عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة بدر: هدفنا تأهيل الطلاب لأسواق العمل المختلفة داخل مصر وبالخارج    مستقبل وطن بالغربية يكثف جولاته لدعم المستشار مجدي البري في إعادة الشيوخ    وزير العدل يفتتح محكمة كفر الدوار .. ويتفقد أعمال رفع كفاءة مجمع محاكم دمنهور    جولة ميدانية لمدير إدارة مصر الجديدة لمتابعة الاستعدادات للعام الدراسي الجديد    محافظ سوهاج يعلن فوز كيان استثماري بحق الانتفاع للمجمع الصناعي الحرفي    «الوزير»: زيادة إنتاج الأسمنت لضمان تراجع الأسعار    النجار: التعاون مع المجالس التصديرية ساعد في تلبية متطلبات الدول المستوردة    النجار: التعاون مع المجالس التصديرية ساعد في تلبية متطلبات الدول المستوردة    النونو: مقترح بتشكيل لجنة من المستقلين لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار    بدء توافد الضيوف على حفل PFA Awards لأفضل لاعب في إنجلترا.. صور    تشكيل بيراميدز في مواجهة المصري بالدوري الممتاز    مسار: إعادة قرعة دوري السيدات لا يغير من خططنا    بالإجماع.. محمد مطيع يفوز برئاسة الاتحاد الإفريقي للسومو    الداخلية تكشف حقيقة فيديو مفبرك عن تعدي شرطي على الأهالي بأسوان    مصرع ربة منزل صعقًا بالكهرباء في قنا    صدمات واعتذارات وانفصال مدوٍّ بالحلقة 4 من «بتوقيت 2028» | شاهد    ويجز يطرح "الأيام" أولى أغنيات ألبومه الجديد على يوتيوب    برج المملكة السعودية يحمل أفيش فيلم "درويش" لعمرو يوسف    تفاصيل فيلم «جوازة في جنازة» ل نيللي كريم وشريف سلامة    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    ابني دفعه والده اثناء مشاجرتي معه؟.. أمين الفتوى يوضح حكم الشرع    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يوجه بتوفير العلاج والتخفيف عن المواطنين بمركز صحة أول    تأهيل مستشفى العريش كمركز كتميز لتقديم خدمات النساء والتوليد وحديثي الولادة    جراحة ب «الجمجمة» إنقاذ مواطن من الموت بعد إصابته بنزيف بالمخ    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو يكذب ويضع شروطًا غير قابلة للتنفيذ لإفشال الصفقة    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    كابوس في لحظات سعادة... تفاصيل مؤثرة لغرق طفل أمام عيني والدته بسوهاج    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير التعليم يوقّع برتوكول تعاون جديد لتنفيذ حزمة تدريبات لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الإعدادية    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    «الجيوماتكس ب 24.2 ألف جنيه».. «آداب الإسكندرية» تعلن مصروفات 2025/2026 والأعداد المقترحة للقبول العام الجديد    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    «الري»: منظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ لتسهيل الخدمات للمستثمرين والمواطنين    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



49 ساعه في القاهره
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 04 - 2011

