تتجه أنظار محبي «الريدز» و«السبيرز» بصحبة جميع عشاق «البرميرليج»، إلى ملعب الوايت هارت لاين، ملعب توتنهام، لمشاهدة افتتاح مباريات الجولة التاسعة من الدوري الإنجليزي الممتاز، بين توتنهام وليفربول. هذا الترقب والتلهف لا يرجع فقط لكون المباراة تجمع بين متنافسين دائمًا على المقاعد الأوروبية، ولا ترجع فقط إلى تقارب مركزي الفريقين في جدول الترتيب، توتنهام 13 نقطة وليفربول 12 نقطة، لكن الأمر في المقام الأول راجع لحدث واحد، وهو أنها أولى مباريات «النورمال وان» يورجن كلوب.. يورجن كلوب، المدرب الألماني صاحب الشخصية القوية، والذي حول ماينز من فريق ضعيف ومعرض للهبوط دائمًا في «البوندزليجا»، إلى أحد فرق الوسط وخصم عنيد للفرق الكبرى، والمدرب الذي أعاد للبطولة كلها رونقها وقت ما كان بايرن ميونخ هو المسيطر الأكبر، وأخرج لنا نسخة قوية من بوروسيا دورتموند لم تنافس بايرن ميونخ فقط، بل وصلت لأن تهيمن هي على الكرة الألمانية لأكثر من عام. وصول «كلوب» لملعب «الأنفيلد» هي نقطة تحول كبيرة في مصير فريق ليفربول، وبالأخص بعد الطموحات والآمال الشبه المعدومة للجماهير مع القيادة الفنية السابقة للمدرب براندن رودجرز، والتي تحولت 180 درجة للمطالبة بالمنافسة وارتفاع سقف الطموحات للمطالبة بلقب البطولة، مع مجرد خبر تعيين المدرب الألماني للفريق. «كلوب» كان واضحًا، هو لم يقدم شيئًا بعد، لذا لا داع لكل هذه الطموحات، لننتظر ونرى، التدريب بقوة، الركض فالركض، القتال، إخراج كل الإمكانيات، هذا هو ما يطلبه «كلوب» من لاعبيه في التدريبات، وبشكل حماسي وبخطب حماسية، وصفها كل من عملوا معه سابقًا بأنها مؤثرة جدًا وبالفعل تساعد اللاعبين، بل والجماهير الحاضرة أيضًا، على إخراج كل ما يمتلكونه في الملعب. لوكاس ليفا، وهو واحد من أقدم اللاعبين في صفوف الفريق، والذي عاصر العديد من المدربين السابقين مع الفريق، قال أن المدرب الألماني طلب من الجميع في التدريبات أن يكونوا وحدة واحدة، توحيد روح الفريق ليصبح الفريق كأنه شخص واحد، وتقديم مستوى أفضل من كل مستوى سابق، كما وصف المدرب بأنه متفتح، يستمع للاعبيه ويتعامل معهم كأنه صديق أو أخ أكبر، وأضاف أن جميع اللاعبين يستمعون بإنصات تام للمدرب ويستجيبون لتعليماته، فهو مدرب شغوف بعمله ويحاول نقل كل ما يملكه للاعبين، ما يعتبر مؤشرًا لبداية طيبة ومبشرة للمدرب مع لاعبيه. لسوء حظ «كلوب» أن خصمه في افتتاح مسيرته كمدرب مع «الريدز»، هو واحد من أصحاب مدرسة النشاط المستمر في كل أرجاء الملعب ونقل الكرة السريع والضغط في كل أرجاء الملعب، بشكل يرهق الخصوم بشكل كبير وقد يدفع للإنهيار البدني، وهو توتنهام هوتسبير، تحت القيادة الفنية للمدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوشيتينو. وبالنظر لجدول ترتيب أكثر الفرق نشاطًا وتغطية للمساحات في أرجاء الملعب، نجد أن لاعبي توتنهام يحتلون المركز الثالث برصيد 688.1 كم، وهي ثالث أكبر مساحة تم تغطيتها هذا الموسم لفريق من «البرميرليج»، بعد كل من بورنموث، 696.9 كم، ومانشستر يونايتد، 688.8 كم، ومن هنا يتضح لنا مدى نشاط وتحرك لاعبي «السبيرز» في مختلف أرجاء الملعب، نتيجة للضغط الكبير، بينما حقق لاعبو ليفربول مسافة 650.5 كم، في المركز الحادي عشر على مستوى فرق «البرميرليج». بالحديث عن الضغط، نجد أن لاعبي الوسط والوسط الهجومي ل«السبيرز» احتلوا المراكز الأولى في عدد الأخطاء المرتكبة على الخصم، ف«لاميلا» وناصر شادلي وديللي على، بالإضافة للموقوف عن هذه المباراة، إيريك داير، يلعبون في خط الوسط والوسط الهجومي ل«السبيرز»، وجميعهم متواجدون في قائمة أكثر اللاعبين ارتكابًا للأخطاء، ضمن أكثر 40 لاعب، في قائمة أغلبها من المدافعين. من هنا ندرك أن فريق «السبيرز» يلعب بأسلوب الضغط العالي ومن منتصف ملعب