قال في مذكراته إن «مصر تحوّلت إلى سجن كبير لا يسمح بالخروج منه إلا للسجانين» بالرغم من استقباله الحماسي لثورة 1952 في بدايتها ولكنه تراجع عن تأييدها حيث رأى أن الثورة تراجعت فيمابعد عن مبادئ الحرية والديمقراطية»، ذلك هو الدكتور عبدالرحمن بدوي. يعد «بدوي» أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجا ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب أول فيلسوف وجودى مصري، وقد عنى ابن شقيقه محسن بدوي بحفظ وتوثيق تراثه وأسس مركزا إبداعيا يخلد ذكرى الفيلسوف، ولدى محسن نقف على المزيد من التفاصيل. ولد الدكتور عبدالرحمن بدوي ولد في 4 فبراير سنة 1917 بقرية شرباص مركز فارسكور بمديرية الدقهلية آنذاك (محافظة دمياط حاليا) وكان ترتيبه الخامس عشر من بين 21 شقيقا وشقيقة وحصل على الابتدائية سنة 1929 من مدرسة فارسكور ثم الكفاءة عام 1932 من المدرسة السعيدية في الجيزة. وفي 1934 حصل على البكالوريا والتحق بكلية الآداب قسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) وفي مايو 1938 حصل على الليسانس وعين معيدا وأنهى رسالة الماجستير في نوفمبر 1941 وكتبها بالفرنسية عن «مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية» وبخاصة عند هايدجر وحصل على الدكتوراه في 29 مايو 1944 بعنوان: «الزمان الوجودى». عين مدرسا بقسم الفلسفة في أبريل 1945 ثم أستاذا مساعدا في 1949 وفي 19 سبتمبر 1950 أنشأ قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة إبراهيم باشا (عين شمس حاليا)، وفي يناير 1959 أصبح أستاذ كرسى وقدعمل مستشارا ثقافيا ومدير البعثة التعليمية في بيرن بسويسرا من مارس 1956 إلى نوفمبر 1958 كما أسس قسم الفلسفة بكلية الآداب كما عمل بجامعات الكويت وطهران وطرابلس. وكان قد عمل كأستاذ زائر في العديد من الجامعات ومنها لبنان والسوربون والجامعة الليبية وجامعة الكويت واستقر في نهاية الأمر في باريس حتى قبيل وفاته كان بدوي عضوا في حزب «مصر الفتاة»، وتم اختياره ممثلا للحزب الوطني مع 50 شخصية في لجنة الدستور التي كلفت في يناير 1953 لكتابة دستور جديد هو دستور 54 والذي استبدل بدستور 1956. وقد بلغت أعمال بدوي المنشورة وغير المنشورة أكثر من 150 كتابا وكان كتابه الأول عن نيتشه عام 1939 نال بدوي وسام الأرز من لبنان عام 1949 وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة الإسلامية عام 1961 وكان أول من حصل على جائزة مبارك في العلوم الاجتماعية. وقبل وفاته بأربعة أشهر أصيب بوعكة صحية حادة وسقط مغشيًا عليه في أحد شوارع باريس واتصل مسؤولو فندق لوتيسيا بالقنصلية المصرية وأبلغوهم بأن لديهم شخص مريض يقول إنه فيلسوف مصر وعاد إلى مصر ليتلقى العلاج في معهد ناصر إلى أن توفي «زي النهاردة» في25 يوليو 2002.