على خلفية الغضب المتصاعد لطلاب مدارسنا وأولياء أمورهم، من قراراته العشوائية وسياساته الفاشلة، إن كانت له سياسات أصلاً.. اختار الدكتور الهلالي الشربيني الهلالي وزير التعليم، التراجع عن«سبوبة مجموعات التقوية»التي اتحفنا بهامنذ أيام.. أعني تراجعه عن قرار إلغاء امتحانات نصف الفصل الدراسي (الميد تيرم)،واستبدالها باختبارات«شهرية» تجري ستمرات على مدار العام، وتسري على جميع طلاب الابتدائي والإعدادي، وإعادة توزيع الدرجات علىهذه الاختبارات الستة الشفوي منها والتحريري، بما يخلقسوقاً جديدة ورواجاً للدروس الخصوصية، أو مجموعات التقوية التي تحلُم «وزارة الهلالي» بإنعاشها في المدارس..الوزارةأصدرت بياناً رسمياً زعمت فيه أن قرار التراجع صادر عن «المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي»، وهو مجلسلا ينطق عن الهوى ولا عنابحاث علمية أوتربوية.. انما بوحي من رئيسهوزير التعليم، سواء كان الشربيني أو أسلافه، كما هو حالغالبية «مجالسنا» العليا.. تفتقد الاستقلالية، وتأتمر بأمر رئيسها، أو مجرد إشارةأو إيماءة منه، بما ينال من فعاليةهذه المجالس الصورية، إلا نادراً، واختزال دورها في تزيين وتسويق وتحصين «أفكار وتوجهات» الرئيس (رئيس المجلس)،وتكون المحصلةصفراً أو يزيد قليلاً، بدليل حصول مصر في جودة التعليم الأساسي على المركز 139من بين 140 دولة، والحمد لله أننا نسبق مباشرةغينياالتي تحتل المركز الأخير. مقالات متعلقة * الوزير والكهنة وتوغل التعليم الأزهري * ريجيني و«بطل لامبيدوزا الصغير» * الكهنوت الأزهري وتحرير التعليم الوزير ورجاله في تسويقهم لقرار إلغاء الميدتيرم،قالوابإنهم يهدفون لتطوير نظام الامتحانات إلى«التقويم الشامل».. هذا القول ينطوي على تضليل، وهو مثل «كلمة حق يراد بها باطل»، لأن هذا «التقويم» الذي يتحدثون عنه، يمتد ويتسع ليشمل جميع مكونات العملية التعليمية ومدخلاتها بالقياس والعلاج عند اللزوم، وليس قاصراً على «الطالب» وحده.. فالامتحانات التي تجري للطلاب تمثل جزءً صغيرا منه.. توضيحاً.. يظن الكثير مناأن الدرجة التي يحصل عليها «الطالب» في الامتحان هي مقياس لذكائه وقدراته وتحصيله، وهذا ليس صحيحاً، إذ يتأثر «التحصيل الطلابي»بكفاءة وأداء المعلم ومهاراته، مثلما تؤثر فيه نوعية وصلاحية المناهج، وطرقالتدريس ووسائله، وأساليب الإدارة التعليمية، والأجواء الامتحانية إن كانت صحية ومنضبطة من عدمه.. جميع هذه العواملوغيرها، تؤثر بقوة في تحصيل الطالب «سلباً»، كمافي مدارسنا الحكومية التي لم يعد بها تربية ولا تعليم تقريباً، ونفسالعواملترفعالتقدير والدرجات والمهارات، إذا كنا بصدد طالب يتعلم في مدارس فنلندا أو مدرسة أجنبية متميزة..لذا، فاللجوء للدروس الخصوصية ومراكزها ( السناتر)، يكون عوضاً عن الخلل التعليميبالمدارس، لزيادة التحصيل والدرجات املا في مستقبل افضل..لا يفوتنا أن تطوير نُظم الامتحانات إلى التقويم الشامل أوغيره،يكون ضمن «خطة تطوير»ربما للنظام التعليمي بكامله، يقوم عليها علماء وخبراء تربية وتعليم متخصصون، ودراسات مستفيضة ورصينة تشريحاًلما هو قائم،وتحديدسُبل وكيفية التطوير، وفقاً لنظريات واختيارات متوافق عليها مجتمعيا، تحت مظلة حزمة من الأهداف والمُثل العليا التي نريدها لأبنائنا،ونوع القيم المرغوبة لهم.. ثم إنه ليس منطقياً إنزال «التقويم الشامل» على رؤوس التلاميذ دون امتداده لباقي عناصر ومكونات العملية التعليمية، وكلها فاشلة تقريباً وفي حالة يرثى لها.. فهذا يتنافي مع فكرة الشمول التي يقوم عليها هذا النوع من التقاويم. أخشى أن فكرة «السبوبة»تكاد تطل من خلفقرار الميدتيرمتشجيعاً ودفعاً بالطلاب ل «مجموعات التقوية» بالمدارس، مع تخصيص «%25 من عوائدها» لتوزيعها على إدارة المدرسة، وهنا مربط الفرص كما يقولون بالبلدي، إذ ربما تزيد هذه النسبةكي يمتد التوزيع ليشمل الكبار بالإدارات والمديريات التعليمية وديوان الوزارة، وقد يتبقى الفُتات لمُدرس المجموعة..نفس الفكرة (السبوبة) بادية وراء القرار«المُجمد»، بتخصيص 10 درجات للسلوك في العام الماضي لطلاب الثانوية العامة، والحرب الشرسة الحالية التي يخوضها الشربيني، لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية،وكأن الوزارة لاتخجل من كون مدارسهاطاردة للطلاب.. بل تتعاملبمنطق «يا فيها يا أخفيها» مع «كعكة الدروس»، فإما أن تتقاسمها، أو تهدم المعبدعلى رؤوس المتعلمين وأولياء أمورهم، والمعلمين..واضح أن اصحاب هذه الأفكار التي يتبناها الوزير، هداهم الله، لايدركون حجم نفور الطلاب من المدارس،وأن مجموعاتهم للتقوية لن تكون بديلاً للدروس الخصوصية ومراكزها.. فليهدأوا..بافتراض حسن النية،لا يجوز أن يتحول أبنائنا إلى «فئران تجارب»، ليس في يد علماء يسعون إلى اكتشافات علمية، بل مجرد وزراء هواة وفشلة بينهم البليد إملائياً. نسأل الله السلامة لمصر. [email protected] اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة