«العريان»: عدم وجود نظام مشكلة مصر الأساسية

أكد محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى، أن العالم الآن ضحية السياسات الخاطئة للسياسيين والأنظمة التي اتخذت قرارات غير مسؤولة، مما أدى إلى التضخم والكساد العالمى الذي نعيشه حاليا، موضحا أن مصر جزء من هذا الواقع الكبير، والعالم يراها «سوقا محلية ضخمة» لم تستغل تماما حتى اليوم، بما لديها من عمالة مدربة ماهرة بأعداد كثيرة وبأسعار زهيدة، وموقع جغرافى رائع، وهذه مميزات تجذب الاستثمارات.
وأضاف «العريان»، خلال لقائه مساء الأربعاء مع أعضاء غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، «لكن مشكلة مصر الأساسية هي عدم وجود نظام يساعد هذه العوامل أن تعمل بشكل جيد، وهذا ما يجعل مصر حالة خاصة جدا، فمثلا لديها أفضل طيارين في العالم لكن لا تملك نظاما ناجحا في المطارات، وما تعانيه مصر حاليًا لا يقارن بما تتعرض له بعض الدول الأخرى في المنطقة، وهذا مؤشر جيد على قدرتها على الخروج من الأزمة في حال تطبيقها القرارات السليمة».
وأشار «العريان» إلى أن مصر تشهد بالفعل تحركا، لكن الأمور يجب أن تحدث بصورة أسرع، موضحًا أننا لم نصل إلى مرحلة الكساد الاقتصادى، فهى رغم ما مرت به من سلبيات اقتصادية، إلا أنها حققت نموا للسنة الثانية على التوالى.
وتابع: «عندما زرت القاهرة منذ عامين، كانت توجد مشكلة كبيرة في الكهرباء، ووقتها لم يظهر أحد من المسؤولين ليتحدث بشفافية عن المشكلة أو يطرح حلولا لها، لكن الأمور لا يجب أن تسير بهذا الشكل، ففى مصر يحتاج القطاع العام إلى أن يتعاون بجدية وندية مع الخاص، وهذا هو الحل الوحيد لتقدم الدولة».
ورد الخبير الاقتصادي العالمي على سؤال حول مشكلة القطاع الحكومى في مصر وتضخم العمالة الزائدة باعتبارها واحدة من أكبر المشاكل، بقوله «من الصعب أن تسأل شخصا يعيش بالخارج عن أمور داخلية، ففشل القطاع العام في مصر ليس مشكلة اقتصادية بقدر ما هي سياسية واجتماعية، وعند معالجتها يجب التطرق إلى الأمرين معا، ومصر ليست وحدها التي تضررت من سياسة اجتماعية معينة، فمثلا قام الحلم الأمريكى على تشجيع الناس لامتلاك منازلهم وعندما لم يتم وضع قيود وضوابط لهذه السياسة تولدت الأزمة المالية».
واستطرد الخبير العالمى قائلا «اعتدنا أن نقول إن مصر حالة خاصة، نحن لا نخترع العجلة، وتوجد الكثير من المبالغة في هذه المقولة، ولا يمكن تغيير الاقتصاد لمجرد تغيير سعر الصرف»، مضيفا أنها ليست قضية منفصلة عن الصورة الكبيرة التي تحتاج لإعادة هيكلة.
وفيما يتعلق بتعويم الجنيه، قال إنه توجد منظومة اقتصادية كاملة يجب العمل على كل محاورها لضمان تحقيق نتائج إيجابية في المجالات المختلفة، مشيرا إلى أن سعر الصرف وحده ليس العامل الوحيد المؤثر في الاقتصاد، وتعويم سعر الصرف سيقود إلى ارتفاع واضح في نسبة التضخم، مؤكدا ضرورة التجاوب المحسوب مع الأسواق وعدم الوقوف في وجهها حتى لا يتأثر الاقتصاد سلبيا.
وأشار «العريان» إلى أنه لا يمكن وضع حلول ثابتة لحل الأزمات الاقتصادية تصلح في كل دول العالم، موضحا أن الحلول تتغير من منطقة لأخرى ومن مجتمع لآخر، واعتبر أنه يوجد مربع يؤثر على أوضاع أي بلد، مكون من 4 أضلاع هي العوامل الاقتصادية، والسياسات، والحكام، والأسواق، ويجب العمل على هذه الأضلاع معا، مضيفًا أن العالم يمر بأزمات وتغيرات اقتصادية خطيرة، ونصائحه للاقتصادات الناشئة هي ضرورة زيادة الإنتاج وتوسيع مشاركة القطاع الخاص.
وبسؤاله عما ينصح به الرئيس عبدالفتاح السيسى، قال «لست السيسى، ولا يمكن لأحد أن يضعنى مكانه، فأنا لا أعيش في مصر، والمصريون أكثر دراية بشؤونهم، وكل ما يمكن قوله إن مصر يجب أن تعمل بعقول مفتوحة حتى نستنتج بدقة ما يحدث في العالم ونقيس انعكاساته، ونأخذ من القرارات ما يجعل الاقتصاد أقل تضررا من الأزمات وأكثر استفادة»، داعيا إلى أهمية إحاطة التعليم والصحة بالرعاية الخاصة.
وحول أزمة البترول، قال «العريان» إنه لا يستطيع أن يتوقع الأسعار في الفترة المقبلة أو التكهن بما إذا كان سيصل إلى 100 دولار أم لا، وذلك لعدم وضوح الرؤية الاقتصادية في الصين وأوروبا والولايات المتحدة، موضحا أن السوق تحتاج إلى وقت طويل لتستقر، وأضاف أن التنافس بين منظمة الأوبك وغيرها، وبين أعضاء المنظمة أنفسهم على الحصص السوقية لكل منهم أثر بشدة على الأسعار.
وأكد «العريان»، عن دوره في المجلس التنسيقى للبنك المركزى المصرى، أنه يستفيد من وجوده وسط خبرات اقتصادية مصرية عالية وخبراء من البنك المركزى، مضيفا أن المناقشات التي تتم في المجلس تتسم بالجدية والصراحة والإبداع.
وجاء «العريان» إلى مصر بصفة خاصة لحضور اجتماعات المجلس التنسيقى الذي كان مقررا له، صباح أمس، غير أن دعوة طارق عامر، محافظ البنك المركزى، لحضور مؤتمر تدشين إستراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030 حالت دون عقد الاجتماع، واعتذر «العريان» عن عدم إجراء مقابلة خاصة مع «المصرى اليوم» حيث كان من المفترض أن يغادر مصر مساء الأربعاء.