كنت في مهمه عمل الاسبوع المنصرم في العاصمه التشيكيه براج (التي تنطق براها في اللغه التشيكيه). أتيح لي من هناك ان ازور القاهره لعده ساعات للاطمئنان على الأهل و الأصحاب فهي اول مره لي في بلدي الام بعد ثوره شعبه. كمراقب من بعيد يتاح لي رؤيه الصوره كامله بينما استطيع ان ادعي ان القريبين من الصوره في ظروف ثوره قد تشغلهم التفاصيل و يتوهوا في ثنايا الصوره و دقائق ألوانها بينما الصوره اذا ابتعدت عنها تبدو ارحب و ربما اجمل
احيانا تلعب الصدفه في حياتنا دورا هاما فبراج هي عاصمه الثوره المخمليه التي اطاحت بالحكم الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا قبل اكثر من عقدين بعد حكم متسلط استمر اكثر من اربعين عاماً. جرت العاده عندما ازور بلد للمره الاولى ان ادرس تاريخ شعبها فهو بالنسبة لي هو البلورة التي تساعدني على استقراء عادات الشعب و قيمه فالموروث التاريخي لأي امه هو احد البوصلات التي تهدي قراراتها حاضرا و بالتالي مصيرها مستقبلا و بالذات في حالات الشعب المصري و كذا شعوب وسط و شرق اوروبا حيث الموروث التاريخى حاضر و مؤثر و ان يكن بدرجات مختلفه
بعد هذه الخلفيه الواجبه ساعكس السياق الزمني للرحله و أبدا من القاهره. استبشرت خيراً باول ما رايته في القاهره فلم يعد في مطارها تلك الحاره المذله المخصصة للأجانب فالجميع مصريون و غير يقفون في نفس الطوابير. الحاصل انه في معظم دول العالم توجد حارات مخصصه للمواطنين الغرض منها تسهيل و تسريع الامور لاصحاب البلد الاصليين الذين بالطبع يحق لهم العوده لبلادهم بأبسط الإجراءات و لكن انعكست الايه في مصر و تحولت الى تسهيل الدخول للأجنبي و حبذا لو كان من دول الثراء و تصعيبه على صاحب المحل لربما يفهم و يعود من حيث أتى. في كل مره اقف في الطابور لدخول بلدي الام يطلب مني التنحي جانبا ريثما يتم التاكد مني. كثيرون نصحوني ان استخدم جواز سفري الامريكي عند دخول مصر و لم اجرب مؤمنا ان هذا من المفروض ان يسئ لي في بلدي و يضعني في مصاف المصريين و أشباه المصريين طالبي الحمايه الاجنبية في زمن المحاكم المختلطة الذي درسنا في المدارس انه ولى. سعدت و دمعت هذه المره حينما وجدت ان بقايا زمن الحمايه الاجنبية و المحاكم المختلطة قد ولى بالفعل في مطار القاهره و في اعتقادي ان نظام عدم تخصيص حارات للأجانب هو الأليق لمصر على الاقل في الوقت الحالي بالنظر للموروث التاريخي الطويل الذي يتراوح بين الحساسيه تجاه الوجود الاجنبي و عقده الخواجه من الناحيه الاخرى. بهذا القدر من التفاؤل استهللت رحلتي
أتيح لي لقاء عدد كبير من الشخصيات في مصر و كذا الحديث مع الكثير من جموع الشعب و أنا لا ادعي انني الممت بكل تفاصيل
الصوره في مصر و لم يكن هذا ممكنا ، و لكن يمكن ان ادعي أني استشرفت الصوره من بعيد لتحسس الإطار و لمست الكتل الكبيرة و ميزت بين الابيض و الاسود لكن لم استطع و لم يكن ممكنا ان اتعرف على الظلال الرمادية و هي كثيره في هذه الفتره الحائره. في يقيني و أنا اكتب الان ان مصر ربما تحتاج اكثر لمن ينظر من بعيد ليميز الابيض و الاسود بدون التخبط في تيه اللون الرمادي.
يمكن القول باطمئنان ان هناك 4 كتل رئسيه في مصر الان و بعضهم يحمل أفكارا و طموحات و تصورات عن شكل الدوله الذي يتمنون
الكتله الاولى هي كتله أسلاميه يطلق عليها مجازا السلفيين و هي كتله ترى ان الدوله القادمه يجب ان تكون أسلاميه الطابع و تسترشد بشرع الله. هذه الكتله ترى ان ما في الشريعه الإسلاميه يكفي و يفيض لضمان حقوق الأقباط.
