فى يوم 12 من يوليو 1928، نشرت «الأهرام» مقالاً لتوفيق دياب، كان نقطة تحول فى مسيرته، وكان بمثابة إعلان حالة الحرب من جانب دياب على الحكومة التى ألفها محمد محمود باشا (وزارة اليد الحديدية)، وهو المقال الذى اعتبره البعض انقلاباً من جانب دياب على الأحرار الدستوريين، ونشر يوم 19 يوليو 1928، ولم تكن «الأهرام» قادرة على تحمل النبرة العالية فى الهجوم على اليد الحديدية، فاختار دياب جريدة «وادى النيل» ليهاجم الاستبداد، وحينما خططت الحكومة لتنفيذ برنامج طموح للرى، يتضمن إقامة خزان جبل الأولياء وتعلية خزان أسوان، نظرت الصحف الوفدية بتشكك شديد لهذه المشروعات، وارتأت أن موافقة الإنجليز عليها تتضمن تفريطاً فى حقوق مصر المائية، وعبر دياب عن ذلك فى مقال طويل له، ومما جاء فيه: «إن خزان جبل الأولياء سيكلف مصر ثلاثة ملايين من الجنيهات، وستكلفها تعلية خزان أسوان ثلاثة ملايين أخرى، وأن خزان جبل الأولياء مثار شكوك هندسية من صلاحيته من الوجهة الفنية، وشكوك سياسية، إن الخزان إن أفاد فسيعود أكبر نفعه على مزارع القطن الإنجليزية فى السودان، وقد يلحق بمزارعنا ضرراً بليغاً»، ولم تكن حكومة اليد الحديدية لتطيق كل هذا الهجوم، الأمر الذى دعاها إلى القبض على دياب وتقديمه إلى المحاكمة، وفى العدد الأول من «وادى النيل» الصادر 16 من نوفمبر وتحت عنوان كبير «ضبط الأستاذ توفيق دياب وإحضاره إلى النيابة كمتهم بالتحريض على كراهية الحكومة»، ووصل دياب إلى المحافظة للتحقيق معه، وانتهت التحقيقات فى 18 من نوفمبر، وقرر القاضى الإفراج عن الرجل بكفالة قدرها 50 جنيهاً، وأقلق دياب كما أقلق محمد الكلزة، صاحب «وادى النيل»، أن سيف المصادرة اقترب كثيراً من رقبة جريدته، وتوقف دياب عن الكتابة فى «وادى النيل» فى أواخر 1928 بعد أن نالتها يد البطش المحمودية، ثم أصدر خلال الشهور العشرة المنقضية بين يناير وأكتوبر 1929، 3 صحف، كانت لا تظهر إحداها إلا وتلاحقها اليد الحديدية، فتخمد أنفاسها وهى فى المهد: «الشروق الجديد» كانت أولى هذه الصحف، والتى من الواضح أنه أجرها من صاحبها كما حدث بالنسبة لجريدة «وادى النيل» واختفى الأستاذ دياب بعد ذلك لنحو 5 أشهر، حتى 20 أغسطس 1930، عندما نجد اسمه يتصدر صحيفة «النديم»، ثم «المهذب» آخر الصحف التى كتب فيها دياب فى عهد «اليد الحديدية»، وخرجت «المهذب» بعد 3 أيام ثم توقف الدور الصحفى ل«دياب» 3 شهور كاملة بين يوم السبت 19 أكتوبر 1929 حين ودع قراء «المهذب»، وحتى 21 من يناير من العام التالى، وفى يوم الثلاثاء 21 يناير 1930، صدر العدد الأول من جريدة «اليوم»، وحملت فى «ترويستها» ما نصه: «الرسائل والمكاتبات تكون باسم صاحب الجريدة ومدير سياستها محمد توفيق دياب، تليفون 3141 عتبة إدارة الجريدة 6 شارع ناظر الجيش بمصر».