أجانب

في ربيع عام 1980 تعرف «تومي أوستن», ضابط جمارك بالولايات المتحدة الأمريكية, على الطفل «كريستوفر جايمس» ذي السنوات السبع، المريض باللوكيميا أو سرطان الدم, وأثناء حديث «كريستوفر» مع «تومي» قال له إن أمنية حياته أن يكبر ليكون ضابط شرطة مثله. أثّر ذلك في تومي كثيرا، وقام بالتنسيق مع مرؤوسيه لتنظيم يوم ل«كريستوفر» يقوم فيه بمهام ضابط الشرطة, تضمن ذلك اليوم رحلة بهليكوبتر الشرطة, ارتداء بدلة صممت خصيصا لتناسب «كريستوفر» وأداء قَسم الشرطة ليكون أول ضابط شرطة شرفي في تاريخ ولاية أريزونا. مات تومي بعد عدة أشهر من ذلك اليوم ولكن كل حديثه في تلك الفترة كان عن يومه كضابط شرطة وعن سعادته بتحقيق أمنيته. هذه الواقعة كانت السبب في إنشاء الجمعية الأهلية غير الربحية «Make-A-Wish» أو «تمنّ أمنية» المتخصصة في محاولة مساعدة الأطفال المصابين بأمراض تهدد الحياة في تحقيق إحدى أمانيهم كنوع من الدافع المعنوي والنفسي للأطفال من سن سنتين إلى 18 سنة, ومنذ تأسيس جمعية «تمنّ أمنية» أكثر من ثمانين بالمائة من المرضى الذين تم تحقيق أمنياتهم استطاعوا التغلب على أمراضهم نتيجة لمعنوياتهم المرتفعة حسب الأبحاث النفسية.
في العام الماضي قامت مؤسسة «تمنّ أمنية» بسؤال الطفل «مايلز سكوت» ذي السنوات الخمس المصاب بسرطان الدم منذ سن 18 شهرا: ما أمنيتك؟ فكان رده سريعا ومباشرا: «أن أكون باتمان»، فاندهش القائمون على المؤسسة لأنه عادة ما تكون أمنية الأطفال هي مقابلة باتمان وتلك كانت المرة الأولى أن يطلب أحد أن يكون باتمان, فقاموا بسؤاله: لماذا تريد أن تكون باتمان فرد عليهم ببراءة بها حكمة الأطفال: «باتمان يحارب الجريمة وينتصر, وأنا أحارب المرض وسأنتصر». «باتمان (الرجل الخفاش) لمن لا يعرف هو شخصية قصص مصورة يحارب الجريمة في مدينة «جوثام» بعد أن تم قتل والديه أمامه في سن العاشرة على يد مجرم حاول سرقتهم فقام بأخذ تلك التجربة كدافع له على تطهير مدينته من الجريمة المنتشرة فيها كالسرطان».
قامت المؤسسة بالتنسيق مع عائلة «مايلز سكوت» التي تسكن في مقاطعة شمال مدينة سان فرانسيسكو بتنفيذ أمنية مايلز بأن يكون «باتمان» في يوم الخامس عشر من نوفمبر الماضي, فكان الاتفاق مع أسرته على أن يصطحبوا مايلز إلى مدينة سان فرانسيسكو لشراء زي باتمان له، على أساس أن هكذا ستتحقق أمنيته. قامت الأسرة بشراء الزي وقام مايلز بارتدائه وأثناء مشاهدة العائلة للتليفزيون في غرفتهم بالفندق تم قطع الإرسال المعتاد لنشر رسالة مهمة من رئيس شرطة مدينة سان فرانسيسكو «التي سيتم ذكرها على مدار اليوم على أنها مدينة (جوثام) الخاصة ب (باتمان)». تقول تلك الرسالة «نحن في مشلكة يا باتمان, أنقذنا! وأحضر معك «باتكيد» (Batkid) لأنك ستحتاج مساعدته» بعدها بلحظات يطرق باب الغرفة الخاصة بعائلة «مايلز سكوت» أو «باتكيد» (الطفل الخفاش) ليجدوا على الباب «باتمان» يطلب من «باتكيد» أن يساعده في حل تلك الجريمة الصعبة. يذهب الثنائي معا إلى مكان الجريمة في «الباتموبيل» أو سيارة الخفاش ويقومان بالتغلب على المجرمين, وبعدها تأتيهما رسالة أخرى بأنه تم اختطاف «لوسيل» وهو تميمة الحظ الخاصة بفريق البيسبول المفضل لدى «مايلز» عن طريق «البنجوين» أو البطريق وهو أحد ألدّ أعداء «باتمان» فيقوم الثنائي «باتمان» و«باتكيد» بالذهاب والتغلب على البنجوين وتحرير لوسيل، وهكذا توالت أحداث اليوم في مكافحة الجريمة في مدينة جوثام، وأينما ذهب الثنائي يجدا الآلاف من المشجعين المنتشرين في الطرقات يهتفون «باتكيد... باتكيد... باتكيد»، وفي نهاية اليوم ذهب الثنائي إلى مجلس مدينة سان فرانسيسكو «جوثام» ليقابلا عمدة المدينة «إدوارد لي» الذي أراد تكريم باتكيد لإنقاذه مدينة جوثام من المخاطر التي واجهتها وقام بإعطائه مفتاح المدينة (المصنوع من الشيكولاته) لشكره على مجهوداته, وأيضا أعلن عمدة المدينة أن يوم ال15 من نوفمبر سيصبح يوم باتكيد في مدينة سان فرانسيسكو. كما قامت جريدة «سان فرانسيسكو كرونيكلز» بإصدار عدد خاص لهذا اليوم تحت اسم «جوثام سيتي كرونيكلز» وكان المانشيت «باتكيد ينقذ المدينة» أما الصحفي الذي قام بكتابة التحقيق عن باتكيد فكان «كلارك كنت» الشخصية السرية للبطل الأشهر «سوبرمان».
وأثناء التكريم فوجئ الحضور بتغريدة على الحساب الرسمي للبيت الأبيض على تويتر تقول «رسالة من الرئيس أوباما» تتضمن فيديو مدته 6 ثوان للرئيس الأمريكي باراك أوباما يقول فيه: «أحسنت يا مايلز, شكرا لإنقاذك جوثام!».
شارك في تنظيم ذلك اليوم 12 ألف متطوع, وكيل سيارات «لامبورجيني» كي تكون «باتموبيل», جريدة «سان فرانسيسكو كرونيكلز», قناة «إي بي سي», عمدة مدينة سان فرانسيسكو, شرطة مدينة سان فرانسيسكو, والرئيس الأمريكي, كل هذا لرفع معنويات طفل يحارب مرضا خطيرا. «باتكيد» أو «مايلز سكوت» ظل يحارب السرطان لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، والمرض الآن في حالة سكون.
على صعيد آخر يموت شباب على «باب الدنيا» لانتمائهم ل«أم الدنيا».