هناك ظلال متدرجه لهذه الكتله فبعضها يرى ان راس الدوله ينبغي ان يكون عالم دين و انه لا يصح ان يتولى الدوله من هو ليس مسلم لا بل و قد حسن إسلامه. و الحاصل ان هذه الكتله تراودها أحلام الخلافه الراشده و استعاده الأقصى و هم يرون ان الارض ممهده بعد زوال الطاغيه. ترتبط هذه الكتله بالسعودية ارتباطاً معقداً ، فمثلا هم يتفقون مع الفقهاء السعوديين في تفسيرات الجوانب التفصيلية للشرع ككره النصب و الأضرحة و لكنهم يمقتون ترف ال سعود ويرغبون ان يعود الاسلام لاصوله الزاهده كما عاش السلف الصالح. هذه الكتله لا يمكن تجاهلها في التاريخ الاسلامي حيث انها تمتد للإمام علي بن ابي طالب نفسه و كذا ابنائه الحسن و الحسين و قد حاول حكام المسلمين من معاويه و حتى مبارك ان يتخلصوا من هذه الكتله الحرجه و المحرجة اما بالتهميش او القمع المفرط و لكن بقت صلابه الفكره. يعيب هذه الكتله انفصالها الفكري عن العالم ، لا بل تعد هذه ميزه في نظر اتباعها حيث المفارقه مع العالم مطلوبه. يوجد نظائر لهذه الكتله في عدد من بلاد العالم غير المسلم ، أبرزهم اسرائيل حيث حركه شاس و كذلك في الولايات المتحده حيث يتقاطر الفقهاء المسيحيون لتاييد مرشحين بعينهم في زمن الانتخابات مع التحذير من مرشحين آخرين كونهم غير كاملي الايمان. كما في مصر يركز التيار السلفي الامريكي و الاسرائيلي على تفاصيل يعتبرونها الحكم على الايمان. لا يوجد فارق يذكر بين منع الإجهاض في امريكا و محاوله قتل من يخالف ذلك، و هدم القبور و المزارات في مصر و الهجوم على من يعتدون على السبت في شوارع تل أبيب. الفارق الرئيسي يكمن في قدره النظام السياسي الامريكي و الاسرائيلي على احتواء الكتله و فكرتها و في إدراك اصحاب الفكره ان ما لا يدرك كله لا يترك كله. لن يستطيع اي نظام قادم في مصر ان يمحو التوق للخلافه في نفوس اصحاب هذا الفكر و لكن يمكنه ان يستوعب الفكره في اطار توافقي يشترك فيه اصحاب الفكر على شريطه ان يكون ذلك من خلال اقتناع السلفيين المصريين ان الأفكار الشديدة التطرف لن تلقى قبول الشعب المصري و ان عليهم ان يتقبلوا حلولا توافقيه. لقد حاول السلفيون الأمريكيون محاولات عده لتحريم الإجهاض و لكنهم فشلوا لرفض الشعب الامريكي الواضح لذلك مما سهل تحجيمهم و اقتناعهم باستحاله السيطره الكامله على النظام السياسي الامريكي. ان من المؤكد ان استبيان للراي في مدينه طنطا سيبين بوضوح رفض الشعب لهدم السيد البدوي مثلا. ان استخدام استبيانات الراي كاحد وسائل تحجيم الأفكار المتطرفه هو تطور لابد ان تستفيد منه مصر.
الكتله الثانيه في مصر هي ما يطلق عليهم الثوار الشباب و الكثير ممن انضم لهم و ازر دعوتهم و للحقيقه ان ما يميز دعوتهم هو الاتفاق على مقت الواقع المصري تحت مبارك الى جانب افكار ضبابيه عن دوله حره مدنيه ديمقراطيه و متطوره. لا يوجد الكثير من التعريف للمستقبل في هذه الأفكار و الواقع ان لا احد من الثوار قد توقع ان ينهار النظام بهذه السهوله. ان الكثيرين من الثوار عاشوا معظم حياتهم تحت ظل مبارك الكريه الى درجه انهم عجزوا عن تخيل شكل الدوله بعد مبارك الا بكونه ما هو عكس مبارك. لقد حاول الرئيس بوش الابن ذلك بان عرف نفسه بانه عكس كلينتون ليكتشف بسرعه ان عجله الاحداث و التطور يتطلبان حلولا جديده، لا بل اكتشف أيضاً ان بعض من سياسات سلفه كان مناسباً. جزء من معضله الثوار انهم بدون فكر محدد عن شكل الدوله المطلوب. انهم يحددون نفسهم من خلال ما يمقتونه. فعلى سبيل المثال هم يمقتون كل ما هو مبارك. انهم كذلك يمقتون