البطاطس بكام النهاردة.. أسعار الخضروات فى أسواق الأقصر اليوم الخميس    ميتسولا للرئيس السيسى: الاتحاد الأوروبى يدفع نحو تطبيق حل الدولتين    رئيس الوزراء يفتتح بعد قليل مصنع أوبو لتصنيع الهواتف المحمولة    سفير البوسنة والهرسك: المتحف المصرى الكبير يثبت مجددا أن مصر أم الدنيا    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    جماهير ليفربول تفاجىء محمد صلاح بعد أزمة الصورة    عمر عصر يخضع للتحقيق بالفيديو من ألمانيا بعد خناقة البطولة الأفريقية    حالة الطقس.. موعد ذروة ارتفاع درجات الحرارة وتغيرات مفاجئة الأيام المقبلة    حجز أولى جلسات محاكمة التيك توكر علياء قمرون ل29 أكتوبر للحكم    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    عزيز مرقة يقف احترامًا لعزف عمر خيرت في حفل الجرامي.. فيديو    سعر فستان بسنت شوقى بعد ظهورها فى مهرجان الجونة.. تصدرت تريند جوجل    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    أيمن عاشور: الجامعات نشرت ال3 سنوات الماضية أكثر من 112 ألف بحث طبى    مستشفى الجراحات الجديد بطنطا ينضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل لخدمة المواطنين    وزارة الصحة توقّع مذكرة تفاهم لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    إطلاق مبادرة "ازرع" في موسمها الرابع لدعم 250 ألف فدان من القمح    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    وفاة عامل اثر سقوطه من أعلى سقالة بالدور الرابع في المنوفية    حبس زوج ألقى زوجته من "الشباك" ببورسعيد 4 أيام على ذمة التحقيقات    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    التعليم تحسم الجدل حول مستحقات معلمي الحصة بالقاهرة وتؤكد أحقيتهم في الصرف    القوات الروسية تسقط 139 طائرة مسيرة أوكرانية    محافظ الجيزة يبحث موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    سيناريوهات تأهل منتخب مصر للسيدات إلى كأس الأمم الإفريقية    رئيس الحكومة يصدر 4 قرارات مهمة.. تعرف عليها    وزير الصناعة: مصر والصين تربطهما شراكة استراتيجية راسخة على كافة المستويات    إنجاز طبي جديد بجامعة الإسكندرية لإنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    ما هي الشهادات المتوفرة الآن في بنك مصر؟ قائمة بأعلى العوائد    فيلم السادة الأفاضل يكتسح شباك التذاكر في أول أيام عرضه (أرقام وتفاصيل)    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    «إنت عايز تهد نادي الزمالك».. ميدو يفتح النار على أسامة حسني    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    حبس مدرس بتهمة هتك عرض طالبة بالصف الرابع الابتدائي داخل مدرسة بالمنصورة    فلسطين.. مدفعية الاحتلال تقصف بني سهيلا والشجاعية شرق غزة دون وقوع إصابات    الأردن يرحب برأي محكمة العدل الدولية ويطالب إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    الدرج العظيم بالمتحف المصري الكبير.. رحلة بصرية إلى عمق الحضارة المصرية    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    لاعب سابق بالأهلى يدعم محمد صلاح: لولا أنت كان ليفربول بالمركز السابع    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    العاصي يكشف رد فعل جنش بعد هدف الاتحاد فى الأهلى وسر تنبؤ ياس توروب بطرد كوكا.. فيديو    اهتمام عالمي حول تغيير «صلاح» لصورته الشخصية وحذف صفته كلاعب في ليفربول    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية في غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    ترامب: مُربي الماشية لا يفهمون الرسوم الجمركية وعليهم خفض الأسعار    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    دوللي شاهين تحقق أول مليون مشاهدة على «يوتيوب» بكليب «ترند»    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كى لا تحدث ثغرة جديدة فى معركة العبور الثانية
نشر في المصري اليوم يوم 06 - 03 - 2011

توجد أوجه شبه كثيرة بين ما جرى فى مصر إبان وعقب حرب أكتوبر 1973، وما يجرى فيها حاليا منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011. ولأن حرب أكتوبر وثورة يناير تشكلان معا أهم وأخطر تجربتين خاضهما الشعب المصرى فى تاريخه الحديث، يفرض علينا واجب الوفاء لتاريخه أن نتوقف مطولا أمام ما يجرى الآن من أحداث، وأن نحاول تفحص دلالاتها فى مرآة الماضى، لعلنا نعتبر ونتعظ ونستخلص الدروس المستفادة. ولأن الأخطاء التى ارتكبت إبان وعقب حرب أكتوبر أحدثت ثغرة مكنت لأنواع كثيرة من لصوص السياسة من الاستيلاء فى نهاية الحرب على ثمار النصر الذى لاحت تباشيره فى بدايتها، علينا أن نبذل كل ما فى وسعنا من جهد لتلافى الوقوع فى أخطاء مشابهة، إذا ما أردنا تجنيب ثورة 25 يناير أن تلقى ذات المصير، ولمنع اللصوص الذين يسعون للاستيلاء على مكاسبها وإنجازاتها من ارتداء عباءتها والتظاهر بحمايتها.
