عرض في قسم البانورما بمهرجان برلين السينمائي والذي تجري فعالياته الآن الفيلم الفلسطيني «الحب والسرقة ومشاكل أخري»، وذلك في عرضه العالمي الأول إخراج مؤيد العليان في أول تجربة روائية طويلة له، وقد قرر المخرج منذ بداية الفيلم أن يدخل المشاهد معه في تراجيديا خاصة بعد أن قرر ان يقدم فيلمه بالأبيض والأسود وكأنه يقول في رسالة غير معلنة سأقدم لكم فلسطيين الحقيقة دون تجميل أو ألوان أصل الواقع الفلسطيني الذي نعيشه والماساة الحقيقية بعيدا عن الأفلام التقليدية التي قدمت عن فلطسين ورغم تراجيدية الحالة والحدث إلا أنه قدم فيلمه في إطار كوميدي كنوع من الكوميديا السوداء المغلفة بجريمة قتل وخيانة وفساد أخلاقي وسياسي. يبدأ الفيلم في إحدى المستوطنات الإسرائيلية من خلال «موسي» الذي حصل على تصريح من السلطات الإسرائيلية ليعمل مع والده في البناء ولكن حلمه بالخروج من البلاد وسعيه وراء الهجرة لم يتحققا إلا بطرق أخرى فيضطر موسي أن يترك والده ويدخل في إحدى الشوارع الجانبية ويقوم بسرقة سيارة ويستطيع أن يخرج بها إلى الأراضي الفلسطينية ثم يضعها في مكان بعيد عن الأنظار حتي يستطيع تفكيكها وبيعها. وفي لقطة أخرى، نرى موسي وهو يتلصص على إحدى الفيلات ثم يقفز اليها بعد أن خرج صاحبها ونكتشف أن حبيبته متزوجة من صاحب الفيلا، وقد قررا الطرفان أن يمارسان حبهما الحرام لحين العثور عن مخرج مناسب ينتشلهما مما هما فيه، وهنا ركز الفيلم على صعوبة الحياة حيث يضطر الحبيبان أن يفترقا بسبب المال حيث تتزوج الفتاة من شاب لا تحبه من أجل حياة مريحة وكريمة. ولكن تأتي المفاجئة عندما نكتشف أن الكتائب الفلسطينية تبحث بنفسها عن سارق السيارة الإسرائيلية لأن تحتوي على رهينة يعمل في الجيش الإسرئيلي في ورطة وهنا يقع موسي في ورطة كبري لأنه أصبح لديه «داهيتان» أولهما التصرف في السيارة والاخري الجندي الإسرائيلي وقد اضطر المخرج أن يلجا لهذه الحبكة والتي تحمل نوع من الفانتزيا لتتماشي مع الإطار الكوميدي للفيلم. ولكن بعد أن علمت السلطات الإسرائيلية، بحقيقة سرقة موسى للسيارة وتم اعتقاله هاجمه الضابط بسبب سرقته للسيارة فقال له موسي «لقد سرقتم بلدا باكمله فهل تريد معاقبتي بسبب سيارة» وقد حاول الضابط تجنيده وأطلاق سراحه مقابل الكشف عن مكان الكتائب ولكن موسي قرر أن يتلاعب به ويقبل العرض لتحقيق رغبته في الخروج من هذا الماذق ولكنه يدخل في مأزق آخر عندما يجد نفسه مطاردا من الكتائب وفي صحبته الجندي الإسرائيلي. وفي هذا الصدد يستعرض الفيلم عملية تبادل الأسري واهتمام الجانب الإسرائيلي بأن تبدل رجلا واحدا بأكثر من 400 من الفلسطينيين في إشارة واضحة رخص الدم الفلسطيني مقابل اهتمام إسرائيل الكبير باستعادة جندي واحد تم خطفه، وهنا يرفض موسي أن يسلم الجندي الإسرائيلي للكتائب لإتمام الصفقة ولكنه قرر أن يساومهم ويحصل على 10 آلاف دولار ليحقق من خلالهم حلمه بالسفر والهجرة مؤكدا لهم في رسالة طويلة أنه ليس خائن وليس