«من رأى منكم شادي فليبلغني».. كان هذا لسان حالي منذ يوم الأحد الماضي كلما دخلت إلى مقر «المصري اليوم» الرئيسي بشارع المبتديان، ف«شادي» زميلي الذي لم أعرفه من قبل، ولا تتوافق مواعيد عملي مع فترات وجوده، كان الداعم الرئيسي لي أثناء تغطية الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب، ولولاه لما استطعت النجاح في هذه المهمة الصعبة. تفاصيل قصة شادي تعود بي إلى عبارة «تابع الانتخابات لحظة بلحظة» التي تظهر أعلى صفحة الانتخابات على موقعنا، فقد كانت الشعار الخفي لصحفيي «المصري اليوم» في ذلك اليوم.. مراسلون وموفدون إلى كل شبر في مصر يتابعون عن كثب أحداث الانتخابات ويحدثون صفحات الموقع الإلكتروني أولاً بأول، ينشرون الصور وتقارير الفيديو ويبثون مباشرة عبر الصوت والصورة ما يحدث، ويحصدون ثمار عملهم حين يقرأ الناس تغطياتهم المزينة بأسمائهم. هذه التغطية المتميزة لم تكن لتكتمل دون وجود جنود مجهولين، ولا أتحدث هنا عن تقنيين يديرون الموقع أو إداريين أو حتى عمال الخدمات الفنية فكل هؤلاء دورهم معروف، بل عن زملاء صحفيين لا يقلون كفاءة ومهنية عن نظرائهم في مواقع الأحداث، ارتضوا أن يبقوا في الظل، مرابطين خلف سماعات الهاتف وشاشات الكمبيوتر، حتى تكتمل دورة العمل وتصل الخدمة الصحفية بأقصى سرعة إلى قراء «المصري اليوم».. إنهم «فريق الإملاء». قيمة عمل هذا الفريق يدركها كل صحفي يعمل في التغطيات الميدانية وخاصة في المواقع الإلكترونية التي تتطلب طبيعة العمل فيها تحديثات فورية وسريعة قدر الإمكان، وهنا تصبح الكتابة عائقاً أمام وصول المعلومة بالسرعة اللازمة، ليظهر «الموبايل» كحل عبقري، يستلزم تطبيقه أن يكون المستقبل على درجة كافية من الوعي والخبرة الصحفية حتى يتمكن من تلقي المعلومات وصياغتها بشكل مهني سليم، يستكمل الخلفيات ويوضح السياق وينقل التفاصيل بدقة، ولهذا قررت «المصري اليوم» تكوين فريق متخصص لتلقي الأخبار مباشرة من الزملاء على الأرض، على أن يتولى كل منهم التعامل مع أربعة مراسلين في دوائر انتخابية مختلفة، يداوم الاتصال بهم لتلقي التقارير وإدخالها مباشرة إلى ديسك الموقع الكتروني ليبدأ النشر. كانت تلك الخطوة الجديدة مفتاح نجاح تغطية «المصري اليوم» للجولة الأولى من الانتخابات، وكنت أنا من نصيب شادي زكي زميلي المحرر بالموقع الإكتروني، الذي كان خير رفيق في رحلة التغطية، منذ تلقيت أول اتصالاته في السادسة والنصف صباحاً، وحتى مكالمتنا الأخيرة بعد 26 ساعة. وفي كل مرة كان شادي يلتقط مني أهم المعلومات في خفة وسرعة، أترك له صياغة خلفيات الخبر وأنا مطمئن، يراعي ظروف العمل في الشارع وضغوطه، وإن غبت عنه أسرع بالاتصال للسؤال عني وعن التطورات الجديدة وإبلاغي بأي معلومات قد تساعدني في التغطية، وكانت النتيجة الطبيعية فور توجهي إلى مقر «المصري اليوم» بعد انتهاء يوم عمل طويل هي أن أبحث عن «رفيق الرحلة» إلا أنه كان قد غادر مقر الجريدة قبل وصولي ببعض الوقت. كنت أظن أن شادي حالة فريدة بين أعضاء فريق الإملاء لكن باقي الزملاء فاجأوني بتجارب لا تقل إخلاصاً ومهنية مع باقي الفريق، وفي اليوم التالي كانوا يبحثون عن عمرو عتريس وعمرو الصاوي وأحمد الهواري ومحمد الشرقاوي وأحمد الخطيب ولبنى صلاح الدين ومحسن محمود وغادة حمدي ومحمد مجاهد ومحمد عبد العاطي ومنار خاطر وسارة نور الدين وهبة حسنين، فالكل كان يشعر أنه مدين بالشكر والتقدير لهذه الكتيبة المتميزة من الجنود المجهولين. !--Session data--