رئيس أساقفة يورك يطالب الحكومة البريطانية بجعل "منحة دور العبادة" دائمة    ملخص برنامج الحزب المصري الديمقراطي لانتخابات مجلس النواب 2025    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    47.2% ارتفاع في تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2025    جالية مصر فى بروكسل تهتف للرئيس السيسى أثناء توجهه إلى البرلمان الأوروبى    الملك فيليب: زيارة الرئيس السيسى تعكس عمق العلاقات التاريخية بين مصر وبلجيكا    رئيس وزراء لبنان: ملتزمون بإنهاء عملية حصر السلاح جنوب نهر الليطاني قبل نهاية العام    جماهير ليفربول تفاجىء محمد صلاح بعد أزمة الصورة    شبورة كثيفة وحار نهارا..الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    ضبط 9 أطنان دقيق بلدي مدعم بمخازن ومناخل غير مرخصة بالجيزة    صور.. انطلاق "GRAMMY House Giza 2026" لأول مرة من مصر    وزير الثقافة يشهد إطلاق وثيقة الإستراتيجية الوطنية للبناء والعمران الأخضر المستدام    مدير"منظمة التجارة الخارجية اليابانية": "المتحف المصري الكبير" أيقونة للتراث المصري وشراكة تتجاوز التمويل    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    استمرار تدفق المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماعًا أون لاين بالعمداء    جولر بعد الفوز على يوفنتوس: نُريد برشلونة    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    رئيس الوزراء: شددت على عدم زيادة أسعار السلع والخدمات بدون وجه حق بعد تحريك الوقود    خطة عاجلة بمركز طامية لسرعة إنهاء ملفات تقنين أملاك الدولة    29 أكتوبر الحكم على علياء قمرون فى نشر محتوى وفيديوهات خادشة    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام لتطويره بطبقة الإيبوكسي.. تفاصيل    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    رابط نتيجة التظلمات بمسابقة النقل النهري.. استعلم الآن    شراكة وطنية جديدة لتوسيع زراعة القمح ضمن مبادرة «ازرع»    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    مستشفى الجراحات الجديد بطنطا ينضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل    وزيرا الصحة والتعليم العالي يفتتحان المؤتمر العلمي الدولي ال66 للجمعية المصرية للأمراض الصدرية والدرن    إجراء جراحة نادرة لإنقاذ حياة مريض فلسطيني مصاب من غزة بجامعة الإسكندرية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب تبلغ أمريكا رفضها لعمل الأونروا فى غزة    ستيفن وارنوك: ليفربول أثبت قدرته على الفوز دون محمد صلاح واستبعادُه قد يتكرر مستقبلاً    ميدو جابر يخضع اليوم لأشعة تشخيصيه على الركبة لتحديد حجم إصابته    عمر عصر يخضع للتحقيق بالفيديو من ألمانيا بعد خناقة البطولة الأفريقية    ضمن جهود التحالف الوطنى تسليم 2420 مشروع تمكين اقتصادى فى سوهاج    فيلم السادة الأفاضل يحصد 2.2 مليون جنيه في أول أيامه بدور العرض السينمائى    إطلاق القطار السريع وافتتاح مشروعات كبرى.. أحداث هامة بمعرض TransMEA القادم    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    شبكة الكاجوال بالإسكندرية.. سقوط 4 سيدات فى فخ تطبيق سرى منافى للآداب    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    بسبب تجاوزات في آليات اختيار مرشحي الحزب.. أمين حزب الجبهة الوطنية بسوهاج يتقدم بالاستقالة    الإعلان عن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    أمطار غزيرة وعواصف قوية في نوات الشتاء 2026.. والفيضة الكبرى على الأبواب    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطرس غالي يحكي عن شراسة هيكل
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 02 - 2016


(1)
مقالات متعلقة
* «كان فرحُه بعد شهر»!
* شرطة مسجلة خطر
* أيام رحيل العظماء
لا أخاف من الموت، لأنني مشغول بالحياة، وأعمل لها وفيها كل حساب، فالحياة الجيدة في نظري، هي الخامة الأساسية التي نصنع منها «موتاً جيداً»، لذلك (وبكل صراحة) لا أجد حرجا في مناقشة ما فات من حياة الموتى، طالما يتعلق الأمر بتحسين حياتنا واستخلاص الدروس والمواعظ النافعة من متحف الموت العظيم (التاريخ)، فأنا من المدرسة التي تؤمن بأن «الموت لا يجعل الميت أفضل»، لأن ما فعله قد فعله، ولا حيلة لنا في إضافة سطر جديد في كتابه المطبوع، علينا فقط أن نقرأ بأمانة، ونتعامل باحترام، ونفهم ما يفيد.