كان الجيش المصرى قد استطاع فى 6 أكتوبر 73 أن يباغت العدو الإسرائيلى وتمكن من عبور قناة السويس، أحد أكبر الموانع المائية فى تاريخ الحروب، ونجح فى تحطيم خط بارليف، أحد أشد الخطوط الدفاعية تحصيناً فى تاريخ الحروب، وأنزل بالجيش الإسرائيلى خسائر فادحة فى الأرواح والعتاد لم يعتد عليها فى حروبه السابقة. ولأن ما تم إنجازه خلال الأيام الأولى من الحرب فاق أكثر التقديرات تفاؤلا، فقد كان من الطبيعى أن يقع خلاف فى وجهات النظر بين القيادات السياسية والعسكرية حول أنسب التكتيكات للتعامل مع متطلبات المراحل التالية فى الحرب.
وبينما رأى البعض الاكتفاء مؤقتا باحتلال شريط على الضفة الغربية من القناة، فى حدود ما يوفره حائط الصواريخ المتمركز على الضفة الشرقية من حماية، رأى البعض الآخر ضرورة انتهاز فرصة ما وقع من ارتباك فى صفوف الخصم واستثمار ما تحقق من إنجاز لتطوير الهجوم وتحرير المزيد من الأرض ومواصلة الزحف حتى المضايق. ولأن الأخذ بوجهة النظر الثانية، التى انحازت إليها القيادة السياسية، أدى إلى وقوع خسائر جسيمة فى الأرواح والمعدات، فقد ظهرت ثغرة تسللت منها قوات إسرائيلية عبرت القناة وتمكنت من الالتفاف حول الجيش الثالث الميدانى ومحاصرته، ومع تطورها وتنامى خطورتها وقع خلاف ثان حول كيفية تصفيتها. فبينما فضلت القيادة السياسية أن يتم ذلك بعمل دبلوماسى يتمحور حول وساطة أمريكية منفردة لتسوية الصراع العربى - الإسرائيلى، فضلت قيادة الأركان أن يتم ذلك بعمل عسكرى يتمحور حول سحب جزء من القوات المتمركزة فى الغرب لإشراكها فى تصفية البؤرة التى استقرت فى الشرق.
ولأن كفة الخيار السياسى رَجَحت فقد بدأت على الفور «دبلوماسية كيسنجر المكوكية». ولأن استراتيجيتها قامت على الربط بين أى تقدم يحدث فى عملية التسوية وبين ضرورة إدخال تغييرات بنيوية على النظام السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى مصر، فقد سهلت هذه التغييرات لشريحة محدودة من الشعب المصرى إمكانية الاستيلاء على ثمار نصر أكتوبر. وهكذا بدأت تترسخ رويداً رويداً دعائم النظام السياسى السابق الذى أصبح هدمه فيما بعد ضرورة وطنية، وهو ما تكفلت به ثورة يناير!.
وكما استطاع شعب مصر أن يثبت قدرته على تحدى آلة الحرب الإسرائيلية الجهنمية والعبور بالبلاد من حالة الهزيمة واليأس إلى نشوة النصر والأمل، ها هو يعود اليوم متسلحا بروح أكتوبر ليثبت من جديد قدرته على إلحاق الهزيمة بتحالف الاستبداد والفساد.
وإذا كانت ثورة يناير قد تمكنت بعد ثمانية عشر يوماً فقط من الإطاحة برأس النظام الذى شيد هذا التحالف، إلا أن جذوره ظلت راسخة تشكل خطرا جسيما على الثورة قد يحول دون تمكينها من تحقيق أهدافها. وفى سياق التعامل مع هذا الوضع بدأت تظهر خلافات بين وجهتى نظر تذكّرنا بالخلاف الذى نشب عقب اندلاع حرب أكتوبر وأدى إلى تصفية منجزاتها وسرقة ثمارها. إذ ترى وجهة النظر الأولى أن الثورة حققت أهدافها الرئيسية وبات عليها أن تسلم قيادها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى آلت إليه السلطة بحكم الدور الذى لعبه فى حمايتها، وللحيلولة دون أن يؤدى استمرار التظاهر والاعتصام إلى انهيار الدولة نفسها وخراب الاقتصاد الوطنى. أما وجهة النظر الثانية فترى أن الثورة لم تحقق كل أهدافها وتصر على استمرارها إلى أن تتمكن من تحقيق هذه الأهداف كاملة مهما بلغت التضحيات.
