سقطت مدينتى يا ناس.. ابكوا معى.. والله أكبر فوق كيد المعتدى. أسقطوها بكل ما يملكون.. صبوا عليها الرصاص الحى، وفرضوا عليها الحصار.. حاصروها بالجنود وبالحشود العسكرية.. أرعبوا رجالها ونساءها، وأفزعوا أطفالها وشيوخها، ظلت تناضل حتى خارت قواها.. خلعت عنوة رداء المعارضة، وتحولت إلى مدينة حكومية بجرة قلم.. لم تكن تعرف الحزب الوطنى ولا رجاله.. ولا تذوق طعم خدماته.. اليوم انتقلت من «محيى الدين» الثائر.. إلى «محيى الدين» الوطنى الديمقراطى! سقطت مدينتى، فابكوا معى.. فلم تكن أبداً لتسقط، لولا الخيانة.. ولم تكن أبداً لتسقط لولا جحافل الجنود، ولم تكن أبداً لتسقط، لولا جيوش التتار، ولولا سطوة السجن والسجان.. فقد كانوا يعرفون عنادها، ويعرفون عصيانها.. ويعرفون أنها أبيّة تصون سمعتها، ولا تخضع لكائن ما كان.. ولو كان الحزب الحاكم!! سقطت مدينتى وهى تدافع عن كرامتها وشرفها، وتدافع عن براءتها وطهارتها.. انتهكوا عرضها، ومزقوا ثيابها، وألبسوها ثياباً لا تليق بها، ولا تليق عليها، وأغلقوا عليها السجن.. فإذا البلبل حيران، وإذا العصفور يبكى.. وينتحب! يعرف الجلاد والسجان أن مدينتى كانت عصيّة.. وكانت تقاتل حتى النفس الأخير، وكانت تدافع عن شرفها، وكانت تتمنى لو سقطت شهيدة.. فمن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد.. يعرف السجان أن الخيانة لن تمر.. ويعرف السجان أن مدينتى بكر، وأنها أبداً لن تستسلم مهما كان.. كلما يعرف العصفور أن حريته عند باب القفص. اسألوا المباحث والقضاة المشرفين على اللجان، هاتوهم واسألوهم.. اسألوا القاضى: هل أنت مقتنع بما جرى؟.. هل كنت تحكم بالعدل يا قاضى؟.. هل كنت تعرف لماذا سقط من سقط؟، ولماذا نجح من نجح؟.. اسألوا ضباط المباحث كيف زوّرتم، ولماذا زوّرتم؟.. سيقولون لك: تعليمات.. أو يقولون: اركن لنا على جنب! اسألوا الدنيا: هل كانت مصر الحضارة والهرم والنيل تنتخب، أم كانت تنتحب؟.. اسألوا أجهزة الإعلام: كيف سجلتم الفضيحة، وعملية الاغتصاب؟.. اسألوا المجلس القومى لحقوق الإنسان: ماذا تقول الآن؟.. هل تتقدم هيئة المجلس باستقالة جماعية مسببة؟.. اسألوا صفوت الشريف: هل الشعب كله اختار الحزب الوطنى؟.. هل الشعب يرفض التعددية الحزبية؟.. هل عدنا من جديد إلى منبر واحد.. هو الاتحاد الاشتراكى؟! هاتوا برهانكم على الفوز.. وهاتوا برهانكم على سقوط الدنيا كلها؟.. لا تقولوا إن الذى أعلن النتيجة قاض، ولا تقولوا إن ما حدث كان انتخابات؟.. ولا تقولوا إن ما حدث هو اختيار شعب.. إنه كذب!.. إنه كذب!.. صحيح الذى أعلن نتيجة قاض.. ولكن صحيح أيضاً أن الذى زوّر النتيجة من المنبع، هو ضابط مباحث، أراد أن «يركن المصريين على جنب.. شوية»! أخيراً، سقطت كل المدن، وانهارت كل الحصون.. فلا تبكوا كثيراً.. ولكن تحركوا.. اهدموا السجن، وامنعوا السجان.. أطلقوا العصفور.. وحافظوا على بكارة مدينتكم وطهرها.. ارفضوا كل ما حدث.. افضحوهم.. قولوا معى: الله أكبر فوق كيد المعتدى!