بطلا ولكنه يريد أن يخرج من المقبرة الذي يعيش فيها منتقدا كل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيشها بلاده وأنها لم تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة في الوقت التي تخسر فيها يوميا مئات من أبناءها وأن العائدون من السجون لن ياتوا إلى الجنة بل إلى عذاب كبير أيضا. وينجح موسى في أن يحصل على ما يريد ووقتها يقرر أن يدفع 5 آلاف دولار إلى صاحب أحد الأندية الرياضية هناك ليساعده في السفر إلى إيطاليا عن طريق الاحتراف ليكشف عن نوع آخر من الفساد الموجود في فلسطين ووقتها تقابله لجنة من الاتحاد الأوربي لتسأله عن موقفه من السلام، وأيضا دور المرأة وزيارته لمتحف ضحايا الحكم النازي من اليهود وهنا يغير موسي كل أفكاره ومبادئة من أجل الحصول على التأشيرة لأنها أهم من كل المبادئ. ثم نكتشف أن ابنة العشيقة هي ابنة غير شرعية من موسي ولكن الزوجة توهم زوجها بأنها ابنته، وعندما يكتشف الضابط الإسرائيلي بأن موسي يتلاعب به يضطر بأن يهدده بآخر ورقة وهي إرسال صور له مع عشقيته على الفراش إلى زوجها في إشارة واضحة بأن إسرائيل أصبحت مخترقة للمنازل الفلسطينية عن طرق الأقمار الصناعية وتكشف عما تريد، ولكن لم يرضح موسى للضابط الإسرائيلي وتصل الصور بالفعل إلى زوج العشيقة التي لا تجد مفر سوى أن تقتله وهناك يعلب موسي دور البطولة لأول مرة ويضحي بنفسه من أجل حبيبته وابنته ويعترف بأنه قاتل الزوج ويدخل السجن بدلا من حبيبته وفي مشهد أخير نرى العشقية وابنتها في زيارة للموسي بالسجن وينتظران عودته. ورغم أن الفيلم يشهد التجربة الأولى لمخرجه إلا أنه استطاع أن يقدم يعبر عن فكرته بجرأة شديدة وأن يستعرض الواقع الفلسطيني بطريقة تختلف عن التي سلكتها الأفلام الفسلطينية الأخيرة، وقد برع الممثل سامي ميطواسي في تقديم شخصية موسي وأيضا رياض سليمان في شخصية الأسير الإسرائيلي، وكان الفيلم صافرة إنذار لكل من يهمه الأمر بأن فلسطين أصبحت مقبرة للحب والحياة. وصور مؤيد العليان الفيلم بنفسه في حين كتب السيناريو مع شقيقه رامي، واختار أن يكون معظم الفريق المشارك في هذا العمل من الفلسطينيين. وقال عقب عرض الفيلم إنه «لم يجد صعوبة في العثور على ممثلين فلسطينيين، لكن المشكلة كانت في جمع الفلسطينيين في مكان واحد للتصوير، خاصة وأنهم يأتون من مناطق فلسطينية مختلفة، بسبب الحواجز الإسرائيلية». وصور الفيلم في أجزاء منه في مدينة بيت لحم وهي المدينة التي يعيش فيها المخرج المولود في الكويت في العام 1985، والذي درس السينما في سان فرانسيسكو. وقد اهتم العليان مع بداية أفلامه بالواقع الفلسطيني حيث قدم فيلمه القصير الأول «ليش عايشين» والذي نال عنه جائزة في مهرجان الفيلم القصير في كليرمون فيرون في فرنسا، ليجول بعدها على نحو 60 مهرجانا عبر العالم. أما فيلمه الوثائقي الأول «منفيون في القدس» فحصل على جائزة كوداك للإبداع الفني في سان فرانسيسكو عام 2005. أين تذهب هذا المساء؟.. اشترك الآن