الروائى الإيطالى «ألفريدو لوفينو»: إعلامنا يقدم أكاذيب ومعلومات فاسدة عن مصر والعالم العربى (حوار)

قال الروائى الإيطالى، ألفريدو لوفينو، أستاذ علم المصريات بجامعة تورينو، ونائب رئيس دار الحكمة بإيطاليا، إن الإعلام الإيطالى تحامل على مصر فيما يتعلق بواقعة مقتل الباحث الإيطالى، جوليو ريجينى، وتجاهل العديد من قضايا الفساد فى روما، موضحا أن المعارضة تستغل القضية للترويج سياسياً، وأن الباحث الإيطالى كارت الحكومة والمعارضة فى الانتخابات المحلية المقبلة، مشيرا إلى أنه من حق مصر أن تشن حملة إعلامية لاستعادة مواطنها المصرى المختفى فى إيطاليا.
وأضاف «لوفينو» أنه لا تأثير لجماعات التطرف والإرهاب، خاصة جماعة الإخوان، فى تأجيج الرأى العام ضد مصر بإيطاليا، لأن روما تعلم جيدا خطورة الجماعة ولا تتحاور معها، مؤكدا أن البرلمان الأوروبى بقطع المساعدات عن مصر لا يعبر عن التوجه العام للشعب الإيطالى، لافتا إلى أن الإعلام فى روما يقدم أكاذيب ومعلومات فسادة عن مصر والعالم العربى، وإلى نص الحوار:
■ لماذا تزور مصر هذه الأيام رغم التحولات الأخيرة فى العلاقات على خلفية مقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجنى والتحذيرات الإيطالية من زيارة بلادنا؟
- أتيت مع مجموعة من طلبة علم المصريات بجامعة تورينو، لإطلاعهم على الحضارة المصرية القديمة، وتعودت القدوم إلى مصر مع طلابى مرة كل عام منذ 1981، وهذه هى الرحلة رقم 40 لى، وكتبت ما لا يقل عن 5 روايات عن مصر، وأشهرها رواية «قصة تحرير»، وتروى أحداث الثورة المصرية العظيمة.
■ هل تسرعت روما فى استدعاء السفير الإيطالى بمصر للتشاور حول مقتل ريجينى؟
- للأسف.. أمور كثيرة فى إيطاليا، خصوصاً المتعلقة بالنواحى السياسية يتم اتخاذ القرار فيها بطريقة متسرعة دون دراسة أو إعطاء مبررات، وبطبيعة الحال انتخابات المحليات المقرر عقدها فى يونيو المقبل، تخلق جواً من الصراع، وتحاول المعارضة أن تكسب أى أوراق، وتستغل مقتل الشاب المسكين للترويج سياسياً، ورئيس الحكومة، ماتيو رينزى يريد أن يكسب أوراقا أيضا فى هذه القضية بعد سحب الثقة منه من جانب أحزاب المعارضة، وهذا أمر محزن للغاية، فإيطاليا الآن تحركها البنوك الكبرى التى تشهد فساداً كبيراً، ورأينا منذ أيام استقالة وزيرة التنمية الاقتصادية عقب اتهامها باستغلال السلطة لمصلحة شريك حياتها، الذى اعتقل بتهمة استغلال علاقته بالوزيرة لتحقيق مصالح خاصة بشركته، والوضع الاقتصادى غير مستقر، ويتعرض لكثير من التغييرات المفاجئة، فأصحاب اليسار تخلوا عن هويتهم ويتبعون أفكار اليمين المتطرف.
■ ألا ترى أن هناك دولا ومنظمات تحاول التأثير على إيطاليا لقطع المساعدات عن مصر؟
- لا أعتقد ذلك.. فهناك الكثير من البلاد الأوروبية ناضجة سياسيا، ولايمكن استدراج بلادنا لتوجهات بعض الدول أو المنظمات، والجميع يعلم أن إيطاليا أهم شريك أوروبى لمصر، ونحن كشعب إيطالى لا نرغب فى قطع العلاقات مع مصر، وتربطنا بها علاقات تاريخية وليس كما يدعى إعلامنا للأسف، وبخصوص قرار البرلمان الأوروبى فهو لا يعبر عن التوجه العام فى أوروبا.
■ فى رأيك.. لماذا لم يهتم الإعلام الإيطالى بقضية مقتل ماتيو فى فنزويلا مثلما فعل مع ريجينى؟
- أصابتنى دهشة بالغة من هذا الأمر، فهناك إيطاليون عديدون ماتوا فى روسيا والمكسيك وفنزويلا، فضلا عن العديد يختفون دون أن نعلم عنهم شيئا، كما أن «مارو» الذى اختفى فى الهند منذ 4 سنوات، لم تقدم نيو دلهى أى تفسير عن اختفائه، وحكومتنا تهتم الآن فقط بريجينى.. فهل تتخيل أنهم أطلقوا اسمه على صالة دير المدينة بالمتحف المصرى بتورينو، بينما لم يفكروا للحظة أن يطلقوا اسم أى عالم إيطالى ساهم فى بناء المتحف.
■ قلت إن إعلامكم لا يعبر عن الواقع.. لماذا؟
- الإعلام فى إيطاليا يلعب دورا اساسيا فى توجيه الرأى العام، رغم ضحالة الفكر وفساد المعلومات التى يقدمها، فلكم أن تتخيلوا أن الإعلام الإيطالى فى الفترة التى كان يؤكد فيها أن مصر بلد غير آمن، انفجرت القنابل فى بروكسل، وبدلا من أن تشجع إيطاليا الرئيس عبدالفتاح السيسى ومصر فى حربها ضد الإرهاب تختلق حرباً جانبية للإساءة للعلاقات التاريخية، وإعلامنا للأسف ينشر الكثير من الأكاذيب عن مصر والعالم العربى.
■ هل يمكن أن يصل الأمر إلى قطع العلاقات نهائياً بين مصر وإيطاليا؟
- فى هذه الحالة سيكون الأمر «دربا من الجنون» فرجال السياسية للأسف لا يعرفون التاريخ، والعلاقات «المصرية- الإيطالية» سابقة على عصر الرومان، وهى علاقات تاريخية ومستمرة إلى الآن، وأشعر من خلال رحلاتى بأن السائح الإيطالى يحبه المصريون أكثر من غيره، والإيطاليون يبادلون أهل مصر نفس الشعور.
■ فى رأيك.. ما الخطأ الذى وقعت فيه مصر بخصوص قضية ريجينى؟
- تعدد الروايات من قبل القيادات المصرية، وتضارب أقوالها حول الواقعة أثار حالة من السخط بوجه عام، ويجب أن تتواجد مصر بقوة فى الصحافة والإعلام الإيطالى للرد عليهم، وأن يكون لمصر متحدث رسمى قادر على الإجابة وبوضوح عن كل الاستفسارات، والإيطاليون ليس لديهم أى دليل قاطع على أن النظام فى مصر هو من قتل ريجنى، لكن على الجانب الآخر لا نقرأ أى ردود قوية من الحكومة المصرية فى الإعلام الإيطالى بخصوص هذا الأمر.
■ ألا ترى أن أعضاء جماعة الإخوان يحاولون التأثير على الرأى العام الأوروبى لشن حملة ضد مصر؟
- لا أعتقد أن يكون لهم تأثير قوى فى توجيه الأمور، وحاليا الإعلام بدأ يأخذ منحى مختلفا فى تعامله مع هذه الجماعات، خاصة بعد أن ضرب الإرهاب أوروبا فى الشهور الماضية، وثورة30 يونيو أظهرت حجم إرهاب هذه الجماعات، وإيطاليا تعد أول دولة أوروبية اعترفت بالثورة المصرية التى أطاحت بالجماعة.
■ كيف ترى مستقبل السياحة المصرية بعد تراجع الأعداد الوافدة من روما؟
- الإيطاليون يستقون معلومات من الإعلام، وبعض الأخبار التى تنشر عن مصر بها تهويل كثير، وعلى حكومتنا أيضا أن تلقى الضوء على آثار مصر، وحال إبرازها وتقديمها بصورة جيدة سيكون للأمر مردو إيجابى.
■ ما دوركم فى توعية الشعب الإيطالى بعد الحملة التى يقودها إعلامكم أو بعض المنظمات الغربية ضد مصر؟
- نحن ك«علماء مصريات» عاشقون لمصر، وبذلنا مجهودات كبيرة فى التعريف بالحضارة المصرية، وأطلقنا على أحد الأعوام السابقة اسم «عام مصر» بتورينو، ووجدنا تجاوبا وتفاعلا من الإيطاليين، خاصة أن تورينو بها آلاف المصريين، ورأينا منهم الإخلاص فى العمل، وأؤكد لك أن عدد أصدقائى المصريين فى تورينو يفوق عدد أصدقائى الإيطاليين.
■ ما رأيك فى قضية المصرى عادل هيكل المختفى فى إيطاليا منذ 6 أشهر؟
- قرأت عن هذه القضية فى وسائل الإعلام، وأتمنى أن تأخذ حكومتنا هذا الأمر أيضا بمحمل الجدية تقديرا للعلاقات القوية التى تربطنا بمصر، ومن حق وسائل الإعلام المصرية أن تشن حملة أيضاً لاستعادة مواطنها.