تنفيذاً لتوجيهات الرئيس.. الأوقاف والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد (صور)    غدا.. إجازة مدفوعة الأجر للقطاعين العام والخاص    الرئيس السيسي: نواصل المسيرة المشرفة لتعزيز مكانة مصر إقليمياً ودولياً    يمنيون وسودانيون وفلسطينيون ولبنانيون يحيون ذكرى ثورة يوليو من ضريح عبدالناصر    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مصروفات جامعة العلمين الدولية ومؤشرات القبول بكلياتها    «الضرائب» توزع أجهزة (POS) مجانًا للمنضمين للنظام المبسط في الإسكندرية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    أسعار اللحوم في مطروح اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    وزارة الزراعة تستضيف تدريبًا مكثفًا لطلاب الجامعات المصرية    حارس أمن أمريكي يكشف انتهاكات الجنود التابعين لمنظمة «غزة الإنسانية» ضد الفلسطينيين    الدفاع الروسية: قصفنا مؤسسة للمجمع الصناعي العسكري في أوكرانيا    رسميًا.. روما يعلن تعاقده مع إيفان فيرجسون    «سيعود للمستشفى».. شوبير يكشف تطورات الحالة الصحية ل حسن شحاتة    تدريبات بدنية خاصة للاعبي الزمالك في المران الصباحي    الخطيب يبحث مع لابورتا إقامة مواجهة تاريخية بين الأهلي وبرشلونة في افتتاح الاستاد الجديد    ضبط 9 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة في حملة بالقاهرة    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    موجة شديدة الحرارة على مطروح والساحل الشمالي.. الطقس المتوقّع اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    الحكومة: الموعد الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير سيتم الإعلان عنه قريبًا    طرح الإعلان الرسمي لفيلم «Giant» ل أمير المصري استعدادًا لعرضه    محفظ قرآن يهدي تلميذته رحلة عمرة لتفوقها في الثانوية العامة بقنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    15 صورة ترصد عرض "الملك وأنا" بالمهرجان القومي للمسرح    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    غموض موقف هذا الثلاثي، ملامح قائمة برشلونة قبل الجولة الآسيوية    البترول: نتائج واعدة للبئر "بيجونيا-2" واستكمال "بلسم-3" في منطقة دلتا النيل البرية    تجديد حبس طالب بتهمة قتل سيدة لسرقة أموالها بالشرقية    «100 يوم صحة» تقدم 10 ملايين و871 ألف خدمة مجانية خلال 7 أيام    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    تفاصيل اتفاق الصفاقسي مع معلول    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    توصيل خطوط مياه الشرب للتجمعات البدوية المحرومة بسانت كاترين    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    استشهاد 14 فلسطينيًا خلال غارات للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    بزشكيان: إنهاء البرنامج النووي الإيراني وهم.. ومستعدون لضرب عمق الأراضي المحتلة من جديد    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    توافد المواطنين على ضريح الزعيم جمال عبد الناصر لإحياء ذكرى ثورة 23 يوليو    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى من يهمه الهزل
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 12 - 2010

لا أغضب عندما أجد من يسألنى شفاهة أو كتابة: عندما كتبت كذا أو كذا هل كنت جادا أم كنت تسخر؟، فقد رأيت أساتذة لى أشد منى فصاحة وأبرع منى حرفة وهم يصادفون من يسألهم ذلك السؤال، كما أننى لا أمتلك فصاحتهم ولا براعتهم، فأنا لا أمتلك ما كانوا يمتلكونه من جرأة فى الرد على سؤال مثل هذا، ولذلك أكتفى بالرد بجملة واحدة «حضرتك شايف إيه؟»، وعادة يكون رد من أقول له ذلك «حضرتك بتهزر دلوقتى؟»، وعندها أزداد غتاتة وأقول له «حضرتك شايف إيه؟»، وعادة يتركنى السائل ويمشى وهو يغمغم بألفاظ لا أجزم أنها غير لائقة، لكن أجزم أنها تنم عن الغضب.
فى مواقف كهذه من السهل أن تتهم الكاتب لأنه لم يوضح قصده للقارئ، لكن أنا شخصيا أتهم مناهج التعليم لأنها على مدى عقود عديدة فعلت الفاحشة فى قدرة الناس على التذوق، لذلك أصبحنا يوما بعد يوم نعانى تصحر الخيال فى شعب هو الذى ابتكر الخيال، وبعد أن كانت خفة الظل أمرا يرفع من قيمة الإنسان لدينا، صارت الجهامة بيننا دليلا على الأهمية، والنطاعة دليلا على علو المكانة، وصار مما يرفع ذكر الإنسان بين قومه وصفك له بأن «قلبه ميت»، وأصبح مألوفا أن نطلق على من تستحيل قراءة مقالاتهم من فرط غتاتتها لقب «مفكر»، مع أن أهم مفكرى العالم اكتسبوا مكانتهم من براعتهم فى توصيل أفكارهم للناس.
