياسية (9) * مغنية «نص لبة» فى مواجهة زعيمة سياسية (8) أما بالنسبة للمحكمة فقد تداولت الأمر ببطء شديد، وفحصت المستندات والأدلة بدقة شديدة وسمعت كل الشهود، من رأى ومن سمع ومن رشا ومن ارتشا، وبعد مرافعات بليغة من المحامى والكاتب الشهير «فكرى أباظة»، حكم القضاء الشرعى بإثبات نسب الطفلة «ليلى محمد على شعراوى» إلى أبيها، وبإلزامه بالحقوق الشرعية كافة، المترتبة على هذا النسب. (زغرودة طويلة مصاحبة لأغنية أم كلثوم «نصرة قوية» التى غنتها فى آخر أفلامها «فاطمة»، قصة «مصطفى أمين»، وإخراج «أحمد بدرخان»، والذى شاركها البطولة فيه «أنور وجدى»، والمأخوذ بتصرف مخل عن قصة «فاطمة سرى»، ربما خوفاً من التعرض المباشر للقصة الحقيقية بما يخدش حياة الزعيمة). لكن هل كان ربحها للقضية وإثبات الزواج «نصرة قوية» فعلا؟! للأسف لا، فقد هللت بعض المجلات الفنية لانتصار «فاطمة سرى»، وأطلقت عليها لقب السيدة المصون «فاطمة هانم شعراوى» فاستشاطت «هدى شعراوى» غضبا حتى أسكتت هذه المجلات، (رغم أنها لقبت بلقب زوجها لإخفاء اسم والدها الذى كره الشعب!) ودخلت البنت بقوة القانون إلى منزل الزعيمة فى القصر رقم 2 شارع قصر النيل، واستقبلتها الجدّة الزعيمة بلهفة وحملتها واحتضنتها وبللت الدموع خديها! واعترفت بها أمام العالم كله، كما ذكرت الصحف آنذاك. أما الأم «فاطمة سرى» بكل نجوميتها وجسارتها وما تحملته مُنعت من الدخول ومن مصاحبة ابنتها إلى القصر، بناءً على الاتفاق الذى تم بين المتصارعين عقب حكم المحكمة، وانزوت فى بيتها دون عمل كحارس المقبرة الضرير المقْعد القعيد. وعكس لها القدر أغنيتها تماماً (بدل ما تسهر على القهوة.. تعالى نشوى أبو فروة.. بيتك مع عيلتك أولى يا حضرة.. من لعب الطاولة)، وقعدت هى فى بيتها من دون خليل ولا نيس ولا حتى لعب الدومينو! وعاشت الابنة فى كنف جدّتها ووالدها «محمد شعراوى»، وزوجته منيرة هانم عاصم، وساهمت الزعيمة، نصيرة المرأة فى المطالبة بالحق فى التعلم، فى تعليم حفيدتها «ليلى» بالأقسام الداخلية! بخلاف شقيقاتها! وكانت «ليلى» تزور جدّتها الزعيمة على فترات! ولم يثبت أنها زارت والدتها، أما شقيقات «ليلى» من الأم «منيرة هانم عاصم» فقد تعلمن فى مدرسة «الليسيه» وكن يبيتن يومياً فى القصر!. وتفوقت وتخرجت «ليلى» فى الجامعة الأمريكية، وتزوجت من وكيل نيابة فى حفل كبير، لم تدع إليه الأم «فاطمة سرى»! وكأن العائلة المصونة لاتزال تنظر إلى زواج ابنها «محمد بك شعراوى» من مطربة عاراً لا ينقضى بمرور الزمن!. (شهادة النحات الكبير «عبدالبديع عبدالحى»، الذى كان يعمل طباخاً فى قصر هدى شعراوى، التى اكتشفت موهبته الفطرية وحمتها ورعتها وساهمت فى تطورها وقدمته للفنانين الكبار. وهذا من أعمالها الجليلة). والغريب أن «فاطمة سرى» كانت سعيدة بهذا الوضع بعد كفاحها المرير، وراضية ببقاء الابنة فى الجانب الآخر من النهر.. جانب السعداء، أو ربما كانت تدعى ذلك حتى آخر يوم فى حياتها المديدة التى انتهت فى أوائل الثمانينيات. (مصادر متنوعة أخص منها: كتاب نهاد صليحة «المرأة بين الفن والعشق والزواج»، وكتاب «قصة الثروة فى مصر»: ياسر ثابت، ومقال «أسوأ حماة فى مصر»: محمد شمروخ بمجلة الأهرام العربى). اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة
