«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سمير رضوان وزير المالية الأسبق: الوضع الاقتصادى خانق ونحتاج إلى حلول سريعة ورخيصة(حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 03 - 2016

قال الدكتور سمير رضوان، وزير المالية الأسبق، إنه على الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يشكل مجلسا اقتصاديا عاجلا لحل الوضع الاقتصادى المتأزم الذى تمر به البلاد، مؤكدا أن جهود المجموعة الاقتصادية غير كافية، لافتا إلى أن المناخ الحالى ليس جاذبا للاستثمار، مرجعا السبب فى ذلك إلى البيروقراطية التى قال إنها لاتزال المعوق الأكبر.
وأضاف، فى حواره ل«المصرى اليوم»، أن الفريق أحمد شفيق هنئ بالفوز برئاسة الجمهورية عام 2012، وأن المشير طنطاوى رأى أن تغيير النتيجة بإعلان فوز محمد مرسى فى صالح مصر والحفاظ على أمنها وحمايتها من المذابح، مشيرا إلى أن طنطاوى أعطى الفرصة للإخوان، لكنه كان يضعهم تحت المراقبة، والى نص الحوار:
■ ما تقييمك للوضع الاقتصادى؟
- الوضع الاقتصادى صعب وخانق، والسبب الأساسى يتلخص فى كون وارداتنا أكبر بكثير من صادراتنا، والأخطر أننا مازلنا نستخدم الجهاز الإدارى الروتينى فى حل المشكلة رغم أنه هو الذى سببها وهذا غير منطقى، ومع احترامى الشديد لجهود وزراء المجموعة الاقتصادية، إلا أننى أرى أنها ليست كافية، فنحن فى حاجة ماسة الآن إلى مجلس اقتصادى رئاسى.
■ وما المهمة التى ستناط به؟
- الوضع أصبح أعقد من إدارته من خلال المجموعة الاقتصادية وعلى الرئيس السيسى تشكيل مجلس رئاسى عاجل من الاقتصاديين والخبراء فى مجالات الاقتصاد والبنوك والصناعة والتجارة، يكونون مضطلعين على التجارب الاقتصادية العالمية لوضع حلول سريعة لأزمة الدولار المتفاقمة وارتفاع الأسعار الجنونى فى الأسواق، ووضع السياسات الاقتصادية وطرق التنفيذ وتمويل البرامج الإصلاحية بل ووضع آليات متابعة التنفيذ من قبل الجهاز التنفيذى فى الدولة.
■ هل تقصد وضع الرؤية الاقتصادية؟
- الرؤية هى خط عريض، والرؤية وحدها ليست هى الأهم لأن العالم يتغير كل يوم، فأسعار البترول تهبط بين يوم وليلة وحركة التجارة تتأثر كل يوم بالأحداث العالمية، مشكلتنا الحقيقية فى مصر تكمن فى عدم التنفيذ والمتابعة، فهناك الكثير من الرؤى والدراسات مبعثرة هنا وهناك ولا أحد يلتفت إليها، نحن فى حاجة إلى سيناريوهات متعددة لنظم الإصلاح، فالدراسات موجودة وإرادة الرئيس فى الإصلاح متوافرة ورغبة المسؤولين معلنة، ولكن المشكلة هى أن بعض متخذى القرار يتسمون بالجهل والفهلوة، فكل من لا يفهم فى شىء يفتى فى الأمور الاقتصادية، وبالمناسبة هؤلاء منتشرون فى كل الوزارات والقطاعات.
■ هل توافق على سياسات البنك المركزى فى التعامل مع أزمة الدولار؟
- المشكلة لا تتعلق بسعر الدولار، المشكلة الحقيقية فى مدى توافره، فإذا كان المعروض قليلا، فمن الطبيعى أن يرتفع السعر وليس فى إمكان محافظ البنك المركزى ولا أى مسؤول السيطرة على ارتفاع سعر الدولار طالما المعروض منه قليلا، وقلة العرض ترجع لأسباب كثيرة، منها توقف الإنتاج وضعف الصادرات وشلل السياحة، فلابد أن نعترف بأن وارداتنا أكبر بكثير من صادراتنا والاستثمار الأجنبى قل كثيرا، فبعد أن كان يمثل 13% من الدخل القومى نجده الآن واحدا على عشرة من هذا الرقم، بل إن أغلب الاستثمارات الحالية توسعات فى مشروعات قائمه بالفعل، والمستثمر الأجنبى الذى يعد أحد مصادر توافر العملة يشكو مر الشكوى «وطالع عينه» من قانون الاستثمار، فالمناخ ليس جاذبا للاستثمار والبيروقراطية مازالت المعوق الأكبر، وقانون الاستثمار سيئ ويحتاج إلى تعديلات كثيرة.
■ وما هو الحل؟
- كسر هذه الدوائر المغلقة ببحث مشكلات المستثمرين، فلسنا فى حاجة إلى قوانين، فلو أننا فقط اتبعنا ما جاء فى تقرير التنافسية الدولية الذى يصدر من دافوس وتقرير سهولة القيام بالأعمال الصادر من البنك الدولى لتحسنت الأوضاع، ففيهما تشريح كامل للوضع الاقتصادى.
■ وكيف سنواجه البيروقراطية؟
- بالمناسبة لقد حزنت لرفض مجلس النواب قانون الخدمة المدنية الذى كان يعد بارقة أمل نحو الإصلاح الإدارى، وكنت أراه قانونا ممتازا لم يكن ينقصه سوى عمل نقاش وحوار مجتمعى جيد حوله ليفهمه الناس ويتقبلوه، وأرجو أن يضع البرلمان هذا القانون على أجندة أولوياته ويتم تعديل نقاط الخلاف ويبدأ تنفيذه فورا لضبط الجهاز الإدارى، وهناك سيناريوهان لحل مشكلة الجهاز الإدارى: الأول إعادة الهيكلة والتدريب، وهذا سيناريو سنطلق عليه سيناريو «إن شاء الله» لأنه يحتاج للوقت والصبر، والسيناريو الآخر هو سيناريو «بكرة» أى إنشاء هيئات وكيانات موازية على الأقل للقطاعات المهمة فى الدولة، ويجب أن تكون رواتبهم متميزة لاجتذاب الأكفاء، وآمل أن أرى اليوم الذى نتخذ فيه قرارا بتفكيك الوزارات وتقليصها وفك التشابك فى الاختصاصات بينها، فلا أستطيع أن أفهم معنى أن يكون تحت سلطة وزارة التعليم هيئة لبناء المدارس، فهذه ليست مهمة وزير التعليم، كما لا أفهم أن يكون هناك وزارة بها مليون موظف وأخرى بها 110 آلاف عامل تشجير.
■ لحين إجراء التعديلات وجذب الاستثمارات ما الذى يمكن فعله لإنقاذ الوضع؟
- هناك نظرية اقتصادية عالمية تقول إنه وبعد التحولات الكبرى فى حياة الشعوب والأحداث الضخمة مثل فترات ما بعد الثورات أو بعد الأزمات المالية والكساد يجب اتباع نظرية «الإصلاح السريع» أى البحث عن حلول سريعة ورخيصة وذات عائد فى نفس الوقت، فالشباب يعانون من البطالة ولن ينتظروا المشروعات الكبرى، لأنهم يحتاجون إلى مشروعات صغيرة وتكلفتها بسيطة وفى نفس الوقت تحقق العائد للشاب وللدولة، وأرى أنه يجب عمل هيئة مستقلة للمشروعات الصغيرة تتبع رئاسة الجمهورية مباشرة وغير تابعة لأى وزارة.
ولنتفق أن مصر «مليانة فلوس»، وهنا لا أقصد فقط ما ظهر ودفع من أموال فى قناة السويس فقط، إنما انظرى عند طرح وحدات سكنية جديدة تجدين الاكتتاب ينتهى فى نفس اليوم، وبالتالى يجب أن تستهدف السياسات النقدية تقليل الاستهلاك لصالح الادخار بوضع عدد من السياسات والمحفزات لجمع هذه الأموال من المواطنين، هذا إلى جانب العمل على رفع الدعم، فقد اعتقد البعض أن المشكلة كانت تكمن فى وضع الحدين الأدنى والأقصى للأجور، وتوهموا أن هكذا ستتحقق العدالة الاجتماعية، لكن للأسف تسبب وضع حد أقصى للأجور فى هروب كفاءات كثيرة خارج البلاد، فالحل كان يجب أن يكون برفع الحد الأدنى للأجور ورفع المعاشات مع السيطرة على الأسعار ورفع الدعم بالتدريج، والأهم أن تشرح الحكومة للمواطنين جميع الإجراءات وأسبابها، وأن تؤكد للفقراء أن أى قرارات إصلاحية لن تلقى بعبء عليهم.
