الحكومة: الحصول على القسط الثاني من صفقة رأس الحكمة فرصة للاستمرار في الإصلاح الاقتصادي    وزير النقل: ندرس وصول القطار الكهربائي السريع للإسكندرية.. فيديو    لجنة الزراعة بمجلس النواب: إجمالي المساحات المنزرعة بمصر في 2025 سيرتفع إلى 12 مليون فدان    بايدن وترامب يوافقان على إجراء مناظرتين في 27 يونيو و10 سبتمبر    وفاة هشام عرفات وزير النقل السابق.. كامل الوزير: قدم للوطن مجهودات كبيرة    انطلاق مباراة نهائي كأس إيطاليا بين يوفنتوس وأتالانتا    أندية الدوري الإنجليزي يتقدم بمقترح لإلغاء تقنية الفار    الأرصاد تحذر: اضطراب الملاحة البحرية وارتفاع الأمواج    «جوجل» تطرح أندرويد 15 بيتا 2.. تعرف علي مميزاته    ماسكات تراثية وماريونيت فى «السنارى»    ليلة فى حب الشريعى    سماح أبو بكر عزت من معرض زايد: أجيد أربع لغات إلا أنني أحب لغتي العربية    «عبد الغفار» يبحث مع medin الإماراتية سبل التعاون في القطاع الصحي    وكلاء وزارة الرياضة يطالبون بزيادة مخصصات دعم مراكز الشباب    بعد تشغيل محطات جديدة.. رئيس هيئة الأنفاق يكشف أسعار تذاكر المترو - فيديو    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    أمير عيد يكشف ل«الوطن» تفاصيل بطولته لمسلسل «دواعي السفر» (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    رئيس جامعة المنصورة يناقش خطة عمل القافلة المتكاملة لحلايب وشلاتين    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    طبيب مصرى محترم    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    كوارث النقل الذكى!!    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رسميًا| مساعد كلوب يرحل عن تدريب ليفربول.. وهذه وجهته المقبلة    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    فرحة وترقب: استعدادات المسلمين لاستقبال عيد الأضحى 2024    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ملك قورة تعلن الانتهاء من تصوير فيلم جوازة توكسيك.. «فركش مبروك علينا»    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    الأمم المتحدة: 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الابتذالة لا تزال في جيبي
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 05 - 2014

موسيقا تصويرية تتزامن مع نزول تتر مقدمة البرنامج التليفزيوني الشهير، الذي يبث عبر أول قناة دينية في الشرق الأوسط. التوقيت في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، والبرنامج تقدمه مذيعة لبقة جميلة ومحجبة، وعلى ما أتذكر أنه كان من إعدادها، واسم البرنامج ومضمونه عن ضرورة أن نحاسب أنفسنا في الدنيا قبل يوم الحساب، وهو موضوع جيد والبرنامج كان جيدًا في غالب حلقاته، غير أن هناك حلقة منه ظلت عالقة بذهني حتى الآن، وبدأت بدخول الكاميرا على الاستديو الذي تدور به الحلقات، ورأينا أريكة تجلس عليها سيدة بسيطة، وبجوارها في الركن القصي طفلة في حدود السادسة من عمرها تجلس منكمشة جدا تبعد رأسها عن مواجهة السيدة التي تجاورها كأنها في خصام معها، المدهش في الأمر أن هناك شبهًا كبيرًا بينهما يدل على أنها ابنة السيدة أو على أقل تقدير أختها الصغرى، ثم اقتحمت المذيعة المشهد وبدأت تتكلم باستعراضية عن حقوق الوالدين تجاه أولادهما، ومسألة عقوق الوالدين وعقابها الدنيوى وفي الآخرة، ثم تطرقت إلى قسوة الوالدين على أبنائهما والتي تتجاوز أحيانا حدود التربية، وكانت في خلال مقدمتها المثيرة تلك، تدعم أقوالها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ثم جلست تحكي للمشاهدين قصة هذه الأم مع طفلتها الصغيرة، وكيف أن هذه الأم لم تراع الله في أولادها، وكيف تحجر قلبها إلى درجة أن تعاقب هذه الطفلة البريئة بعقاب وحشي، لمجرد أن الطفلة أضاعت النقود التي أعطيت لها لإحضار الإفطار والخبز والسجائر للوالد، ولأنها في مرة أخرى لعبت مع بنت الجيران على بسطة السلم، وكسرا البلاط كى تلعبا «الأولة». حاولت الأم تبرير موقفها لكن المذيعة لم تمكنها من ذلك، وانتقلت بسرعة إلى الجانب الذي تجلس فيه الطفلة وطلبت منها أن تحكي ما حدث للمشاهدين، أبكتنا الطفلة وهي تتحدث بصعوبة بالغة عن العقاب البشع الذي نالها من الأم، فطلبت منها المذيعة أن تعرض