«بلومبرج»: السعودية تملك خطة بديلة لوقف صعود الاقتصاد الإيراني

ذكرت صحيفة «بلومبرج» الأمريكية، في مقال للكاتبة لادين ناصري، أمس الخميس، أن السعودية لا تستطيع إيقاف التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، لذا تلجأ للخطة «ب» للحد من قدرة إيران على جني فوائد هذا الاتفاق.
ويرى المقال أن المملكة تحشد حلفائها الخليجيين للتأكد من أنه بعد أكثر من 4 أشهر على رفع العقوبات على الجمهورية الإسلامية، فانفتاح إيران على الاقتصاد العالمي لا يسير بسلاسة، فالشهر الماضي، أفشل السعوديون محاولة لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط الخام لأنه من شأنه أن يسمح لعدوهم المرير بانتزاع حصة أكبر من أسواق النفط. وفي دبي، التي تعد البوابة الرئيسية على العالم، يشتكي رجال الأعمال الإيرانيون من زيادة القيود على القطاع الخاص.
ونقل عن الباحث الهندي شاشانك جوشي: «السعوديون يمارسون الضغط على إيران أينما كانوا قادرين على القيام بذلك».
وقالت الكاتبة إن هذا عمل دفاعي من قبل السعوديين يأتي في وقت تعيد الولايات المتحدة تقويم دورها في الشرق الأوسط وينجذب المستثمرون إلى السوق الإيرانية الخام، ومع ذلك لا تزال ثمة معوقات أخرى تمنع المضي في ممارسة الأعمال التجارية مع إيران ما يصب في مصلحة الجهود السعودية، فالبنوك الأوروبية لا تزال مترددة في التعامل مع إيران خوفًا من تعرضها لعقوبات أمريكية محتملة.
ونقلت عن البروفسور في جامعة «جورج تاون»، بول بيلار، قوله إن «التنافس على مكانة إيران في المنطقة، سواء قدر لها أن تكون معزولة أو تم قبولها كلاعب إقليمي طبيعي، قد يستمر في الأعوام القليلة المقبلة، والسعوديين، وهم في المعسكر المؤيد للعزلة، قد لا يفوزون في المنافسة، لكن لديهم حلفاء بين المتشددين في الولايات المتحدة الذين يعارضون الاتفاق النووي».
وأضافت أن السعوديين والإيرانيين وقادة السنة ومعسكرات الشيعة في الشرق الأوسط يشتبكون بالفعل عن طريق الوكلاء على ساحات القتال في سوريا واليمن، فعلاقاتهم المضطربة طويلة الأمد ساءت أكثر بعدما أعدمت السعودية أحد كبار رجال الشيعة السعوديين في يناير، وفي استجابة من الغوغاء الإيرانيين هاجموا سفارة المملكة في طهران، ما أدى بالسعوديين إلى قطع جميع العلاقات الدبلوماسية.
وتابعت أنه منذ تخفيف العقوبات على إيران في وقت مبكر من هذا العام، كان مصدر القلق الرئيسي للسعوديين أن إيران ستستخدم حصيلة موجة محتملة من الاستثمار لتعزيز المشاركة في الصراعات الإقليمية، وهذا أحد أسباب قيام السعوديين بواجبهم لضمان عدم وصول الاستثمار أبدًا.
ونقل المقال عن المدير بمؤسسة تحليل المخاطر العالمية في دبي، هنري سميث، قوله إنه «ما أثار اهتمام الناس هو بعض الأحاديث، التي تم استخدامها من قبل السعوديين، التي تدور حول قطع العلاقات التجارية مع إيران، وأي نوع من العقبات الرسمية وغير الرسمية التي يمكن استخدامها للضغط على رجال الأعمال لعدم دخول إيران».
وأشارت الكاتبة إلى أن دبي هي المدينة التي كانت لديها دائما علاقات مع إيران، لكن في هذه الأيام تراخيص المواطنين الإيرانيين لا يتم تجديدها بسهولة. كما أنه من الصعب كذلك على المواطنين الحصول على الإقامة، وكذلك الحسابات المصرفية تتعرض لمزيد من التدقيق، وذلك وفقا لرجال الأعمال الإيرانيين.
وفي اتصال أجرته صحيفة «بلومبرج» رفض بعض المسؤولين من السعودية والإمارات التعليق على ذلك.
وأوضح المقال أن «تايمز إيروسبايس» وهي شركة مقرها المملكة المتحدة تنظم فعاليات في دبي، ألغت رحلاتها لإيران هذا العام بسبب التوتر السياسي، وقال مدير المجموعة مارك براون في مقابلة: «هناك الكثير من الحساسيات في الوقت الراهن مع إيران بالخليج»، مضيفا «نحن ندرك أنه غير مناسب في هذه اللحظة عقد أي فعاليات تتعلق بإيران».
واعتبر المقال أن السعودية تستخدم النفط أيضًا كسلاح ضد إيران، وقبيل اجتماع الدوحة الشهر الماضي، حيث كان يخطط المنتجون لتجميد الإنتاج.
وقال نائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلتين مع «بلومبرج» إن السعوديين فقط سيمضون قدما مع الخطة إذا وافقت إيران على المشاركة.
كان ذلك في نسق الاتفاق، لأن إيران تستبعد فرض قيود على الضخ لأنها تحاول استعادة الأسواق التي فقدتها خلال سنوات من العقوبات.
ووفقا للكاتبة، الحكام السعوديين يستكملون تلك الجهود مع مساعٍ لتعميق عزلة إيران السياسية في الشرق الأوسط.
وفي الشهر الماضي، حظرت السعودية على شركة «ماهان للطيران» التحليق فوق الأجواء السعودية.
ومنذ فبراير، أبلغت شركات التأمين والسماسرة، الزبائن أن السفن، التي تحمل النفط الخام الإيراني لن يسمح لها بالدخول إلى المياه السعودية والبحرينية.
وكذلك، استدعى الأردن سفيره من إيران بعيد زيارة لولي ولي العهد السعودي لعمان، وبعد أيام تم التوقيع على اتفاق يمكن أن يمهد الطريق لاستثمارات سعودية في الأردن بمليارات الدولارات، وفي فبراير، ألغت السعودية صفقة لتمويل تسليح الجيش اللبناني ب3 مليارات دولار بسبب ما قالت الرياض إنه تعاظم في نفوذ «حزب الله».
ويقول المحلل البارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، شاشانك جوشي، إن «السعوديين يمارسون ضغوطا على إيران حيث يستطيعون، لتقييد نفوذها السياسي والاقتصاد».
وتعتبر الإمارات العربية المتحدة أكثر عرضة للخطر من المملكة، حيث كانت إيران ثالث أكبر شريك تجاري لها في عام 2015، بعد الهند والصين.
وقال «جوشي»: «لا نزال نرى الخلافات كبيرة جدا داخل دول مجلس التعاون الخليجي». وأضاف: «تم دمج إيران بالفعل في النظم الاقتصادية الخليجية، ولا أعتقد أن هناك شيئا يمكن أن تفعله السعودية بجدية لفصل هذا الدمج».