■ لكنك متهم بتوريط البلد اقتصاديا بسياسة رفع رواتب الموظفين التى انتهجتها بعد الثورة؟
- رد مبتسما وبصوت هادئ: إذا كان هذا اتهاما فأنا سعيد به ولا أنكره فكيف لى أن أرى الناس «تعبانة» ولا أقف بجانبهم، أوضاع الناس كانت صعبة والأجور متدنية، الناس كانت تقف لى على باب المكتب يقولون «لو مخدناش دلوقتى هناخد إمتى؟» كان هذا الموقف السائد وقتها.
■ لكن البلد دفع ثمن هذه الزيادات غاليا لأن زيادة الرواتب تزامنت معها زيادة أكبر فى الأسعار؟
- البلد كانت «بتولع» ولم يكن هناك أى خيار سوى إطفاء الحرائق، الكلام الآن سهل، وتقييم القرارات الآن خطأ، وفيه نوع من عدم العدالة، لأن القرار وقتها كان صعبا للغاية، والنيران كانت مشتعلة فى كل مكان، ولو كانت أتيحت لى الفرصة لأكمل مسيرة العطاء فى الوزارة لكنت وضعت سياسة لتحسين الاقتصاد من خلال رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات وإلغاء الدعم تماما وهذه هى المشكلة التى تعانى منها مصر الآن.
■ مازلنا نتفاوض على قرض البنك الدولى فهل نحتاجه فعليا؟
- نعم مازلنا نحتاجه ليس فقط لأنه يمنحنا شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، وإنما لأن الدول الخليجية الشقيقة التى دعمتنا وبقوة منذ 30 يونيو لم تعد قادرة على منحنا المزيد بسبب انخفاض سعر النفط وما ترتب عليه من مشكلات اقتصادية بالنسبة لهم.
■ هل شروط القرض مازالت كما كانت وقتما بدأتم التفاوض أم أصبحت أقسى؟
- بالتأكيد هى أقسى نسبيا ولكن المشكلة ليست فى كون الشروط قاسية، وإنما فى الوقت الذى ضاع، فقد بدأ التفاوض على القرض فى عهد الدكتور عصام شرف وتمت الموافقة عليه أربع مرات من مجلس الوزراء إلا أن المجلس العسكرى رفض اعتماده خوفا من ترك ديون للأجيال القادمة وفضل أن يقره مجلس الشعب القادم ومن وقتها ونحن لم نتخذ قرارا فيه وكل حكومة تأتى تتفاوض من جديد.
وأرى أن شروط البنك الدولى الحالية ستنذر بقيام ثورة ثالثة إذا نفذناها، فمثلا لو أننى رفعت سعر الكهرباء وخفضت الأجور ورفعت الدعم كله فى وقت واحد ودفعة واحدة لقامت ثورة مؤكدة، وبالتالى لابد أن نحترم ما جاء فى شروط البنك الدولى ونتعامل معها بجدية، ولكن وفق برنامج إصلاحى متدرج فى السياسات وفى التوقيت للوصول إلى نفس الأهداف على ألا يشكل ذلك عبئا على الطبقات الفقيرة التى أعوضها عن الدعم العينى بالدعم المالى.
■ ما شهادتك على ما حدث فى مصر عام 2011؟
- تاريخ هذه الفترة لم يكتب بعد، توجد أحكام متسرعة هنا وهناك على المجلس العسكرى والحكومات المتعاقبة ولكن الحقيقة لم يدركها سوى من عاشها، وهى أن الأحداث كانت تجرى أسرع من توقعات أى شخص وأى مجموعة والتغيرات كانت كثيرة والأحداث كانت عنيفة ولم يكن لدينا سابقة فى التعامل مع مثل هذه الأحداث لذا زاد التخبط.
