نتيجة مباراة مصر والجزائر قد تكون مهمة، والمباراة تظل فى التقييم الأخير مجرد «ماتش كورة» لن يقدم للذين كسبوا، ولن يؤخر للذين خسروا، ولايزال أمامنا مئات الماتشات الفاصلة فى كرة القدم، وفى غير كرة القدم فهناك عشرات اللعبات غيرها، ولكنها كرة القدم وحدها تبقى الأكثر استحواذاً على عقول الملايين! أهم ما فى المباراة أنها أشارت إلى أن هذا الشعب، لايزال حياً بقوة، ولايزال قادراً، ولاتزال عنده إرادة حياة، سوف لا تفارقه، ولاتزال عنده إرادة فوز سوف لا تخذله، حتى وإن لم يستطع أن ينالها فى هذه المباراة الأخيرة! وقد كانت الذريعة الجاهزة فى كل مرة أن الشعب غير مهتم، وأنه فى غالبيته سلبى، وأنه ليس مهموماً بشىء بما فيه الكفاية.. وحين جاءت مباراة عابرة كهذه، فإنها قد أثبتت بالتجربة الحية أنه بالفعل مهموم، ومهتم، وإيجابى، وأنه فيه كل الصفات التى تجعله لو أحسن توجيهها فى طليعة الأمم! أهم ما فى المباراة أنها أكدت أن هذا الشعب يستطيع أن يفرح، وأنه يستحق أن يفرح، وإذا كانت الفرحة قد خذلته فى المباراة الأخيرة، فمن الممكن جداً، بل من الواجب، أن يحققها فى أى ميدان آخر، وتبقى مسؤولية تحقيق فرحة من هذا النوع على كاهل كل مسؤول، وكل جهة، وكل كيان فى هذا البلد، من أول رئيس الدولة، ورئيس الوزراء، والوزراء والمحافظين، والمثقفين، وأساتذة الجامعات، وكل إنسان مسؤول فى موقعه، وانتهاء بالأحزاب، والنقابات، وسائر المؤسسات.. كلها مسؤولة بالكامل عن تجسيد فرحة حقيقية لهذا الشعب، لا مجرد فرحة فى لحظة فى الملعب.. كل هؤلاء مسؤولون عن نقل الفرحة لنا، من الكلام إلى الفعل! هذه الروح المتفجرة التى سادت فى أيام المباراة تشير بوضوح إلى أن هذا الشعب فى إمكانه أن يحقق فرحته الكبرى، لو أن هناك أحداً وضع له خطة تنقله فى عشر سنوات لا أكثر، من مكان إلى مكان آخر تماماً.. وليس مهماً بالطبع مَنْ سوف يضع خطة كهذه، ولا المهم من سوف ينفذها، ولكن المهم حقاً، أن تكون هناك خطة حقيقية، لا زائفة، وأن تكون جادة لا هزلية، وأن تنقلنا فعلاً من هذا المنحدر، الذى نجد أنفسنا فيه فى كل صباح إلى مكانة تليق بنا! وليس من المتوقع أن يغضب أحد بيننا، من الكابتن حسن شحاتة وسائر جهازه الفنى، وأعضاء المنتخب، فجميعهم بذلوا ما فى وسعهم بشرف، وجميعهم كانوا كأنهم على جبهة من جبهات القتال! ولكننا جميعاً يجب أن نحاسب كل «حسن شحاتة» آخر، فى كل موقع.. فهناك أكثر من حسن شحاتة مسؤول عن تحقيق فرحة من نوع مختلف فى كل منصب، وفى كل موقع مسؤولية، وهؤلاء جميعاً يجب أن يكونوا موضع محاسبة ومساءلة طول الوقت، ليس على النتيجة بالطبع، ولكن على المجهود والنية!