مُدرب شاب مغمور، يخوض تجربته الأولى في منصب المدير الفني، لا يتكئ على سجل حافل في الملاعب، إذ اقتصرت مسيرته الكروية على محطات قليلة للغاية، يصطدم بلاعب موهوب ينتزع آهات الجماهير بلمساته، ويحظى بدعمهم في كل مباراة. تعود أحداث هذه القصة إلى عام 2000، حين قررت إدارة بنفيكا البرتغالي إقالة يوب هانكس وتعيين جوزيه مورينيو بدلاً منه، عاد مورينيو لبلاده واضعًا قدميه على أولى خطوات سُلم التدريب ليجد في انتظاره أزمة كان بطلها المصري النحيل الأسمر عبدالستار صبري، أحد أفراد كتيبة الجنرال محمود الجوهري، المتوجة بكأس الأمم الأفريقية 1998 بجنوب إفريقيا. كان مورينيو يعمل ضمن الطاقم الفني لبرشلونة الإسباني، مساعداً للهولندي لويس فان جال، تلقى عرضًا من بنفيكا مطلع موسم 2000 – 2001، لينضم للجهاز الفني للفريق لكنّ فان جال نصحه: «لا توافق إلا إذا عرضوا عليك منصب المدير الفني». وافقت إدارة بنفيكا على استقدام مورينيو ليتولي المسئولية وسط موجات من التشكيك في قدرات المدرب الشاب على قيادة الفريق لتحقيق نتائج إيجابية محليًا وأوروبيًا. - طريقة اللعب مورينيو، دقيق للغاية، لا يغفل التفاصيل الصغيرة، يميل للدفاع، يُغلق مساحات الملعب أمام المنافسين، ويطالب عناصره الهجومية بالارتداد سريعًا حين يفقد الفريق الكرة، فلسفته الدفاعية، والتي عرضته لانتقادات حادة الموسم الماضي، ساهمت في تتويجه بالعديد من الألقاب في السنوات الأخيرة. صبري، أعسر موهوب، لاعب «حريف» كما يقولون، يحب الاحتفاظ بالكرة، استعراضي لا ترضيه المراوغات التقليدية، يضفي عليها مسحة بهلوانية، وكلما انتزع الآهات من الجماهير، كلما زادت رغبته في الاحتفاظ بالكرة فترة أطول. حين انتقل مورينيو إلى بنفيكا، كان صبري يشارك بصفة منتظمة، اعتمد عليه يوب هانكس وتعلقت الجماهير به سريعًا، لكن بعد رحيل المدرب السويسري وقدوم مورينيو تغيّر الحال، وجد اللاعب المصري الذي لقبه البعض ب«إيزيبيو الجديد» صعوبة في التأقلم مع تعليمات المدرب الجديد. بدأ صبري يفقد مكانه في التشكيل الأساسي للفريق، يشارك أساسيًا في مباريات ويجلس على مقاعد البدلاء في أخرى، لم تُرضه قرارات مورينيو فتوجه لإدارة النادي يشكو المدرب، ثم لوسائل الإعلام لينتقد الشاب القادم من برشلونة. - رسالة قاسية مورينيو لم يتجاهل تصريحات اللاعب، كما يفعل بعض المدربين، ولم يعنفه في حديث شخصي بينهما، اختار المدرب البرتغالي أن يكون الرد علني في مؤتمر صحفي، ووجه حديثًا قاسيًا للنجم المصري الموهوب، فنّد خلاله كل اتهامات صبري قبل أن ينتقد طريقة لعبه. قال مورينيو: «بخصوص صبري، لقد قال إنني لا اعتمد عليه بشكل أساسي، وأُجلسه على مقاعد البدلاء.. حسنًا منذ توليت المسئولية لعبنا 7 مباريات، شارك صبري أساسيًا في 4 وجلس احتياطيا في 3 مباريات، وإذا حسبنا مباراة الغد، لأنه يعلم أنه سيشارك، إذ خاض التدريبات مع المجموعة الأساسية، يكون الإجمالي 8 مباريات شارك في 5 منها أساسيًا و3 بدأها على مقاعد البدلاء، وهذه نسبة جيدة.» ثم بدأ المدرب البرتغالي في ينتقد طريقة لعب صبري بقسوة قائلاً: «لا أستطيع أن أحب لاعبًا يمتلك نسبة قياسية من السقوط في مصيدة التسلل في كل مباراة، لاعب لا يعرف أنه مطالب بإغلاق المساحات أمام الخصم حين نفقد الكرة، لا يعرف واجبات مركزه، ولا يعرف معنى التوازن في تغطية مساحات الملعب، لاعب يهرب في المباريات التي نخوضها خارج ملعبنا حين يكشف الخصم عن أنيابه، لاعب انفرد بحارس المرمى في 3 مباريات متتالية وأخفق في التسجيل». وواصل مورينيو: «حين أكون عنيفًا بعض الشيء بين شوطي المباراة يهرول صبري لمسئولي النادي ليقول لهم إنني غاضب دومًا وأنه يخشى التعامل معي.. لا أستطيعُ أن أحب لاعبًا بهذه الصفات». وأضاف: «قال صبري إنني لا أتحدث معه وأن هذا سبب توتر علاقتنا.. أنا أسجل تفاصيل كل المقابلات الفردية مع اللاعبين.. الأماكن، المواعيد، وسائل التحفيز، تعليقات اللاعبين، ردود أفعالهم وكل شيء، وفيما يخص صبري، الذي قال إنني لم اجتمع معه ولم أتحدث معه بشكل فردي، لقد عقدت معه 7 اجتماعات فردية، ليس اجتماعاً واحدًا أو اثنين، اجتمعت به 7 مرات 3 منها في آخر 4 أيام.. لكنّه لا يحب الأشياء التي أقولها له، ولا ينفذ التعليمات» وتابع مورينيو: «لقد قال إنه غاضب لأنه حين يشارك لمدة 20 دقيقة فقط في المباراة لا يستطيع إظهار قدراته، والحقيقة أن المباراة الوحيدة التي لعب فيها 20 دقيقة كانت أمام باكوس فيريرا، وظل 8 دقائق كاملة يُجهز فيها حذائه والشينجارد (واقي القصبة) قبل النزول للملعب». واختتم المدرب البرتغالي: «في النهاية أقول لصبري إنني وجهت له هذه الرسالة في مؤتمر صحفي لأنه تحدث إليّ عبر وسائل الإعلام.. يجب أن يعلم أنه الآن في بنفيكا وليس في باوك». انتهت رسالة مورينيو لصبري، لم يستمر الثنائي كثيرًا في بنفيكا، رحل المدرب عن الفريق بعد أيام قليلة من هذا المؤتمر بسبب تغير إدارة النادي، وانتقل صبري في نهاية الموسم إلى ماريتيمو. في العام الماضي أجرت صحيفة برتغالية حوارًا مع صبري، وكان وقتها ضمن الطاقم التدريبي لمنتخب مصر، وتطرق النجم الأسمر لأزمته الشهيرة مع مورينيو قائلاً إن اللغة كانت السبب الرئيس في خلافاته بين المدرب، إذ لم يكن يجيد البرتغالية، فكان يفهم تعليمات مورينيو بطريقة خاطئة! اشترك وخليك في الملعب لمتابعة أخبار الدوريات