فى عام 2011 كان الشاغل الرئيسى لنا هو مواجهة المظاهرات والمطالب الفئوية بزيادة الرواتب وغيرها من الأحداث التى أعقبت الثورة فى ظل فقدان ثقة واضح بين الحكومة والناس، فى نفس الوقت الذى كانت تجرى فيه ترتيبات الاستيلاء على الدولة من قبل الإخوان، وليس صحيحا أن ذلك كان وليد اللحظة والسيولة الأمنية التى حدثت، فقد كان هناك عمل دؤوب ومنظم من قبل بعض الجماعات.
■ متى بدأت محاولات الاستيلاء على الدولة وكيف؟
- مخطط الإخوان للسيطرة على الدولة بدأ فى عام 2004، وليس بعد الثورة، واشتد فى عام 2006 عندما رفض مبارك عملية التبادل التى اقترحتها إسرائيل بأخذ جزء من صحراء النقب فى إسرائيل فى مقابل أن تصبح رفح وغزة دولة فلسطين، ولا أحد يتحدث ثانية عن القضية الفلسطينية، وكانت وافقت حماس على العرض وكذلك الإخوان الذين كانوا مقتنعين، منذ سنوات طويلة، بأن هذا هو الحل ولم يكن الأمر مستجدا فى عهد مرسى، وبالطبع رفض مبارك ورفض الجيش المصرى حتى مجرد التفكير فى الأمر، وكان يوسف القرضاوى، وهو المرشد الحقيقى للإخوان، أصدر كتابا عن التمكين ذكر فيه أنه «لا يمكن التصادم مع الحكومة فى ذلك الوقت لأنها أقوى من الجماعة ولكن لابد من التغلغل فى جميع أجهزة الدولة رويدا رويدا وتأجيل مؤسسات الشرطة والجيش للمرحلة الأخيرة»، وهذا ما حدث، واستمرت عملية الاستيلاء على مفاصل الدولة من وقتها واهتموا بوزارة الكهرباء والتعليم والمالية وغيرها وكانوا يخططون لأماكن بعينها فى كل وزارة، فلم يكن الأمر يتم بشكل عشوائى.
■ كوزير سابق للمالية أين وجدت الإخوان فى الوزارة؟
- كانوا موجودين فى عدد من القطاعات وبقوة، أهمها قطاع الضرائب لأنه منفذ لخدمة أعوانهم، وكذلك مصلحة الجمارك، وأذكر أننى وقتما فكرت فى تحويل النظام الجمركى إلى النظام الرقمى واجهت تهديدات شديدة وقامت ثورة عارمة، وكادوا يغتالون الشاب المخترع لهذا النظام، فهم يستهدفون المناطق التى تخدم محبيهم أو من يريدون استقطابهم، وبالتالى عندما توليت الوزارة وبعد فترة وجيزة تخلصت من 12 قياديا فى الوزارة من الجمارك والضرائب وضرائب المبيعات، وبالمناسبة كانوا قيادات لهم صلات بأعلى مستويات فى الدولة، ومع ذلك كنت حاسما فى قرارى ولم أتراجع لحظة، كما ألغيت ختم الوزير الذى كانت تستعمله مساعدة الوزير وقتها وكنت أذهب إلى منزلى ومعى 12 حقيبة بريد حيث صممت على قراءة كل الوثائق والرسائل بنفسى، وحتى عندما توليت الوزارة حاول الإخوان الضغط على لتعيين بعض الأسماء ورفضت، كما حاولوا تعيين أستاذ فى كلية الاقتصاد كنائب وزير، ورفضت أيضا إلا أنه عين نائبا لوزير المالية فيما بعد فى عهد مرسى.
■ هل كانت هناك ضغوط خارجية لمستها بنفسك لتمكين الإخوان فى هذا التوقيت؟
- نعم بكل تأكيد.