الخصم، يجبره على فقدان الكرة ويعتمد على النقل السريع للعب، وهو أسلوب فعال وشاهدنا ما قدمه الفريق أمام مانشستر سيتي في الجولة السابعة من «البرميرليج»، وما تلاه من انتصار مرعب قوامه 4 أهداف، في رسالة واضحة لجميع فرق «البرميرليج» بأن توتنهام سوف يكون منافسًا قويًا، قياسًا بأن مانشستر سيتي هو المرشح الأبرز والأقوى، كما أنه المتصدر الحالي للبطولة. يورجن كلوب لن يختلف أسلوبه كثيرًا عن ذلك، فهو الآخر يحب المبادرة والضغط على الخصم من منتصف الملعب، ترابط الخطوط وتقاربها وفي نفس الوقت الارتداد السريع، الذي قد يستخدم كل الخطوط تقريبًا في الاندفاع الهجومي، مع تقدم ظهراء الجنب ومحاور الارتكاز وتقدم الخط الخلفي لمنتصف الملعب تقريبًا. «كلوب» سيدخل هذا اللقاء وهو مفتقد لبعض الأسلحة الهامة، فصفقتي «الريدز» الأغلى هذا الموسم «بنتيكي ،فيرمينو» لن يكونا متواجدين في مباراة السبت، بسبب عدم اكتمال تعافيهما، مع انتهاء موسم المدافع الشاب جو جوميز والمهاجم الشاب داني إينجز، بسبب الإصابة اللعينة بقطع في الرباط الصليبي، بالإضافة للغياب المهم للقائد ولاعب الوسط القوي جوردان هندرسون. «بوشيتينو» هو الأخر سيدخل هذا اللقاء بدون أسلحة قوية، متمثلة في لاعبي الوسط «ماسون» و«بن طالب»، مع إيقاف إيريك دير، المدافع الذي استحدث له «بوشيتينو» مركز جديد، وهو الوسط الدفاعي، وتألق اللاعب في هذا المركز بشكل كبير، لكن الإيقاف بسبب البطاقات الصفراء المتعددة سيحرمه من مباراة السبت، كذلك الكوري هيونج مين سون، صاحب هدف الفوز في مباراة كريستال بالاس الماضية، وأحد الحلول الهجومية المهمة للمدرب «بوشيتينو» لم يتعافى من الإصابة حتى الآن، وسيغيب عن مباراة السبت، في ضربة قوية للحلول الهجومية للفريق الشمال لندني، والذي يعاني هذا الموسم من غياب الحلول التهديفية الهجومية. توتنهام سيعتمد بشكل كبير على سلاح الضربات الثابتة، فهو السلاح الذي مكنه من تسجيل 4 أهداف في آخر مباراتين، مستغلًا عودة صانع الألعاب والعقل المفكر كريستيان إريكسين من الإصابة، كذلك سيعول «السبيرز» بشكل كبير على الخط الخلفي للفريق بقيادة البلجكيين «فيرتونجن» و«ألدرفيلد»، ومن خلفهم الحارس هوجو لوريس، وهو تشكيل دفاعي جعل الفريق واحدًا من أقوى خطوط الدفاع هذا الموسم، فالفريق استقبل 7 أهداف فقط هذا الموسم، وهو أقل عدد أهداف تم إستقباله، بصحبة كل من مانشستر سيتي وأرسنال وكريستال بالاس وواتفورد. يورجن كلوب سيجد «بعض» الأسلحة التي اعتاد استخدامها في فريقه السابق بروسيا دورتموند، فصانع الألعاب «كوتينهو» وظهراء الجنب «مورينو» و«كلاين» يتميزان بالسرعة العالية، بالإضافة لمجهود وطاقة وفيرة في الملعب متمثلة في جيمس ميلنر، وأخيرًا أناقة هجومية وخطورة لا تنتهي متمثلة في المهاجم دانيل ستوريدج، وكل هذه أسلحة هامة في يد يورجن كلوب في مباراة السبت، والتي قد تساعده بشكل كبير على تطبيق أسلوبه ونظام لعبه ورسمه التكتيكي المشهور «4-2-3-1»، وقد تساعده أيضًا على التغلب على مصاعب الغيابات وعدم التحضير لفترة طويلة مع قائمة اللاعبين الحاليين بسبب انشغال معظمهم مع منتخباتهم الوطنية خلال فترة التوقفات الدولية الماضية، لكن حماسة اللاعبين وشغفهم للعمل تحت إمرة المدرب الحالي قد تصنع الفارق في مباراة السبت، وقد نشاهد مستويات غير مسبوقة للفريق مؤخرًا، تعيد لأذهاننا المستويات الرهيبة التي قدمها النادي في موسم «2013-2014». بكل تأكيد مباراة السبت ستكون مباراة ممتعة، فالسرعة والقوة والندية حاضرة، والتقديم الرسمي ليورجن كلوب لجماهير «البرميرليج» بشكل عام، وجماهير «الريدز» بشكل خاص، أيضًا اختبار قوي لأفضل مدرب في شهر سبتمبر، حيث تم اختيار ماوريسيو بوشيتينو كأفضل مدرب في «البرميرليج» عن شهر سبتمبر من راعي البطولة «باركلايز»، صباح الجمعة.
