ناميبيا تدق «الطبول» تحت سماء القاهرة

في غرفة عربية الهوى مملوكية التصميم، يستعد فناني جمهورية «ناميبيا» لاحتلال مسرح «قصر الأمير طاز» في منطقة الخليفة، يلقون نظرة أخيرة على الأدوات الموسيقية، وينتهزون فرصة مُناسبة للاتقاط صورة لا تُنسى مع علم بلادهم خلال آخر عروض مهرجان الطبول.. دقائق ويحتل المسرح 9 فنانين من قلب القارة السمراء، ينشغلون لثوانٍ معدودة في تجهيز أدواتهم الموسيقية التي يتضمن بعضها آلات زراعية كالفأس، ثم تبدأ الموسيقى المحلية في العزف على أوتار القاهرة القديمة بصيحة أفريقية مُدوية تعلن المنطلقة ولو لبضعة دقائق وبفضل المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية منطقة حضارية عالمية ينصهر فيها الجميع.
عدة أميال قطعتها فرقة من جمهورية «ناميبيا» للوصول للقاهرة للمُشاركة في مهرجان الطبول، إلا أن أعضاء فرقة الرقص الشعبية لم يضيقوا بالمسافة في سبيل الحضور للمهرجان ومُشاركة حضارتهم مع عشرات الفرق من شتى بقاع العالم.
ويُعرف المسؤول عن الفرقة، ماما جوزيف، الرقص الشعبي أو التقليدي بالطريقة التي يستمتع بها الأفراد بحضارتهم، ويقدمون لمحة عن شتى تفاصيلها بالرقص، سواء كانت طريقة تناول الطعام أو طقوس الاحتفال وغيرها، ولا تتمتع «ناميبيا» برقصة تقليدية واحدة تعبر عن ثقافتها الشعبية بل عدد من الرقصات التي تعكس الأجواء أو الطقوس المُختلفة فيقول جوزيف «ننتوي اليوم عرض عدد من الرقصات المُختلفة، كطرق احتفالنا بالزواج واحتفالنا بالمحاصيل والمأكولات الجديدة وقت الحصاد إضافة لعدد من الرقصات الأخرى».
فرقة «جوزيف» ليست الوحيدة التي تُقدم الفن الشعبي داخل ناميبيا، حيث تتنامى الظاهرة في فرق مدرسية وجامعية تقدم الفنون والرقصات المحلية إلا أن فرقته مُجتمعية بالأساس.
على المسرح، يتزين أعضاء الفرقة بملابس محلية، وحُلي مُنمق من الأساور والقلادات والأجراس، التي تُساهم جميعها في خلق شكل مُميز لأعضاء الفرقة، خاصة من السيدات، والتي لا تبتعد عن كونها ملايس تقليدية ل «ناميبيا» أو لطائفة واحدة من شعبها على وجه التحديد الذي يتمتع بتنوع طوائفه، فالقلادات وأربطة الخصر تُساعد على الرقص، وأساور القدمين تصدر أصوات تتماشى مع دقات إيقاع الطبول.
وعلى الرغم من دقة الملابس وجاذبيتها فإنها عادة ما تُصمم بين يدي عضوات الفرقة أنفسهن لدرايتهن بالملابس التقليدية، وذلك على عكس الطبول والأدوات الموسيقية التراثية التي تستخدمها الفرقة ويُصنعها مُحترفون في «ناميبيا»، أما «الفأس» وهو أداة زراعية بامتيار تستخدمها الفرقة على المسرح لعكس روح العمل في الحقول وحرث الأراضي الزراعية في بعض الأغنيات.
يستمتع أعضاء الفرقة بالإقامة المؤقتة في مصر، «بلد جميل» يصفها «جوزيف» قبل أن يُبرز رغبة في استمرار المهرجان أو ظهور مهرجانات موسيقية مُشابهة تجمع الفنانين من بلدان مُختلفة للتفاعل والتعلُم من بعضهم البعض، ويُعدد من بين الفرق الموسيقية التي تفاعلت فرقته معها في فترة المهرجان القصيرة إندونيسيا والصين وجنوب أفريقيا.
يبتسم «جوزيف» قبل أن يصف التفاعل «نتحدث عن بلادنا ونُعير الآلات الموسيقية لبعضنا البعض، ونتعلم من بعضنا البعض كيفية العزف عليها. فيبدو الأمر وكأن هناك كون خاص للطبول وعازفيها الذين يركزون على الشيء نفسه وهو الإيقاع، خاصة هنا في أفريقيا فكلنا نعزف الطبول ونُغني بالطريقة ذاتها».
تستعد الفرقة للحفل الختامي بتدريب كثيف واختيار أغنيتين فقط من فقرتهم لوداع الجمهور، ولدى سؤاله يتحفظ «جوزيف» في الإفصاح عن موضوعات الأغنيات التي يُفضلها شخصيًا لختام المهرجان.. يبتسم قائلا «ليس اليوم».