■ هل كانت هناك طلبات واضحة؟
كانت هناك أمور كثيرة واضحة لا تحتاج إلى تفسير، فمثلا كنت فى جولة خارجية لأوروبا حيث زرنا إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وهى الجولة التى جعلتنى متيقنا أن العالم الخارجى كان يريد تمكين الإخوان من السلطة فى مصر، وتكشفت لى أمور كثيرة فى هذه الزيارة، فكانت اللهجة خارجيا فى كل تلك الدول أن العسكر يجب أن يرحل، فى إشارة إلى المجلس العسكرى، ويجب أن يكون هناك ديمقراطية، وقد اندهشت أن الجميع يقول نفس الكلام بنفس الطريقة، فاتضح أن التصور لدى هذه الدول هو أن الحكومات فى المنطقة العربية كلها شاخت وغير ديمقراطية ولابد من تغييرها، والبديل، وهو الليبراليون، فى حالة ضعف شديد، والقوى الوحيدة التى لها علاقة بالشارع هى قوى الإسلام المعتدل، أى الإخوان فى وجهة نظرهم، وقبل أن أترك منصبى تمت دعوتنا لحضور مؤتمر مجموعة السبع الكبار فى فرنسا، وهناك قابلت الرئيس الأمريكى أوباما الذى طلب منى أن أبلغ عصام شرف، رئيس الوزراء وقتها، ورئيس الوفد المصرى رغبته فى السير مع الوفد المصرى من غرفة الاجتماع الى المطعم الذى يبعد قليلا عن قاعات الاجتماعات، وقد حدث ذلك بالفعل، وكان السؤال الوحيد الذى ظل أوباما يكرره ولكن بطرق وألفاظ مختلفة هو: ماذا ستفعلون مع التيار الدينى، فقد كان يريد أن يعرف ما هو موقفنا من الإخوان، وعندما سأله عصام شرف من تقصد؟ فأجاب أوباما أقصد الإسلاميين، فأجاب شرف قائلا: أنا أيضا مسلم، وكانت إجابة الدكتور عصام شرف دبلوماسية ومتوازنة، حيث كان حريصا على ألا يعطى معلومة لا نفيا ولا إيجابا.. حيث قال له: «همنا جميعا هو خروج مصر اقتصاديا من عنق الزجاجة، والمجال السياسى الآن مفتوح أمام الجميع»، لكن كان واضحا أن أوباما يسعى لمعرفة موقفنا من مشاركة الإخوان فى السلطة، وعندما عدنا قمنا بكتابة تقرير بما حدث، ورفعناه للمشير طنطاوى الذى لم يبد أى اندهاش ولم يكن الأمر مفاجئا له.
■ وما تفسيرك لعدم اندهاشه؟
- أعتقد أنه كانت لديه معلومات من جهات أخرى تفيد بنفس الأمر.
■ إذن كان يعلم برغبة الأمريكان الشديدة فى تولى الإخوان الحكم.
- نعم.
■ هل المشير طنطاوى حاول أن يرضى الأمريكان بتسليم السلطة للإخوان؟
- معرفتى بهذا الرجل وبهذه الفترة تجعلنى أقول إن المشير طنطاوى رجل وطنى من الدرجة الأولى وكانت رؤيته الاستراتيجية أن يعطى الإخوان فرصة لأنه لم يكن هناك بديل، والأمريكان قالوا له بصراحة إنهم مع الإخوان، فعندما كنت أتحدث معهم عن المعونة كان ردهم: «يجب أن يكون لديكم برلمان وحياة ديمقراطية أولا»، وكانوا يطلبون صراحة مشاركة الإخوان فى الحكم، وكانت تأتى بعثات من أمريكا لتحقيق هذا الغرض، وعلى رأسهم جون مكين، السيناتور الأمريكى، وهو من أخطر رجال أمريكا وله دور كبير فى إنشاء داعش فى المنطقة، وكذلك بعثات برئاسة مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، بخلاف دور السفيرة الأمريكية آن باترسون التى نصحت الإخوان بتكوين حزب سياسى، وقالت لهم: «إن توزيع الزيت والسكر لن يوصلكم للحكم وإنما تكوين حزب هو الطريق الأقصر لتحقيق حلم السلطة»، حيث كانت هناك معارضة داخل الإخوان لفكرة تكوين حزب سياسى.