مواطن إصابتها على المشاهدين في ذات الوقت الذي أعطت فيه أمرًا للمصور بأن يقترب بكاميرته من الطفلة ويركز على جروحها. كشفت الطفلة أجزاء من ذراعيها وظهرها، فرأينا ندوبا وكدمات زرقاء وبقايا جلد متهتك ومحروق من جراء تعذيب الأم للطفلة بملعقة تم تسخينها على النار، كانت المناظر التي ظهرت على الشاشة في قمة البشاعة تجعلك لا تتعاطف مع هذه الأم المتوحشة قيد أنملة، وكانت الأم قد أحنت رأسها وبدت في شدة الخجل من توبيخ المذيعة لها، وظلت تردد كلمات الأسف وتعد بأنها لن تفعلها مرة ثانية، إلى تلك اللحظة كانت الحلقة جيدة جدا وميت فل وعشرة، لكن كان في جعبة المذيعة ما هو أكثر، فجأة أشارت إلى أحد الأشخاص خارج الكادر، وبعد لحظات دخل شخص إلى الاستديو حاملا شيئا يخفيه خلف ظهره، تحركت المذيعة بسرعة وأخذت منه هذا الشيء الغامض وقربته من الكاميرا، فإذا به ملعقة معدنية تتوهج مغرفتها من شدة النار، قربت المذيعة الملعقة النارية من السيدة وهي تستفسر منها: إنتِ كويتها بمعلقة زي دي؟ أبعدت السيدة رأسها عن النار اللافحة، وأجابت بخوف: أيوة. هنا طاردتها المذيعة في كل الاستديو وهي تحاول إخافتها بالملعقة، وتوهمها بأنها ستكويها بها كما كوت طفلتها! وأصبحنا نرى "كر وفر وتعثر وكعبلة في ديكور الاستديو"، وتعالى صراخ السيدة وهي تهرب وهتاف المذيعة وهي تطاردها وتصيح: مادام بتخافي كده ماخفتيش ليه من ربنا وانتي بتعذبي بنتك المسكينة دي؟! لم ينته هذا المشهد العبثي إلا بعدما بكت الطفلة خوفا على أمها التي تطاردها المذيعة الهمامة، وانقلب الحال تماما وتعاطف المشاهدون مع السيدة الجانية بدلا من إدانتها.
بداية من دخول الملعقة الملتهبة إلى الاستديو حتى انتهاء المطاردة.. هو ما أسميته في عنوان المقالة بالابتذالة...التي هي دائما زائدة وفائضة عن الحاجة ولا ضرورة لها لكن وجودها يغير الموازين ويقلبها إلى الضد تماما.
وخذ عندك حكاية مماثلة حدثت مؤخرًا... أرسلت إحدى الصحف مندوبتها إلى إحدى المحافظات التي حدثت بها واقعة مؤسفة، وهي استغلال مدرب رياضي لوظيفته في إقامة علاقات مشبوهة ببعض النساء وتسجيلها على جهاز الكمبيوتر الخاص به، ثم تسربت هذه التسجيلات المصورة وتسببت في فضائح، وتم بيع هذه السيديهات الحاوية للفضيحة في تلك المحافظة، وجدت المحررة البائع يبيع بضائعته أمام المسجد في يوم الجمعة، ليس على المكشوف طبعا، لأنه كان يستتر ببيعه السيديهات بغيرها من خطب أشهر الدعاة والتلاوات وقصص الأنبياء وغيرها مما ينفع الناس، سألته المحررة عن السيديهات، فلم ينكر، وقال إنه يبيعها ب200 جنيه للسي دى الواحد وأحيانا ينزل بالسعر إلى 100 جنيه، قبل أن تنهي المحررة حديثها معه سألته: أليس حراما أن يساهم في نشر هذه الفضائح؟ وذكرت له الحديث النبوي العظيم "من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة"، سكت لحظات ثم أقسم لها بحماسة بأن أكثر من سائح عربي أرادوا منه شراء هذه السيديهات بضعف الثمن، لكن رفض، وختم كلامه بأنه لا يمكن أن يفرط في عرض بنات بلده!!
توالت صور الشهداء على الشاشة في منظر بالغ الأسى، وظل المذيع الإعلامي الكبير ينعيهم بصوت قوي يتخلله بعض الخشوع، ثم تجلى وقال إنه يتمنى أن يرى الشهداء رأي العين لكى يضعهم حول رقبته وعلى ظهره ويطوف بهم الميادين... ما هذا يا صديقنا؟ الشهداء فى السماء يا رجل وأنت تنزلهم من أعلى عليين!!! ألم تقرأ فى القرآن الكريم هذه الآيات من سورة آل عمران.
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).
هل هناك فضل أو عدل أكثر من هذا، وأنت تفكر فيهم بمنطق الألتراس؟!
مكاوي سعيد
ملحوظة 1
العنوان مأخوذ بتصرف من عنوان فيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبي» أحد أهم الأفلام المصرية التي تناولت حرب 6 أكتوبر 1973، وهو من تأليف إحسان عبد القدوس، واخراج حسام الدين مصطفى، وإنتاج عام 1974.
ملحوظة 2
من الممكن اعتبار لقاء المذيعة مع الأم وطفلتها وما دار في هذا اللقاء، بمثابة أولى حلقات تليفزيون واقعي في العالم، لأن الحلقات التليفزيونية التي تتناول The real worled بدأت في العالم عام 1990 متزامنة مع حرب الخليج الأولى ومن أمثلة هذه البرامج برنامج «الناجون» Sorvivors والأخ الأكبر .Big brother


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.