السلفيين و لا يثقون في الاخوان المسلمين . ان قهر نظام مبارك منع الثوار من تشكيل قياده مركزيه كان بوسعها الان ان تشارك في الحكم. ان انعدام مشاركه الثوار في الحكم هي مشكله حقيقيه . ان انعدام العلاقة بين الثوار و المشاكل الحقيقيه للحكم يوفر بيئه خصبه للشطط و التطرف. لقد واجهت الولايات المتحده هذه المشكله في ستينيات القرن الماضي عندما ثارت الجامعات هنا ضد الحكومه لا بل و اصبحت بؤر خصبه للفكر الشيوعي. لقد عولجت هذه المشكله بتطعيم الجامعات بجرعه من الحقيقه فاصبح الشغل الشاغل لأساتذة الجامعه الحصول على منح من الحكومه او من الشركات بهدف تطوير ابحاث غرضها للمساهمه في تطور و تفوق الولايات المتحده و شركاتها. ان مساهمه الثوار المصريين في الحكم لم تعد ترفا بل ضروره لأمن مصر. على سبيل المثال يجب ان يتحول كبار الثوار الى وكلاء اداره و رقباء متطوعين على اقسام الشرطه و مشرفين على الاعداد للانتخابات و اعضاء في المجالس البلديه و المحليه. يمكن كذلك ان يتم تمرين بعضهم ليصبحوا افراد شرطه لا بل وزراء و اعضاء لمجالس اداره الشركات و المؤسسسات الإعلامية. في البدء يجب ان يتم اختيار ألفا من الاسماء المؤثره في الثوره و بمرور الوقت يختار مجلس الشعب المنتخب هؤلاء الاشخاص. ان مشاركه الثوار في الحكم ستقلل من الضغوط على الجيش و هي ضغوط مرشحه للزياده رغم ان الجيش يئن تحت وطئتها كما هي مما قد ينجم عنها تصرفات عصبيه قد يندم عليها الجميع. ان شطط الثوار و الضغط الطبيعي على الجيش الناجم عن محاوله اداره دوله ذات 85 مليون نسمه بشكل مركزي يضع الثوار و الجيش على طريق المواجهة. ان ادعاء الجيش انه وحده يعلم كل التهديدات هو ادعاء يوضح الى اي مدى يجب الإسراع في برنامج لإشراك الثوار في تجربه الحكم على كل المستويات. على الثوار في المقابل ان يطوروا افكارهم لاحتواء التيارات السلفيه لا بل و تيارات اخرى قد يختلفون معهم بما فيهم بعض من المحسوبين على مبارك مما يمكن لمصر الاستفادة منهم. لقد عاد الموالؤن للملك بعد الثوره الامريكيه و ندم العراقيون على حل جيش صدام و تشريد معظم اعضاء حزب البعث. لقد اجتاحت اوروبا في ربيع 1844 ثورات عاتيه نتجت عن استئثار اقليه بالحكم و استشراء الفساد و سوء توزيع نواتج التصنيع و ازمه اقتصاديه عالميه في العام الفائت. ان الربيع العربي في 2011 ليتشابه كثيرا مع ربيع اوروبا 1844 الا ان الثورات الاوروبيه لم تنتج اي تغيير يذكر و عادت قوى الرجعيه للحكم بسبب انقسام الثوار الأوروبيين وشططهم و عجزهم عن تشكيل افكار محدده لعالم ما بعد الثوره. لقد استغرقت اوروبا عده عقود بعد ذلك لتشكيل ديمقراطيات سليمه و سيكون من الأسى ان يكرر الثوار العرب اخطاء اوروبا 1844. لقد استطاعت التشيك في خلال عام 1990 ان تجتمع حول عده شخصيات تولوا فيها أدوارا قياديه فلم يتصارع دوبتشيك الثوري القديم مع فاسلافهافيل الأديب الحالم. لقد تولى دوبتشيك البرلمان و فاسلافهافيل رئاسه الجمهوريه
يجب على الثوار ان يتعلموا ان هناك العديد من الأدوار بما سيكفي الجميع في الجمهوريه الجديده و لكن دور الجيش ان يوسع دائره المشاركه حتى يتسع عدد الأدوار عوضا عن تركز الصراع على الرئاسه.
ان جماعه الاخوان المسلمين منقسمه بين شباب يتعاطفون مع الثوار الشباب و آخرون يشاركون التيار السلفي في فكره الخلافه. ان احتواء الثوار للافكار الليبراليه بدون إقصاء اصحاب فكره الخلافه يمكن للجماعه من التطور السياسي الطبيعي نحو حزب ذي توجه إسلامي ليبرالي يستطيع ان يكون احد اجنحه السياسه المصريه.
