المصرى اليوم

تباهت الإدارة الأمريكية لسنوات بما اعتبرته انتصار على تهديد تنظيم «القاعدة» بداية من مقتل زعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن، فى مايو 2011، وتصريحات المسؤولين الأمريكيين حول تأثير مقتله وعدد من قيادات التنظيم، إلى جانب هجمات الطائرات بدون طيار على طول الحدود بين باكستان وأفغانستان، إلا أن الجنرال المتقاعد فى البحرية، جيمس ماتيس، الذى تولى من 2010 إلى 2013 القيادة المركزية للجيش الأمريكى المسؤولة عن الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، قال إن «التهانى التى تم تبادلها قبل سنتين بعد الإعلان عن مقتل بن لادن كانت سابقة لأوانها وفقدت مصداقيتها اليوم»، مشيراً إلى أن التنظيم يتسم بالمرونة وقادر على التأقلم، حيث تلقى قادته ضربات موجعة لكنه مازال ينتشر فى المزيد من الدول.
ورغم التنبؤ بأن «الربيع العربى» أدى إلى انتحار «القاعدة»، بسيف الديمقراطية، تسببت الاضطرابات السياسية التى تبعت الثورات فى حدوث فراغ سياسى وغياب سلطة الدولة فى بعض المناطق مما أفسح المجال لتنظيمات إرهابية مرتبطة ب«القاعدة» أو تحمل فكره بالتواجد فيها. وانتعش التنظيم وحلفاؤه فى اليمن، ومصر، وليبيا، والعراق، وسوريا، وتونس، ولبنان والجزائر والمغرب، وأجزاء من شرق وغرب أفريقيا.
وشكلت الحرب الأهلية فى سوريا للحركة الجهادية الدولية أرضية ملائمة، وبدا أفرع التنظيم فى العراق وبلاد الشام أكثر المستفيدين من الفوضى التى حدثت على خلفية الثورة السورية، ومثّلت سوريا مصدراً أساسياً لإعادة إحياء خلايا «القاعدة» بسبب سهولة إقناع المتشددين فى أنحاء العالم بضرورة مساعدة السوريين. وأكد الباحث الأسترالى، ديفيد كيلكولن، المتخصص بالحركات الجهادية أن «المجموعات التى تدور فى فلك القاعدة أنشأت فى سوريا تحالفاً يضم 45 ألف مقاتل على الأقل، أى ضعف عدد مقاتلى طالبان أفغانستان».
ويعمل التنظيم فى سوريا فى إطار تنظيمين هما: الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة، حيث أثبتا قدرة لا يستهان بها فى قتال قوات النظام، وتمكنا من إلحاق الهزيمة به فى أكثر من موقعة، وأثر انتعاش وضع «القاعدة» على وضعه فى العراق، وأكدت صحيفة «جارديان» البريطانية أنها عاشت العام الماضى أكثر الأعوام دموية. ودخلت لبنان على خط المواجهة متأثرة بالأزمة السورية مع التفجيرات الأخيرة وهو ما ينذر بعودته لحقبة «الحرب الأهلية».
ربما كان «الانتعاش» الذى حدث فى فرع العراق وسوريا أبرز الخطوات التى حققها التنظيم العام الماضى، بالإضافة إلى النفوذ التدريجى الذى حققه فى شمال أفريقيا ودول الربيع العربى، مع غياب الأمن والاستقرار وتزايد الهجمات الإرهابية فى تونس والمغرب والجزائر وليبيا ومصر واليمن. وأكد الخبير بروس هوفمن من جامعة جورج تاون أن «الأكسجين الذى يغذى القاعدة هو وصولها الى معاقل ومناطق تستطيع التحرك فيها»، مشيراً إلى أنها تمكنت فى السنتين الماضيتين من الاستقرار فى عدد كبير من المناطق الخارجة على السلطة المركزية وعلى طول حدود مختلف عليها أو فى بلدان تصعب السيطرة عليها».
وبدا تنظيم «القاعدة» فى الجزيرة العربية، ومقره اليمن، أكثر جرأة، وعاش اليمنيون عاما مؤلماً، وصفه البعض بأنه عام «الصعود» للتنظيم الذى شن عشرات الهجمات الإرهابية فلم يعش مُطارداً فى الجبال والكهوف، وتوغل فى عملياته حتى وصل إلى قلب الدولة اليمنية ومؤسساتها السيادية. وحول توقعات مستقبل «القاعدة» خلال العام الحالى، أكدت مجلة «فرونت بيج» الأمريكية أن سياسة الإدارة الأمريكية «غير المنضبطة» و«الواهية»، دفعت نحو اكتساب الإسلاميين والجهاديين التابعين للتنظيم مستوى غير مسبوق من السلطة. ورأت أن استمرار السياسة الخارجية الحالية ينذر بأن 2014 من المحتمل أن يشهد تحولا استثنائيا للأصوليين فى المنطقة وعبر العالم، مشيرة إلى أن 2013 شهد تحولا فى ميزان القوة لصالح الإسلاميين فى الشرق الأوسط، حيث أصبحوا قادرين على التعبئة والتنظيم والحفاظ على تواجدهم وسلطتهم.