3- طار الصقر من القفص اقترب والى الشرطة من مجلس السلطان، وهو يفكر كيف يبدأ كلامه وكيف يبلغه الخبر، لم يمهله السلطان ووخزه بنظرات عينيه فأفلت الكلمات من بين شفتيه " حمل إلينا الحمام الزاجل خبر هروب يشبك من برج الاسكندرية " سكت والي الشرطة في انتظار رد السلطان وهو يختلس النظرات إلى وجه السلطان ليرى وقع الخبر عليه .كدر الغيظ صفاء عيني السلطان، وقال دون أن تختلج عضلة في وجهه " طار الصقر من القفص ولكن كيف ؟ " اندفع والى الشرطة يتكلم وكأنه يقرأ من ورقة " وضعت جارية يشبك البنج في جرتي نبيذ معتق أهدتهما للحراس .. وهربا عند الفجر بعد أن نشرت القيد وقضبان النافذة بمبرد أخفته في فرجها فقد فتشتها زوجة أحد الحراس تفتيشاً دقيقاً قبل دخولها إلى يشبك .. وما أن علمت بالخبر حتى بثثت العيون في كل مكان يا مولاي ولن يلبث يشبك طويلاً خارج القفص.. " أسكته السلطان بإشارة من يده .. وضع مبسم النارجيلة في فمه وأخذ يسحب أنفاساً متلاحقة وقد اتجه بعينيه ناحية النافذة وكان الأفق قد صبغ بالحمرة إعلاناً بحسم المعركة لصالح الظلام ، وبدا أنه قد نسي يشبك ووالي الشرطة الواقف أمامه، كان والي الشرطة قلقاً وإن لم يسمح للقلق بأن ينضح على وجهه، وكلما مر الوقت أحس كأنه واقف على قمة نارجيلة السلطان والجمر الذي يحمر كعيني غول كلما سحب السلطان نفساً يحرق باطن قدميه، وأخذ في سره يلعن " يشبك " وجاريته الفاجرة وحراس برج الاسكندرية، لقد انتزعه هروب " يشبك " من بين أحضان جاريته التى وفدت إلى حريمه منذ يومين أذاقته فيهما عسل جسدها الذي يحاكي أجساد الحور وسائل نفسه هل الحور سيكن أمتع من هذا وهل ؟ .. انتزعه صوت السلطان من حضن خياله " احذر أن يهرب إلى الشام .. بث مزيداً من العيون .. راقب البر والبحر والنيل .. اكبس الحارات وفتش البيوت .. أقلب كل حجر ولكن دون أن تحدث ضجة في البلد والويل لك لو امتدت يد أي من أعوانك إلى حوائج العوام أو أموالهم أو نسائهم .. لا تجعل كائناً من كان يعرف عما تبحث أو عما تفتش لا أريد أن يتسرب الخبر إلي العوام وأن يصبح حديث القهاوي والمحششات .. هيا تحرك ووافنى بما يستجد في حينه " هرول والي الشرطة خارجاً، ومد السلطان يده إلى حق عاج لطيف عليه نقوش وفتحه وبملعقة ذهبية كانت في الحق تناول معجون " البسط " [2] وأخذ يحركه بلسانه في فمه، ويحدث نفسه " صدقنى قلبي في الخوف منك يا " يشبك "، ولكن لن تذهب بعيداً .. وستعود إلى القفص".