الكتله الثالثه في مصر هي الجيش و معه كبار موظفي الدوله. ان الجيش يحمل نفسه اعباءاً يستحيل استمرارها لعده اشهر اذا استمرت ألطريقه شديده ألمركزيه التي يتعامل بها الجيش المصري مع الامور. لقد وضع الجيش نفسه في وضع المصلح السياسي و الاجتماعي و المسئول عن تنظيف الميادين و تنظيف الذمم و علاج المرضى و تولي مسئوليات الأمن القومي. ان هذه مسئوليات يستحيل على اداره واحده توليها و بدون شك يستحيل توليها من خلال جهاز مركزي مثل هيئه أركان حرب الجيش المصري. ان احد ابرز مساوئ حكم مبارك هي الإفراط في مركزيه القرار و صناعه القرارات خلف ابواب مغلقه. ان تكرار الجيش المصري لنفس الأخطاء يؤدي لتأكل الثقه في الجيش و يعرض الدوله لازمه خطيره اذا تزعزعت أركان المؤسسه الوحيده الباقيه. يجب على الجيش ان يشرك الثوار في الحكم الان . ان قلق الجيش و كبار موظفي الدوله من عدم الاستقرار يدفعهم الى التشبث بمركزيه القرار و هو رد فعل مصري طبيعي لكن الحقيقه ان رد الفعل هذا يحول نبؤه عدم الاستقرار الى حقيقه. يتخوف الجيش و كبار موظفي الدوله من الاضطرابات و المطالب العماليه و الطلابيه و الفئويه حتى انهم استنوا قانونا لتجريم تلك التحركات الطبيعيه خاصة بعد سنين من القهر و الظلم الاجتماعي. يتخوفون كذلك انه في حالة الاستجابه لطلب ما سيفتح ذلك الباب لمزيد من التنازلات. الواقع ان هذا كله مما يمكن التغلب عليه. على الجيش ان يناء بنفسه عن حتى محاولة التدخل مهما طلب اليه و يجب عليه ان يفوض و يدرب المدراء و العمداء و رؤساء الجامعات و الوزراء على التعامل مع المطالب. ان كان الطلب مثلا بازاحة عميد كليه غير مرغوب فيجب ان يستبين رئيس الجامعه اراء الطلاب في ادارته و ان اتفق غالبية اي من الطلاب او الاساتذه على ازاحته فمن الحكمه فعل ذلك و تشكيل مجمع انتخابي من الطلاب و الاساتذه يختار عميدا جديدا يكون للطلبه مثلا نصف اصوات المجمع و للأساتذة النصف الاخر. ان الاتفاق على هذا المجمع الانتخابي قد ياخذ بعض الوقت لكنه سيمتص حماس الناشطين و يوجههم نحو مجالات مفيده للوطن عوضاً عن الصدام المستمر مع الادارة. سيكون الطلاب المنتخبون للمجمع الانتخابي مسئولين عن السيطرة على شطط الزملاء و ليس الجيش غير المؤهل للتعامل مع مثل هذه الامور ذات الطابع ا لذي يتميز بالخلاف في وجهات النظر و هو ما يمقته اي جيش في العالم. لقد حاول الجيش الامريكي اداره العراق و فشل ببشاعه. لن يكون الجيش المصري اكثر حظاً فمصر اكبر من العراق و الجيش المصري هو ما زال جيش لدوله ناميه لم تعهد الحريه بعد. ان إبهار الثوره المصريه و نجاحها السريع هيئ للمصريين استسهال كل الصعاب مثلما تخيل الأمريكيون بعد سقوط صدام السريع ان الباقي مجرد نزهه . ان الأسس الديمقراطيه و اللا مركزيه هي الوحيده الكفيله بالعبور للمستقبل . يخطئ الجيش و الادارة المصريه بتصور ان تشكيل مجمع انتخابي جامعي او نقابه عماليه هو مما يحتاج لقوانين الان. دع الجامعات و الوزارات و اصحاب الاعمال و العمال يتولون المسئوليه و وفر لهم فقط ضوابط عريضه و ادوات مثل تشكيل مراكز لاستطلاع الآراء و شركات لتنظيم الانتخاب و يمكن للطلبه و الأساتذة تشكيل هذه المراكز مما يدفع الاقتصاد اكثر. ثق في الناس و اطلق العنان. لقد حضرت بنفسي نقاشا في احدى الجامعات بدى فيه استياء الادارة من عدم التنسيق بين الطلاب و الأساتذة في دعوه عدد من المتحدثين بدون إخطار الجامعه. في اي دوله حره هذا التنسيق هو مسئولية الداعي و لا تلقي الاداره بالا حتى لمحاوله معرفه المشكله . ان دعوه اتحاد للطلبه منتخب للمشاركه في مجلس الكليه و تكليفه بأعمال حقيقيه و كذا مشاركه عمال منتخبين في اداره الاعمال و تحميلهم أعباء حقيقيه مما يتم التفاوض عليه سيهدئ حاله الاحتقان. يتصرف الجيش مثل الاب الذي يظن انه يحسن صنعا اداره حياة ابنه الشاب لا بل ينتظر الشكر على قراراته الحكيمه. لقد خرج الولد من البيت و شب و يجب ان يسمع الجيش للمثل الحكيم بان يخاوي ابنه .
