(ستظلّين تبحثين عن الفارس حتى لو ظهر !) قالها لى أستاذ فاضل قبل أن يظهر آلاف الفرسان هنا وفى كل وطن تفجَّر فيه بركان ثورة.. وقد صدق.. فها أنا اليوم أندفع بين ثوّار ليبيا، روحا تبحث عن فارس زلزل صوته العروش حين توسّط جيشه قائلا: (أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر.. وإنى لم أحذِّركم أمراً أنا عنه بنجوة.. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقّ قليلاً استمتعتم بالأرفهِ الألذّ طويلاً.. وإن حملتُ فاحملوا وإن وقفت فقفوا. ثم كونوا كهيئة رجل واحد فى القتال. ألا وإنى عامد إلى طاغيتهم، بحيث لا أتهيبه حتى أخالطه أو أُقتَلَ دونه، فإن قُتِلتُ فلا تهنوا ولا تحزنوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وتولّوا الدبر لعدوّكم فتبدّدوا بين قتيل وأسير». ثمّ صوّب رمحه ل(لذريق) وصاح (قتلت الطاغية) فأين طارق بن زياد اليوم من ثوارٍ وشعبٍ واقع ٍبين بحر حلفاء وبين طاغيةٍ أصابته الهستيريا الدموية بغيبوبة عن الوعى الإنسانىّ، ليأتينا برأسه؟ نساء وأطفال وشيوخ يستغيثون ولا مجيب غير ثوّار تحصدهم نيران الديكتاتور، وغير قرار مجلس الأمن فى حظر الطيران لوقف الإبادة القذّافية، وتطوّره إلى عمل عسكرىّ يثير مخاوف وقلقا من أن يكون إخراجا جديدا لسيناريو الأمس بنهاية واحدة ظاهرها إنسانىّ وباطنها حماية آبار نفط تعتبر الهدف الاستراتيجى الأهم تكاد لا تخلو من روح مؤامرة يغذّيها طغاة تتقلب بين أياديهم مصائر أوطان.. تجاوزوا حدود العبودية إلى خلود إلهىّ. فلم يعد يرفّ لهم جفن من موت، فالآلهة لا تموت ولا تُهزم.. ولم تهمهم دمعة ثكلى وأرملة ويتيم، يرونها طقوس ضعف بشرىّ وابتلاء. ولم تهزّ ضمائرهم توابيت ودماء، يعتبرونها قرابين ونذوراً.. طغاة تستنكف منهم أدنى المخلوقات.. عنف وكِبر ونفوس لا تشبع حتَّى لو خضعت لألف عملية (تدبيس وربط). دناءة سحقت أبجديات الكرامة تحت أقدام التسلط وأغلقت الأسماع الملوَّثة بنفاق حاشية وإعلام مرتزق عن صوت الثورة المطالب بالرحيل ليستبدلوه ب(الرئيس يريد رحيل الشعب). ولعلّها طرفة لكنّها الحقيقة. يتباهون بتاريخ نضال، وما هم إلا نخاسون وسماسرة أوطان. لا يمثل لهم الشعب سوى قطيع ماشية. والوطن أرصدة وقصور.. بالأمس وضع عناد النظام العراقى جسد الوطن فوق «صينية» من ذهب، وليمة لمحتل جاء لزرع وهم ديمقراطية لايزال ينتظر ثمارها بعد تسع سنوات من رىّ دموىّ وسماد آدمىّ، ولم تثمر غير دمار وفوضى وتهجير وخوف. واليوم يضع المعتوه ليبيا (حلوى) على طبق بلّورى للحلفاء.. ولا ندرى على أى طبق ستوضع اليمن وسوريا والمغرب غدا؟ الشعوب تستغيث بالعروبة.. فأين جيوشنا وأسلحتها الجبارة التى التهمت ميزانياتها وعمولاتها قوت المحرومين؟.. وكيف توجه فوهات مدافعها وبنادقها نحو صدور الشباب بدلا من أعداء الوطن؟ وأين هى من حماية ليبيا من (دراكولا القذافى؟) بل أين جامعتنا العربية ومسؤولية لم يبق منها سوى إبهام وسبابة تمسك قلم توقيع على قرارات حماية وبنود وصاية أمريكية على أوطان فاقدة الأهلية!! ترى ماذا يخبئ لنا الغد إذا ما دخلوا ليبيا براً، وفتحوا (طروادة) بحصان خشبى يتبختر على أصداء «أوديسا هوميروس» وضوء فجر مبشّر بخيرات نفط وفاتورة حرب تثقل كاهل خزانة خالية ؟ وماذا لو طاب المقام للحلفاء وتحولت الثورة بعد رحيل الطاغية إلى ثورة ضد محتل وعمّت الفوضى؟ ومن لى ب«طارق» يطلق رصاصة النهاية على كل طاغوت عنيد؟ ومن لى بثورة فتحت فى وقت قياسىّ بوابات الحرية والديمقراطية ووحدة وطنية أذهلت العالم كثورة 25 يناير؟ ومن ذا يحمل روحى درعا لكل فارس حرّ فى وطن عربىّ؟