هل أنا الآن جاد أم أسخر؟ لن أغضب عندما تسألنى الآن سؤالا كهذا، لان إجابتى على سؤالك تتوقف على مفهومك الشخصى للجد والهزل، وهو أمر ليس بالهين لو علمت، يكفى أن الكاتب العربى العظيم الجاحظ كتب فى رسائله رسالة بديعة عن «الهزل والجد»، أتمنى أن تسنح الفرصة والمساحة لكى نتصفح بعض أوراقها سوية. ذات يوم غير بعيد ذهبت بذلك المجلد الذى يحتوى رسالة عمنا الجاحظ إلى تحقيق أمام النيابة بعد مقال كتبته عن أحد كبار الساسة، لكننى فى آخر لحظة تراجعت عن فكرة تقديم الكتاب إلى المحقق، لأننى اكتشفت وأنا «أفرّ» المجلد فى انتظار بدء التحقيق أننى كتبت على هوامشه ما يعاقب عليه القانون فعلا وقطعا وفورا، فاكتفيت بأن أقدم للمحقق كتابا لأستاذ الصحافة الجليل الدكتور عبداللطيف حمزة عن فن الهجاء والسخرية، بالإضافة إلى مجموعة من كتب عمى وأستاذى محمود السعدنى لأنه كان يومها يعانى مرضا يمنعه من حضور التحقيق لو دُعى إليه، ربما لذلك لم أقدم للمحقق مجموعة من كتب أستاذنا أحمد رجب لكى لا يتم استدعاؤه إلى التحقيق فأخسر صداقتى به. يومها استبد بى الحماس وأنا أرد على أسئلة النيابة، وفى معرض الإجابة على أحد الأسئلة التى تبدأ عادة بجملة «وماذا كنت تقصد بقولك..»،
قلت إننى أتمنى أن يقوم أحد أساتذة الصحافة فى كليات وأقسام الإعلام التى نمت وترعرعت فى طول البلاد وعرضها بعمل دراسة علمية عن فن الكتابة الساخرة وأدواته وتطبيقاته وتاريخه سواء فى مصر التى تملك تاريخا حافلا فيه أو فى دول العالم التى منحت لهذا النوع من الكتابة حصانة خاصة جعلته يزدهر فى أمان ليصبح واحدا من أبرز فنون الكتابة التى تدرك الدول المتقدمة أهميتها وضرورتها للتقدم، توقفت عن شرح فكرتى بعد أن وجدت الكاتب ينظر إلى رئيس النيابة نظرة استغراب وتساؤل معناها «أكتب الكلام ده ولا إيه سيادتك»، فنظر رئيس النيابة إليه نظرة ذات مغزى، ثم قال لى بحسم «الكلام ده مالوش دعوة بنص التحقيق.. بس ممكن تكتبه فى مقال تشرح فيه فكرتك لأساتذة الإعلام. سين: ماذا كنت تقصد بقولك..».
مرت سنون على تلك الواقعة، ومع ذلك لم أكتب تلك الفكرة فى مقال أوجهه لأساتذة الإعلام، ربما لأن الشيطان وسوس لى بأن أطمع فيها لنفسى، وكلما جاءتنى قضية تأخذنى إلى محكمة أو بلاغ يستحضرنى إلى نيابة، كنت أقول لنفسى: ألم يكن مفيدا لو كانت دراسة علمية عن الكتابة الساخرة موجودة معى فى التحقيق أو أمام المحكمة؟، لذلك قررت أخيرا أن أعمل بنصيحة السيد رئيس النيابة، وها أنا ذا أكتب الفكرة على أمل أن يعجب بها أحد باحثى كليات الإعلام البارعين ويشرع فى تحويلها إلى دراسة علمية، وكل ما أطمعه أن يهدينى تلك الدراسة بعد انتهائه منها، لا أقصد أن يكتب إهداء لى فى مقدمة دراسته، بل أطمع فقط أن يهدينى أكثر من نسخة منها لزوم النيابات والمحاكم والإجابة على سؤال «إنت بتتكلم جد ولا بتهزر؟».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.