(2)
لا أعتقد أن هذا المدحل يكفي لتبرير مقارعة ونقد «الميت» بنفس الأسلوب الذي ننقد به الحي الفاعل، فالميت الآن «غائب»، غير فاعل، لا يستطيع النقاش والرد والدفاع عن نفسه، لذلك فإنه من العدل والعقل والاحترام ألا نتجنى على «غائب»، وأن نتجنب الإساءة إليه بما ليس فيه، وبما فيه لكنه لن يفيد الأحياء في شىء، وهذا لا يعني الاكتفاء بذكر محاسن الموتى وفقط، لأن هذا يعني أن كل ميت عظيم بالضرورة.. طبعاً من واجبنا أن نذكر المحاسن، لكن من واجبنا أيضا أن نتعرف على العِبرة، فلا أحد ينكر أن الموت عِبرة بشرية ساطعة، لذلك فإن المبالغة في جانب واحد (تمجيد أو تنديد) قد يهدر العِبَر، ويضر بالقيم الإنسانية، ويضعف فرصة البشر في التعلم والتطور واستفادة الأحفاد من تجارب الأجداد، لكن إذا توفرت هذه الضمانات العادلة والعاقلة يمكن للأحياء محاسبة الموتى من الشخصيات العامة (دنيويا وليس دينيا)، طالما أن ذلك يفيدنا في معارك المستقبل أكثر مما يجرنا إلى صراعات الماضي، وطالما أن البحث والنقاش يصب في مصلحة الحياة والأحياء، وليس طقسا استعراضيا حول القبور، أو مفاخرة أو منابذة يستغل فيها المتصارعون سيرة الموتى، سواء كان ذلك للتقديس أو للتدنيس.. لصناعة تماثيل المجد أو لنبش القبور، عفانا الله من الغرور ومن التجني الحقير.
(3)
بدأت الكتابة عن الدكتور بطرس غالي، معتمدا على قراءة اليوميات التي سجلها بنفسه، فظروف الحياة والعمل لم تتح لي فرصة الاقترب المباشر منه سياسيا ولا إنسانيا، وأثناء كتابتي لأول مقال عن غالي توفي الأستاذ محمد حسنين هيكل، وهو من نفس الجيل، لكن أحوال السياسة والصحافة قاربت بيننا، وأتاحت لي الكثر مما يجب كتابته عنه ومنه، لكنني احتراما لكلمة بيننا أؤجل كلماتي إلى وقت معلوم، ومن هذا أوضح أن أي ذكر لهيكل في معرض تناولي للدكتور غالي، هو من مصادفات القدر التي أشرت إليها في ختام مقالي السابق، فقد كنت أقرأ ما كتبه الدبلوماسي عن الجورنالجي عنما وصلني الخبر المتوقع لرحيل الأستاذ، ففرضت المفارقة نفسها بحيث أصبح من السذاجة التفريط في هذا الموقف الدرامي المثير للتأمل، والمحفز على الفحص المدقق لتاريخنا القريب.
(4)
ترجع علاقة غالي بهيكل إلى منتصف الخمسينات، حيث شاهده الأستاذ لأول مرة في اجتماع لتطوير مجلة «الأهرام الاقتصادي»، وبعد أسابيع قليلة فوجئ بالسيد بشارة تكلا (الحفيد) يطلب منه تعيين صديقه بطرس في المجلة، وكان ذلك هدية عيد ميلاد بطرس السادس والثلاثين، حسبما حكى لي الأستاذ القصة، ولما راجعته بعدها بأيام موضحا أن نوفمير 1957 هو العيد الخامس والثلاثين لغالي فقد ولد 1922 وليس 1921 كما قلت من قبل، قال بطريقته المميزة: ربما، لكنني أظن أن ذاكرتي أدق من أوراقك، المهم أنني شاركت في هدية الصديق لصديقه، ولم أعين بطرس محررا، بل رئيسا للتحرير، إلى جانب عمله الأكاديمي في الجامعة.
(5)
لم يكتب غالي شيئا من هذا في مذكراته السياسية التي سجلها في ثلاثة كتب منفصلة، وكانت إشاراته لهيكل نادرة ومقتضبة، فالفترة التي تتناولها المذكرات بدأت بعد خروج هيكل من «الأهرام» 1974، وإبعاد السادات له من المجال الرسمي، وفي تلك الفترة أصيب غالي ببعض الإحباط، ولما علم هيكل اتصل به ليطمئنه أن المستقبل مفتوح، ولا يرتبط بمؤسسة، حتى لو كانت «الأهرام»، ودعاه للقاء، واستمرت المودة الصافية ثلاث سنوات تقريبا، حتى دخل غالي المكتب السياسي للحزب الوطني، واستقال من الجامعة ليصبح وزير دولة، ويسافر مع السادات في الرحلة الصادمة إلى القدس، ما أدى إلى شرخ كبير في العلاقة مع هيكل، وقد وصف غالي بنفسه هذا الشرخ في كتابه «بانتظار بدر البدور» قائلا: يجب أن أعترف أن الشراسة التي يلاحقنى بها هيكل في كتاباته، بدأت منذ ذلك اليوم من شهر نوفمبر 1977، الذي طلب إلى فيه الرئيس السادات أن أرافقه إلى القدس، وهذه الشراسة لم تزدنى إلا صلابة، لأن هذه الرحلة التاريخية ستبقى، وحتى وفاتى، ذروة مسيرتى السياسية!.
(6)
المفارقة التي أتوقف عندها هنا، ليست حركة «طرفي المقص» بين أبناء ذلك الجيل، حيث يؤدي اقتراب طرف إلى اقتراب الآخر بنفس المسافة، وابتعاد طرف إلى ابتعاد الآخر بنفس المسافة، لكنني أفكر في خداع المرايا، وهوس التاريخ بالأحداث التي يضعها بين قوسين، فقد فتح نوفمبر 57 «قوس اللقاء» بين غالي وهيكل، واستمر الجوار الملتبس بين الطرفين طيلة 20 عاما حتى إغلاق القوس في نوفمبر 77، لكن الدراما لم تتوقف، والفراق لم يكن نهائيا ولا بغيضاً، وهذا ما نتعرف عليه في المقال المقبل من خلال رؤية غالي المزدوجة لهيكل.
[email protected]
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.