عندما قام الضباط الوطنيون بحركتهم العسكرية في يوليو عام 1952 و أيدها الشعب منذ البداية حيث رأى قوات من الجيش همت بتغير النظام القائم حينها لأسباب شرعية من تحقيق استقلال البلاد و العدالة الاجتماعية و التنمية و فوق كل ذلك هو التأكيد على كرامة المواطن المصري و حقه الأصيل في حياة كريمة أمنة حرة و كان لابد من تفعيل الشطر الأكبر الصامت من شعب مصر من عمال و فلاحين ليشعروا بخروجهم لأول مرة من تحت عباءة التبعية لنظام اقطاعى استغل هذا الشطر العزيز من شعب مصر حتى حافة الاستعباد فأسقطت ثورة يوليو 1952 شرعية ما قبلها و أصبحت هي الشرعية الجديدة الوحيدة في البلاد بمباركة الشعب. و على مدار فترة حكم عبد الناصر و جزء من حكم أنور السادات عمل النظام الحاكم قدر المستطاع لتحقيق بعض من تلك الأهداف و فشل في الجزء الأخر و لكن أحس غالبية المواطنون المصريون بمكاسب الثورة في حياتهم الاجتماعية من تعليم و صحة و إسكان و أمن و أن الممتلكات العامة للدولة المصرية هي ملك للشعب المصري يصونها و ينميها و يأخذ جزء من ربحيتها و فوق كل ذلك شعر المصريون بأن مكانة مصر دوليا و مكانتها في السياسة العالمية أصبحت فاعلة و مؤثرة و محورية و انتقلت من رد الفعل إلى الفعل. و على مدار فترة حكم الرئيس المخلوع لمدة ثلاثون سنة انقض هو و نظامه الفاسد المستبد بغطاء من شرعية ثورة يوليو 1952 على ما حققته تلك الثورة للشعب المصري و الدولة المصرية أقول انقضوا بالمعاول و الفؤوس ليحطموا كل يناء و كل حصن أسسته ثورة يوليو 1952 بل زادوا فأنغرست أنيابهم في قلوب الشعب ليمتصوا دمائه حتى القطرة الأخيرة و زاد فجرهم بالحرص على إحياء ذكرى الثورة كل عام فهم حراس الدولة و الشعب. ظن الديكتاتور المخلوع و زبانيته أن الشعب اللاهث وراء لقمة العيش و العلاج من أمراض زرعها الديكتاتور واستماتته في الدفاع عن نفسه ضد مفاسد جهاز أمن الدولة أقول ظن الفاسدون أن الشعب رفع رايات الاستسلام لهم ليفعلوا ما يريدون دون خوف من مراجعة أو حساب فعاثوا في مصر فساد لم يراه تراب مصر منذ عشرة ألاف عام. هل سقطت شرعية ثورة يوليو1952 ؟ بكل تأكيد, لقد أسقط نظام الديكتاتور المخلوع منذ عام 1981 شرعية ثورة يوليو 1952 و أنشئ ما ظنه وحده شرعيه و كانت كلها العمل على تدمير ما حققته من انجازات للشعب المصري و الدولة المصرية حتى مع الاختلاف حول تلك الانجازات و المكاسب. لقد عمل هذا النظام الخائن جاهدا على دفع مصر و المصريين في غياهب بئر عميق مظلم و وقف على رأس البئر مطيحا بكل الرؤوس التي تحاول النفاذ منه بل مثبتا غطاء غليظ من نظام فاسد على مخرج البئر و فوقه راح يضع أثقال التوريث حتى لا يتسرب ضوء الحرية أو نسمات الأمل للشعب المصري لعقود طويلة آتية. نعم لقد سقطت شرعية ثورة يوليو 1952 في عام 1981 و سقطت الشرعية الغاشمة لنظام مبارك الخان في ثورة 25 يناير 2011 بأيدي شعب مصر و إرادته الحرة فاليوم لا شرعية إلا شرعية ثورة 25 يناير 2011 و من غير المقبول أن نرى اليوم البعض ما زال يتغطى بتلك العباءة التي أسقطها مبارك منذ عام 1981. لا شرعية اليوم إلا لشرعية ثورة يناير 2011 و لقد وجب الصمود اليوم لتحقيق أهداف الثورة كاملة دون تفضل أو إملاء من أية جهة يؤمن المصريون بوطنيتها و نبل عقيدتها و لكن لا يقر بتسلط بعض قادتها المحسوبون على نظام سقط و رحل و يجب رحيلهم معه