كان أول ظهور صحفى لتوفيق دياب فى الصحافة المصرية على صفحات جريدة «اللواء» فى عددها الصادر يوم 19 أغسطس 1908، قبل أن يتجاوز عامه العشرين، وكان قد بعث به للجريدة أثناء إقامته فى لندن، ومن بعد «اللواء» جاءت صحيفة أحمد لطفى السيد «الجريدة» التى شكلت مرحلة مفصلية فى مسيرته الصحفية والحياتية والنضالية، وقد استمر فى التعامل معها حتى توقفت عام 1915، وكان أول مقال له فيها فى آواخر 1910، وكانت معظم القضايا التى تناولها ذات طابع نقدى اجتماعى، وهو ملمح لازم كتاباته، بما فيها الكتابات السياسية. وبعدما توقفت الجريدة.. غابت كتابات توفيق دياب لبعض الوقت، وقد انشغل أثناء فترة التوقف هذه بالعمل فى الجامعة المصرية، فلما عاد للكتابة مرة أخرى فى جريدة «المقطم» بصفته «أستاذ فن الخطابة والإلقاء بالجامعة المصرية» فى 22 يوليو عام 1916 عبر سلسلة من المقالات تحت عنوان «أخلاق واجتماعيات»، وظل يكتب فى «المقطم» لمدة عام، وكانت الخطوة الأهم فى حياته الصحفية تلك التى أقدم عليها فى 17 فبراير 1917 تحت عنوان «اليوميات»، الذى يمكن توصيف دياب على أساسه بأنه أحد الآباء الشرعيين لفكرة «العمود» الصحفى، ويعتبر يوم الثلاثاء 17 فبراير 1917 هو يوم دخول دياب إلى مرحلة الصحفى المحترف، عندما بدأ كتابة عموده اليومى فى «المقطم»، وهو المقال الذى بدأ يتقاضى راتباً عليه، غير أن قارئ «المقطم» فوجئ باختفاء عمود «يوميات»، بدءاً من يوم السبت 19 مايو عام 1917.. ولم يعرف أحد السبب، رغم أن آخر عمود كتبه فى الصحيفة «كلنا رسول» كان ينذر بذلك.. ثم انضم لكتاب «الأهرام»، وربما كان انصرافه من المقطم وانضمامه للأهرام أنه كان للأهرام موقف مناوئ للاحتلال. وفى الثالث من سبتمبر 1919 طلعت الأهرام على قرائها بعمود يومى بعنوان «اللمحات» لتوفيق دياب، وكان موضوعه عن إضراب عمال الترام فى العاصمة، وكان العمود بمثابة تغيير منهج شكلى وجوهرى فى الكتابة. وما بين يومى 19 و21 أكتوبر 1920 اتضح جلياً خروج دياب عن الاقتصار على الكتابات الاجتماعية للدخول فى عالم الكتابات السياسية عبر ثلاثة أعمدة بعنوان «مستحيل» حول قضية تكوين «جمعية وطنية» للبت فى المشروع البريطانى حول مستقبل مصر، مؤيداً فكرة انتخاب أعضاء الجمعية التى أيدها الوفد. وفى الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر 1921 وبعد تخليه عن صيغة العمود، كتب دياب ستة عشر مقالاً شديد السخونة، فيما يشكل تأكيداً وتقديراً لمرحلة الكاتب السياسى، وكانت هذه الفترة الساخنة قد شهدت انشقاقاً سياسياً بين سعد زغلول وعدلى يكن، إذ كان الخلاف على رئاسة الوفد المتجه إلى لندن للتفاوض، وكانت الأهرام قد انحازت لعدلى وهاجمت سعد زغلول، وكان توفيق دياب هو الناطق بلسان الأهرام فى هذه المعركة، وقد قبل ركوب المخاطرة التى طالما عزف عنها، وفى السادس عشر من يوليو عام 1921 خرجت الأهرام على قارئها بأول مقالات دياب فى حملة تأييد عدلى يكن، وكان المقال شهادة ميلاد لدياب الصحفى السياسى ليدخل عش الدبابير، وفى 23 نوفمبر عام 1921 كان دياب قد غير عنوان عموده من «اللمحات» إلى «حديث الصباح». ومع صدور صحيفة الأحرار الدستوريين وهى صحيفة «السياسة» فى 30 أكتوبر 1922، ظل يكتب على صفحاتها على مدى ست سنوات، خرج منها عام 1928، وكان قبل ذلك، فى عام 1925، قد شغل وظيفة مدير إدارة الجامعة المصرية، وهى تعادل وظيفة «الأمين العام»، وهى وظيفة كانت تحظر الاشتغال بالسياسة، مما حدا بدياب إلى الكف عن الكتابة «السياسية» اليومية منذ فبراير 1924، وفى 12 مارس عام 1926 يصدر العدد الأول من «السياسة الأسبوعية» وبدأ توفيق دياب يكتب فيها فى عودة لعموده «اللمحات» فيما يشبه صيغة الاعتدال السياسى، وفى عدول عن موقف عدائى «أهرامي» لسعد زغلول، ومما يذكر أنه فى يوم 21 يوليو 1928 نشرت الأهرام مقالاً لتوفيق دياب، كان بمثابة نقطة تحول فى حياة الرجل، إذ كان بمثابة هجوم واضح على حكومة محمد محمود باشا التى عرفت باسم وزارة «اليد الحديدية»، ثم كتب لجريدة «وادى النيل»، وفى 13 نوفمبر 1928، كانت الخطوة الحاسمة التى قطعت أى تردد من جانب دياب للانضمام للوفد، إذ كان الوفد يحتفل بعيد الجهاد، فألقى خطبة نارية احتلت صفحات «وادى النيل»، وقبل سقوط محمد محمود، رئيس الوزارة الحديدية، أصدر ثلاث صحف، ما إن تصدر واحدة إلا وتصادرها الحكومة.. وفى 1930، نجد اسم توفيق دياب يتصدر صحيفة اسمها «النديم» الأسبوعية، ثم «المهذب» التى كانت آخر الصحف التى كتب لها دياب فى عهد اليد الحديدية، إلى أن قدمت الحكومة الحديدية استقالتها يوم 2 أكتوبر 1929. بعدما ودع قراء «المهذب» غاب دياب عن قرائه ثلاثة أشهر من 19 أكتوبر 1929 إلى 21 يناير 1930، وربما كان الانقطاع بسبب دخوله انتخابات البرلمان. «اليوم» كانت أول جريدة ل «دياب»: «رأسمالى هو ولائى للوطن وخدمتى له» فى 1930، قرر توفيق دياب أن يؤسس لصحيفة يملكها ويترأس تحريرها ويكتب فيها، وكانت هذه الجريدة هى «اليوم»، وضم أول أعدادها الإعراب عن خط الجريدة وجهة تمويلها.. إذ يقول دياب: «رأسمالى كنز لا يفنى من الولاء لمصر، والتوفر الدائم على خدمتها ما حييت، ورأسمالى حسن ظن قرائى، وأن أظل عند ظنهم بى، هذه الجريدة غير معتمدة على مال مخزون، وإنما اعتمادى على الله، أستمد منه المعونة والتوفيق». ووصلت «اليوم» إلى هجومها المعلن، ورفعت راية الثورة على صاحب العرش نفسه على نحو غير مسبوق فى الصحافة المصرية. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة