دخلت مؤسسة الرئاسة والحكومة والقطاع الخاص في مهمة خاصة لإعادة اكتشاف السوق الأفريقية واستعادة مصر لمكانتها التاريخية لدى دول القارة السمراء. ودشنت مؤسسة الرئاسة تحركات خارجية مهمة استهدفت في مراحلها الأولى استعادة المكانة في الساحة الأفريقية، وركزت في مقدمة التحركات على دول حوض النيل، فيما تواصل الحكومة جهودا حثيثة للدخول إلى نفس المسار، حيث اتخذ القطاع الخاص العديد من المبادرات المهمة بالاستثمار في عدة قطاعات مهمة في حوض النيل وتتضمن أجندة التحركات المصرية في القارة وفي دول حوض النيل مشاركات مهمة تبدأ بأوغندا الشهر المقبل، كما يتم افتتاح المقر الدائم لاتحاد الغرف الافريقية بالقاهرة بعد نحو 3 أشهر. وبادرت شركات مصرية كبرى في الاستثمار المبكر بعدة دول أفريقية خاصة حوض النيل فضلا عن تحركاتها بطرق أبواب الاستثمار في دول أخرى، وفي هذا التقرير نكشف النقاب عن الخطوط العريضة لتلك التحركات. يقول أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والمهن الأفريقية، إن هناك استثمارات مصرية متنامية في قارة أفريقيا، خاصة في دول تجمع الكوميسا وحوض وادي النيل، مشيرًا إلى الحاجة للمزيد منها. وأضاف «الوكيل» أن الحكومة تقوم بدور كبير في تمهيد الطريق للقطاع الخاص، الأمر الذي يساعد القطاع الخاص المصري على النمو من داخل أسواق القارة الأفريقية وتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية التي تتوفر في السوق الأفريقية. وأشار إلى أن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات من جانب الشركات المصرية خاصة في مجال البنية التحتية، باعتبارها محركا أساسيا للنمو والازدهار للاستثمار. ومن جانبه كريم صادق، العضو المنتدب لشركة القلعة، فأكد أن شركته حققت نجاحا مبهرا في شرق أفريقيا من خلال الاستثمارات الواعدة في شركة سكك حديد «ريفت فالي»، التي تصل قيمة ما تم ضخه داخل الشركة حتى الآن إلى 364 مليون دولار أمريكي؛ لتحديث خط السكك الحديدية من ميناء مومبسا الكيني إلى العاصمة الأوغندية كمبالا، ولتقليل تكلفة النقل، وبالتالي تكلفة الإنتاج وهو ما سيخدم الاقتصاد المحلي في كل من كينيا واوغندا بشكل كبير جدا. وأشار إلى أن شركة سكك حديد ريفت فالي التابعة للقلعة تعد من أهم وأكبر الاستثمارات في قطاع النقل بأفريقيا، حيث تمتلك الشركة حقوق تشغيل وإدارة شبكة السكك الحديدية بكينياوأوغندا وتعمل على تسهيل حركة التجارة البينية في شرق أفريقيا. وأوضح أن الشركة تقوم بدورها التنموي في دول القارة الإفريقية من خلال توفير برامج التدريب الفني ودورات إدارة الأعمال والتي شارك فيها على سبيل المثال أكثر من 6 آلاف مواطن في كينيا مع طرح برنامج مماثل في أوغندا. أما أماني عصفور، عضو مجلس الأعمال بدول تجمّع الكوميسا، فقالت إن هناك جهودا حكومية وعلى مستوى القطاع الخاص لاستعادة العلاقات المصرية الأفريقية إلى المسار الصحيح، وهو ما يمكن أن يتحقق بسرعة عن طريق التجارة ومشروعات التنمية. وأوضحت أن الاتحاد الأفريقي يضم 54 دولة ويوجد داخله 8 تجمعات إقليمية اقتصادية منها الكوميسا (تجمع شرق وجنوب القارة الأفريقية) التي تضم دول حوض النيل ماعدا تنزانيا. وأشارت إلى أن هناك أيضا تحركات لزيادة العلاقات التجارية بين مصر ودول الكوميسا، وزيادة التجارة البينية والتنسيق مع مجلس أعمال الكوميسا عبر توفير المعلومات عن فرص الاستثمار المشتركة في مختلف المجالات، خاصة أن الكوميسا سوق واعدة للمنتجات المصرية ويضم نحو 400 مليون نسمة في 19 دولة. ووفقا لبيانات رسمية بالاتحاد الأفريقي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع له فقد شهدت التجمعات الاقتصادية الأفريقية تطورا مهما عام 2011، عندما اندمجت ثلاثة تجمعات اقتصادية رئيسية من التجمعات الاقتصادية الإقليمية في اجتماع لها بجنوب أفريقيا، هي الكوميسا الذي يضم 19 دولة، والسادك الذي يضم 14 دولة، ومجموعة شرق أفريقيا التي تضم ثلاث دول، ليصل عدد الدول المشاركة في الكيان الجديد إلى 26 دولة. ودعت مصر إلى الإسراع في إنشاء منطقة التجارة الحرة لتحقيق التكامل بين الأسواق وتسهيل تدفق السلع وحركة التجارة والدخول في سوق مشتركة. ويقول شريف الخريبي، رئيس إحدى الشركات المتخصصة في العمل بالسوق الأفريقية، إن هناك تحركات مكثفة للقطاع الخاص في دول حوض النيل خاصة أوغندا وأثيوبيا، غير أنه أشار إلى أن تحركات القطاع الخاص تسبق الحكومة. وأضاف «الخريبي» أن هناك شركات نفذت وتنفذ استثمارات كبرى في السوق الأفريقية، خاصة حوض النيل، لافتا إلى أن الرئيس السيسي أنجز عدة تحركات لاستعادة المسار السليم للدولة في عدة مسارات خارجية خاصة في أفريقيا، وهو ما ينبغي استثماره خلال الفترة المقبلة في تحركات أوسع للقطاع الخاص والحكومة. لكن الخريبي انتقد تشكيل الحكومة لوحدة أفريقيا بدون تمثيل ملموس للقطاع الخاص، قائلا إن هناك مؤسسات تمويل دولية تترقب إنجاز مصر لخريطة الطريق السياسية، ومع هذا بدأ بعضها التعامل في تمويلات كبيرة للقطاع الخاص المصري. وتابع أن هناك حاجة إلى كيان مؤسسي يضم القطاع الخاص والخبراء المشهود لهم أفريقيًا، ممثلين عن الحكومات لوضع خريطة طريق متكاملة للتحرك المصري أفريقيًا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، على أن يتمتع هذا الكيان بقوة دفع رئاسية.