نعيش جميعاً فى هذا الشقاء بسبب تلك التفاحة المحذورة التى أخرجت آدم وحواء من الجنة للعيش على هذه الأرض، وتحملنا معهم مسؤولية ما ارتكبوه من ذنب . وبالرغم من أن الرسل توالت بعد هذه الواقعة إلا أن الناس إلى يومنا هذا مازالوا يختلفون فيما بينهم حول تحديد المسئول الأول عن هذا الفعل فالبعض يردد أن حواء هى المسئولة لأنها غوت آدم وأوقعته فى المعصية وعلى الجانب الاخر هناك من يرون أن آدم هو المسئول عن مخالفة أوامر الله، ورغم اختلاف الناس إلى يومنا هذا، إلا أن الله حسم الأمر منذ زمن بعيد حينما عاقبهما سوياً، وهو ما يعنى أنهم شركاء فى تحمل المسئولية . ومع أننا خلقنا على هذه الفطرة وهى "حب أكل التفاح" وأننا أيضاً اخترنا أن نعيش على الأرض ونترك الجنة فى مقابل أن نأكل من ثمار التفاح إلا أن هناك بعض السياسيون الذين يحاولون أن يسلبوا منا هذا الحق المشروع. فلقد خرج علينا ذات صباح السيد جمال مبارك بتصريحات تتصدر الصحف القومية يقول فيها " أن التوزيع غير العادل للثروة أفضل من توزيع الفقر على الجميع" ، لم أفهم هذا التصريح من الوهلة الأولى وتطلب منى الأمر أن أعود إلى مجموعة كبيرة من الكتب الاقتصادية التى أحتفظ بها وسط مكتبتى لأبحث عن أصل اقتصادى لهذا التصريح. وأكتشفت بعد مجهود متواصل من البحث والقراءة أن هذه التصريحات جاءت وفقاً لنظرية اقتصادية تسمى بنظرية "تساقط الثمار" والتى قامت على مفهوم أن إذا تمكن الأغنياء من أن يقطفوا ثمار التنمية وتحقيق الأستفادة من موارد الدولة بمفردهم سيعود ذلك بالتبعية على الشريحة العريضة من المجتمع وهم الفقراء . ولكى أفهم هذه النظرية بشكل أدق قمت برسمها على ورقة بيضاء ، وتخيلت شجرة التفاح مكتزة بالخيرات ثم رسمت يد بالقرب من هذه الثمار ترتدى ملابس رسمية فاخرة، وتخيلت أن هناك عدد لا نهائى من الأيدى فى أسفل الشجرة التى تتلهف شوقاً إلى تساقط تفاحة واحدة لألتهامها، وأخذت أنظر الرسمة اكثر من مرة وفى كل مرة ينتابنى هاجس بأن الرسمة ينقصها أشياء كثيرة لكى تتطابق مع الواقع قد يكون ينقصها مثلاً "كرش كبير" لليد الرسمية ذات الملابس الفاخرة قادر على إلتهام كافة ثمار التفاح بل إلتهام أيدى الفقراء أيضاً، أو أن الرسمة ينقصها "ماسورة " فوق يد الفقراء يتم من خلالها تمرير ثمار التفاح إلى ثلاجات فى سويسرا، فأى كان ما ينقص الصورة من أشكال أو أفعال تحول بين أيدى الشعب وثمار التفاح . إلا أن هذه الرسمة متعارضة مع ما يردده أعضاء الحزب الحاكم فى برامج "التوك شو" فهم دائماً يتحدثون عن عدالة التوزيع وعن أن برامجهم السياسية تأخذ فى الأعتبار الأول لها مراعاة البعد الأجتماعى كما أن الرئيس مبارك أكد كثيراً أنه منشغل بمحدودى الدخل وأن لهم الحق فى العيش حياة كريمة . ولكن يبدو أن قصة الخلق قد غابت عن ذهن السيد جمال مبارك حينما أطلق هذه التصريحات أو قد يكون نسى عمداً أننا دفعنا ثمن أكلنا التفاح مقدماً وأنها ليست جباية، فلماذا علينا أن ننتظر الأغنياء حتى يأكلوا ثمار التنمية لنأخذ نحن ما تبقى رغم أننا دفعنا ثمن أكلنا للتفاح طوال العمر . فحينما أختار سيدنا آدم التفاحة تنازل عن العيش فى الجنة، أما نحن فيحاولون بكل الطرق تطفيشنا من الوطن وأيضاً يحاولون سلب التفاحة منا لتكون نتيجة المعادلة "خسارة كل شئ " . فعلى السيد جمال مبارك أن يختار شئ واحد ليكسبه، وبما أنه يريد – كما يدعى البعض - أن يجلس على عرش الوطن وهذا لم يحدث قطعاً إلا أذا طرد المصريين خارج الوطن حتى يتمكن من الجلوس دون معوقات أو مضايقات، لذا فواجب عليه أن يترك التفاحة لنا حتى يكون له الحق فى طردنا خارج الوطن أو أنه قد يعرف طريقة أخرى تجلسه على العرش وأيضاً تبقى التفاحة فى يده، وعلى أى حال فأن الانتخابات الرئاسية قد أقتربت وسنتابع عن قرب أى الطرق سيسلك جمال مبارك إذا أراد أن يجلس على العرش .... وهل سيتمسك المصريين بالتفاحة أم سيتركوها لنجل الرئيس لتنتقل ملكيتها إليه وتصبح "تفاحة مبارك".