باحث أمريكي: البرلمان الجديد ربما يُولَد «وهنًا».. ومستقبله «باهت»

رأى الباحث الأمريكي، ناثان براون، رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة «جورج تاون» بواشنطن، أن البرلمان المقبل سيكون «نسخة مما سبقه»، موضحا أنه ربما يولد «وهنًا».
وأوضح براون، في مقال نشره بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، الثلاثاء، أنه خلال الأسابيع المقبلة يتجه المواطنون إلى التصويت في الانتخابات البرلمانية التي لا أحد يعرف من سيفوز بها حتى الآن، ولكن الجميع يعرف النتيجة، على حد قوله، مضيفا أن المستقبل «الباهت» الذي ينتظر البرلمان الجديد هو نتيجة جذوره في الماضي المعقد للدولة.
وتابع براون: «بغض النظر عن نتائج السباق الفردي، فإن البرلمان سيلعب نفس الدور: بنيانه سيكون ضعيفا ولكن ليس بلا أسنان.. سيكون أداة في يد النظام أكثر منه عثرة تعرقله وتزعجه».
ورجح براون أن البرلمان المقبل لن يكون مزعجا للحكومة، وأن نتائجه ستخلق خيبة أمل لدى الجميع، حيث يجد حكام مصر أن هناك برلمانا يجب مخاطبته، والمعارضة سيكون لديها فرص قليلة لدخوله، والناخبون لن يكون أمامهم كثيرا من الخيارات، والنواب الناجحين لن يكون لديهم سلطات، كما ورد في المقال، متسائلا: «إذن ما هو السر وراء التخطيط لانتخاب برلمان؟».
ووصف براون الانتخابات المقبلة بأنها «انتخابات ستالينية»، تقوم على تنافس بين العديد من المرشحين وقوائم الأحزاب، مضيفا أنه من الصعب التنبؤ بنتيجة السباقات الفردية بسبب القواعد الجديدة للانتخابات وعدم اختبار التحالفات الانتخابية الجديدة، وأردف: «ولكن النتيجة المتوقعة هي مجموعة متنافرة من السياسيين والمثقفين يسعون إلى الوصول إلى الموارد ومنصات للوضع الجيد والبرستيج».
واعتبر بروان أن المعارضة لن تستطيع الفوز لأنه لا توجد معارضة حقيقية، قائلا إن عملية الانتخاب تم تصميمها عمدا لتهميش الإسلاميين الأكثر تأثيرا وتعزيز آفاق الشخصيات البارزة محليا التي تفتقر إلى أيديولوجية أو انتماء واضح.
وأشار إلى أن حزب «الحرية والعدالة»، أكبر حزب في الانتخابات الأخيرة، «تم قمعه بقسوة» وأصبح أعضاؤه يتحدثون عن الثورة أكثر من الحديث عن الانتخابات، أما حزب «النور» السلفي، ما زال يتمسك بوجوده القانوني ولكن مصداقيته بين مؤيديه لم يتم اختبارها بعد.
وتابع براون: «بالتأكيد، هناك شخصيات مستقلة ذات رؤية تنافس للحصول على مقاعد في البرلمان، ولكن البيئة السياسية المقيدة في مصر تجعل فرصتهم ضعيفة»، لافتًا إلى أن قمع المجتمع المدني وتقييد المظاهرات جعلت من الصعب على بعض الأحزاب المضي قدما في تعبئة أنصارها بشكل منظم للعملية الانتخابية.
وقال براون إنه مع اعتماد معظم الحملات الانتخابية على الشبكات الاجتماعية محليا ومعيار السمعة، فإن البرلمان الجديد سيفتقر إلى الخبرة والأيديولوجيات القوية، وسيتجه إلى الاعتماد على برامج تافهة ووعود زائفة.
وتوقع براون أن يعمل البرلمان الجديد وفوقه «سيف قضائي» كالمحكمة الدستورية العليا، التي لم توافق على قانون انتخابي، وبإمكانها إلغاء القانون الذي انتخب البرلمان، ما يؤدي لحل البرلمان فورا على رغم من محاولة الكثيرين إيجاد قانون لتجنب الحل.
وأشار إلى أن خبراء السياسة الذين درسوا سلوكيات الأنظمة الاستبدادية لاحظوا أن العديد منها يتم دمجه بعناصر من الإجراءات الديمقراطية، حيث أن الأنظمة التي لديها بعض الانتخابات، وتعددية محدودة المدى في حياتها السياسية تدوم أطول من تلك التي لا تمتلكها.
وشدد براون على دور البرلمان في اتخاذ تدابير مهمة ستؤثر على حكم مصر على المدى البعيد، من بينها مراجعة مئات المراسيم الرئاسية التي أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسي، بشأن تغييرات قانونية، خصوصا تلك التي تتناول موضوعات حساسة.
وأضاف: «المادة 156 من الدستور المصري الجديد تنص على مراجعة البرلمان لهذه القوانين فور انعقاده، وفي حال فشل مراجعتها فسيتم إلغاء هذه القوانين بأثر رجعي».
وتابع: «ربما يستغرق البرلمان الجديد أسابيع لتنظيم معظم أموره الأساسية، مثل الموافقة على اللوائح وانتخاب قيادة وإنشاء لجان، لذا يبدو من غير المحتمل أن النواب سيكون قادرا على قراءة الكثير من المواد التي تنتظر الموافقة تحت ضغط».
وذكر براون أن البرلمان الجديد يجب أن يكون قويا لأنه يمكن أن يؤثر على طريقة الحكم في مصر، وهناك إجراءات يُفترض أن يتخذها ولكنه سيجد صعوبة في القيام بعمله وستكون صلاحياته «اسمية» فقط.
ورأى براون أن البرلمان المقبل قد يعجز عن ممارسة صلاحياته، مضيفة أن هناك عواقب تشريعية، حيث إنه في الماضي تمت صياغة التشريعات المصرية من قبل السلطة التنفيذية ومراجعتها من قبل المستشارين القضائيين قبل عرضها على البرلمان، وهذا الأسلوب ربما لن يحدث كما في الماضي.