■ ما تقوله يعنى أن المشير مكن الإخوان من السلطة بالفعل.
- رسالة الدكتوراه التى يحملها طنطاوى فى الاستراتيجية، وانطلاقا من رؤيته الاستراتيجية والمعلومات التى كانت تأتيه من كل الجهات كان يرى أن الأفضل هو إعطاؤهم فرصة، مع وضعهم تحت المراقبة.
■ هل تعتقد أن نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2012 تم تغييرها لصالح مرسى حفاظا على البلد؟
- معلوماتى أن الفريق شفيق تمت تهنئته بالفوز بمنصب الرئيس وذهب الحرس الجمهورى بالفعل إلى منزله لتأمينه كما يعرف الجميع، لكن المشير طنطاوى رأى أن البلد سيذهب الى مذبحة.
■ تقصد أنه غير النتيجة حفاظا على مصر!
- نعم.
■ ليس رغبة فى إرضاء الأمريكان؟
- لا إطلاقا المشير رجل وطنى وهو لم يكن يثق فى الأمريكان، وإنما كانت لديه رؤية استراتيجية ومعلومات جعلتاه يميل إلى هذا الخيار حفاظا على البلد.
■ ما شهادتك على سياسات قطر تجاهنا فى هذا التوقيت؟
- كنا نعانى من فجوة تمويلية تقدر ب10 مليارات دولار ورأينا أنه لو استطعنا الحصول على 5 أو 6 مليارات دولار من الدول الخليجية على أن نستكمل الباقى من قرض البنك الدولى سيكون الوضع أفضل، لذا قمنا بجولة خليجية ومن تلك الدول قطر وكانت زيارة مهمة لنا، حيث علمنا حقيقة مشاعرهم تجاه البلد، فقد كان الرجل القوى الذى يحكم البلد فعليا هو حمد بن جاسم، رئيس الوزراء ووزير الخارجية، وهو يملك نصف قطر لمن لا يعلم، وكنا نتفاوض معه، حيث حصلنا على مبلغ مالى كمنحة وآخر وديعة بالبنك المركزى وثالث على سبيل القرض، وكانوا يريدون إقراضنا بفائدة 4% فى حين يقرضنا البنك الدولى بفائدة 1%، وعندما علم المشير طنطاوى بشروط قطر المجحفة لإقراضنا استشاط غضبا منهم، وكان وزير ماليتهم يتعامل معنا بطريقة سيئة للغاية، وكأن الفرصة جاءتهم لرؤيتنا فى حالة انكسار، وازدادت حالة التوتر بعد واقعة اختيار منصب أمين عام جامعة الدول العربية، حيث رفضت قطر وبشدة ترشيح مصر للدكتور مصطفى الفقى كأمين عام لجامعة الدول العربية، وهددوا بترشيح مرشح قطرى، وبعد مشاورات تم ترشيح الدكتور نبيل العربى لهذا المنصب وحدث عليه توافق.
■ ماذا عما قيل عن تمويل قطر للإرهاب فى مصر؟
- ليس لدى معلومات، لكن دعينى أذكر لك واقعة كنت شاهدا عليها حيث طلب منا أن نراقب الطائرات التى تأتى من قطر عن طريق الجمارك وطلبت من الجمارك مراقبة مطار القاهرة جيدا، وكل القادمين من قطر، وكان رجالنا عند حسن الظن بهم حيث وجدوا حقيبة بها 6 ملايين دولار حاول شخص قطرى إدخالها البلاد، ولم نعرف إلى أى الجهات كانت ستتوجه هذه الأموال، وذلك فى الفترة التى حدثت بها سيولة أمنية شديدة وكانت الشوارع تعج بالمظاهرات، وتم تسليم الأموال إلى البنك المركزى، ولابد أن يعلم الجميع أن هذه الفترة الزمنية كانت من أصعب الفترات أمنيا وسياسيا واقتصاديا على مصر، وكنا نواجه مؤامرات فى الداخل والخارج لذا لا يجب الحكم على قرارات هذه المرحلة بتعجل أو بفصلها عن الأجواء العامة وقتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.