الكتله الرابعه هي الشرطه و قيادات النظام السابق و عدد من المصريين فاقدي الثقه في إمكان قيام نظام حر بمصر بدعوى ان الشعب غير مؤهل. لقد كانت الشرطه في مصر مبارك قمه الهرم الاجتماعي . لقد فشلت الشرطه في حماية النظام و غير قادره على التعامل مع وضع لا يكون لها فيه امتيازات بل بالعكس ستكون في خدمة الشعب. لقد اشتكى لي عديد من ضباط الشرطه انهم ليسوا في خدمة احد و ان كل هذا سيفشل و يعود كل شئ كما كان. ان هذا تحد خطير بالنظر لوجود اناس في مصر و السعوديه و اسرائيل يهمهم الا تنجح ثوره مصر. مع توافر المال لدى هؤلاء و توافر السلاح و المعلومات لدى الشرطه فان الوضع خطير و حادثه إستاد القاهره ستتكرر. يكفي الشرطه فقط ان تتقاعص و توزع الاموال على المخربين المعروفين لديها و تحريض الجيش و الشعب على بعضهم. اشتكى ضباط سابقين لي ان الجيش ينضح بالفساد الواصل لطنطاوي و ان الشرطه هي من عينت كبار رجال الجيش الذين يتصدرون الصوره الان. ان هذا الوضع لا يمكن ان يستمر و في اسابيع و ربما ايام سيؤدي الى كارثه. ان مصر تعيش حاله انقلاب صامت لا يمكن السكوت عليه. لا يكون الحل باتخاذ اجراءات عنيفه بل يكون باختيار الضباط ذوي الكفاءات و إغداق الاموال عليهم لتحسين مظهرهم. ان المعيار لذلك يجب ان يكون احترام حقوق الانسان و الكفاءة المهنيه. سيعطي هذا الأمل للشرطه في ان لهم مكان في الجمهوريه الجديده. كل لواء و عميد شرطه يجب ان يكون له ناصح من جماعات حقوق الانسان و مستشار اجنبي يساعد في التدريب و إحضار معدات و الأهم افكار جديده. لقد قرات تقريراً امريكياً اعد في الخمسينيات عن اعتماد الشرطه المصريه البالغ على البصاصين مما يهدد السلام الاجتماعي . لا زال هذا صحيحاً و يجب ان يتوقف. ان ادخال معدات و و سائل و افكار جديده للشرطه من شانه ان يرفع المعنويات و ينزع فتيل الازمه. يمكن ان يتم ذلك بالتوازي مع تفكيك الجهاز و جعله يتلقى الأوامر من المجالس المحليه المنتخبه. ان انتخاب محافظين جدد و مجالس محليه جديده هي خطوه اسهل و اهم و أنفع للمواطن من التركيز على انتخابات الرئاسه. يمكن ان تبدء التجربه على نطاق ضيق و البناء على النجاح في اماكن اخرى. ان تبني الشرطه داخل منظومة العمل القومي كفيل ان يسحب البساط من الانقلاب الصامت.
في الاخير ان هذا الشعب عظيم. لقد اعتقد كثيرون ان ضحكه دلاله على عبطه و صبره دليل على البلاده لا بل راهن القاصي و الداني انه لا حياة لمن تنادي. لكن اثبت هذا الشعب انه أذكى و أزكى من الجميع. امنحوه الفرصة و دعوه ينطلق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.