الجولة الثانية..مُسَكِن للأزمة السورية دون حل دائم

مع انطلاق الجولة الثانية من مؤتمر «جنيف 2»، اليوم، يأمل البعض بأن تنتهى المفاوضات باتفاق يقطع دابر المأساة السورية المستمرة منذ 3 سنوات، وبرؤية دولية توافقية ملزمة للطرفين، لا تهدر حق الشعب السورى فى الأمن، والاستقرار، واختيار حكومة تبنى مستقبلاً جديداً بعيداً عن السجالات الدولية التى شتتت ملايين السوريين، وذلك فى ظل صم النظام الحالى آذانه، شهورا طويلة، عن الحل السياسى معتمداً على آلة القتل، ولكن يؤكد البعض الآخر أنها لن تتعدى كونها مجرد «مُسكن» لآلام هؤلاء السوريين، ولن تقدم علاجاً شافياً لهم.
وفى ضوء فشل الجولة الأولى فى التوصل لحلول جدية، وحالة الشد والجذب التى هيمنت عليها، فإن العديد من المراقبين للشأن السورى يتوقعون فشل الثانية هى الأخرى، مؤكدين أنها لن تخرج بحل دائم للأزمة، وذلك لأن الصراع الدائر فى دمشق لم يعد مرتبطًا بالثورة على النظام على النحو الذى شهدته دول الربيع العربى، ولكنه بات مرتبطًا بقضايا أخرى لها علاقة بإعادة رسم مناطق نفوذ القوى الإقليمية فى المنطقة، ما يجعل مصير نظام الرئيس بشار الأسد، لا يعتمد على المؤتمر، الذى يرى البعض أنه ربما يؤسس لمرحلة جديدة فى هذا الصراع، قد تؤثر على شدته، ونطاقه.
ويدعم هذا السيناريو عدد من المؤشرات ترجح صحته، لعل أهمها عدم وجود أرضية مشتركة للتفاوض بين طرفى الصراع الرئيسين، حيث يتمثل هدف المعارضة فى تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة، فى حين يرى «الأسد» أن هدف المؤتمر هو مكافحة الإرهاب فى سوريا.
وهناك سيناريو آخر محتملاً يتمثل فى التوصل إلى اتفاق «إطارى» بحضور جميع الأطراف، وهو ما سيكون بمثابة «أداة» يتم من خلالها تقليص شدة الصراع فى البلاد، دون أن تتم تسويته نهائيًا، حيث سيتم من خلاله ضغط الأطراف الخارجية على طرفى النزاع من أجل العمل على وقف إطلاق النار بين الطرفين، والإفراج عن المعتقلين والأسرى، والسماح بتأمين وصول الإمدادات الغذائية والطبية والوقود.
فيما يتنبأ بعض المحللين بانتقال «جنيف2» من مؤتمر يهدف للتسوية السلمية للصراع، إلى آخر يهدف إلى محاربة الإرهاب فى البلاد، وهذا المسار يدعمه توجس القوى الغربية من صعود الجماعات الإرهابية فى دمشق، ولكن هذا الطرح سيؤجل تسوية الصراع حول المستقبل السياسى للنظام الحالى، وهى مسألة قد تتفق مع المصالح الإيرانية، والروسية، والأمريكية، التى تفضل عدم سقوط «الأسد» فى حال كان البديل هو سيطرة المتطرفين على سوريا.
ويتفق معظم المراقبين للأزمة السورية على أن الوصول لحل دائم للصراع أمر يحتاج إلى عمليات تفاوضية كثيرة، مؤكدين أن «جنيف 2» لن يكون الأخير فى سبيل تقريب وجهات النظر بين طرفى النزاع، وذلك نظراً لتشعب الأزمة، ومن ثم فإن المؤتمر يعد مجرد خطوة فى طريق طويل للتقارب بينها، والعمل على حل الأزمة بطرق غير عسكرية.