وتدل الأحداث التى شهدتها البلاد منذ إجبار الرئيس السابق على التخلى عن السلطة على افتقار المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى رؤية واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية، وهو ما قد يفضى فى نهاية المطاف، بوعى أو بدون وعى، إلى الالتفاف على الثورة واحتوائها تمهيدا لإجهاضها. ولأن سلطة إدارة شؤون الدولة آلت إليه فى ظروف استثنائية، دون أن يسعى هو إليها أو يرغب فيها، فقد بدا المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكأن همه الأول ينحصر فى إثبات أنه لا يسعى للاحتفاظ بها، ومن هنا حرصه على ألا تتجاوز الفترة الانتقالية ستة أشهر مرتكباً بذلك أول الأخطاء التى عكست حيرة وارتباكا وتسببت فى سلسلة من الأخطاء اللاحقة، أهمها:
1- رفض المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى الآن تشكيل مجلس رئاسى لمعاونته فى إدارة شؤون البلاد، وهو ما عكس تناقضا فى توجهاته. فمن ناحية بدا المجلس شديد الحرص على الإسراع بنقل السلطة خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر لكن بدا فى الوقت نفسه غير مستعد، من ناحية أخرى، لإشراك عناصر غير عسكرية فى إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
2- إصراره فى البداية على استمرار عمل حكومة شُكلت بتكليف من الرئيس السابق، ثم قيامه لاحقا بإدخال تعديلات عليها، رغم وصفها بحكومة «تسيير أعمال»، وحرص فى الوقت نفسه على احتفاظ رموز مكروهة بمقاعد وزارية فيها، إلى أن رضخ فى النهاية لمطالب الشعب بإقالة حكومة شفيق وتكليف شخصية تحظى بقبول «شباب الثورة» بتشكيل حكومة جديدة.
3- إقدامه على تشكيل لجنة لتعديل الدستور على الرغم من إعلانه تعطيل العمل به، ثم قيامه بإنهاء عملها دون إبداء الأسباب وتشكيل لجنة أخرى، وقصر صلاحيات عملها على اقتراح تعديلات محدودة لا يمكن أن تفى بالغرض أو تؤدى إلى انتخاب أفضل العناصر سواء لرئاسة الجمهورية أو لعضوية البرلمان، ثم تحديد يوم 19 مارس موعدا للاستفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة قبل إنضاجها وتحسينها من خلال النقاش العام.
ورغم تقديرى الشخصى للعمل الذى قامت به لجنة تعديل الدستور، إلا أن من شأن التطبيق الحرفى لمقترحاتها أن يُدخل النظام السياسى كله فى متاهة جديدة، وذلك لأسباب عديدة، أهمها:
1- إن الشروط التى حددتها للترشح لمقعد الرئاسة، خصوصا ما يتعلق منها بالجنسية، لا يتيح الفرصة بالضرورة لاختيار أفضل العناصر لشغل هذا المقعد وينطوى على تمييز غير مبرر بين مرشحى الأحزاب والمرشحين المستقلين.
2- إن انتخابات مجلسى الشعب والشورى التى ستجرى على أساس ما تقترحه من تعديلات ستفرز هيئات قد لا تختلف كثيرا عن تلك التى أفرزها النظام السابق، ومن ثم تساعد على إعادة إنتاجه، خصوصا أنها أبقت على نسب المقاعد المخصصة للعمال والفلاحين وعلى حصة المرأة.
3- لا توجد مهلة زمنية كافية تسمح للأحزاب الجديدة، التى يفترض قيامها خلال المرحلة المقبلة، ولمؤسسات المجتمع المدنى، التى يفترض أن يزداد نشاطها حيوية فى المرحلة المقبلة، بعرض برامجها والتعريف بمرشحيها، ومن ثم لا تتيح فرصة كافية أمام القوى التى ساهمت فى صنع الثورة للاشتراك بفاعلية فى صياغة القوانين الجديدة ورسم مستقبل البلاد.
4- تقضى التعديلات المقترحة على المادة 189 بضرورة صياغة دستور جديد خلال فترة لن تتجاوز العام بعد الانتخابات التشريعية المقبلة. ومعنى ذلك أن البلاد ستشهد تنظيم انتخابات تشريعية، وربما رئاسية أيضا، مرتين خلال فترة زمنية لن تزيد كثيرا على عام، وهو أمر مكلف اقتصاديا ومرهق سياسيا فى الوقت نفسه.
ولأن إدارة المرحلة الانتقالية بهذه الطريقة قد تؤدى فى نهاية المطاف إلى إعادة إنتاج نفس بنية النظام، مع تغيير طفيف فى وجوه وأسماء القيادات وربما فى بعض أساليب العمل، فمن المتوقع أن تفضى عملا إلى احتواء الثورة وإجهاضها فى النهاية. لذا أطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمراجعة وإعادة النظر فى طريقة إدارته للمرحلة الانتقالية بما يتناسب مع مهمتيها الأساسيتين، وهما: إزاحة وتنظيف ما تبقى من النظام القديم، سواء على مستوى الأشخاص والرموز أو على مستوى القيم والبنى والسياسات، ووضع الأسس التى تكفل بناء نظام سياسى جديد أكثر ديمقراطية. هذا إذا كان المجلس يرغب حقا فى تبنى مطالب الثورة ومنع وقوع ثغرة تتيح للانتهازيين تصفيتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.