البيضة الأول و لا الفرخة؟!!! نفس القضية الجدلية الشهيرة تطرح نفسها بقوة و لكن هذه المرة على حياتنا و سلوكياتنا نحن المصريين و حكامنا... بمعنى هل الشعب المصري بعاداته و خصائصه و سلوكياته المتوارثة جيلا بعد جيل قد شجع حكوماته المتعاقبة على أن تتعامل معه بهذا الشكل و بهذه الطريقة المهينة القمعية بإعتبار أنها الوسيلة المثلى و المجربة في التعامل مع مثل هذه الكائنات المسماة بالمصريين؟!!! أم أن حكوماتنا المتعاقبة و أساليبها القمعية الأمنية الفجة و إستهانتها الدائمة بهذا الشعب و رغباته و إختياراته قد خلق أجيالا متعاقبة من المواطنين السلبيين المستعذبين للذل و الهوان الغير راغبين - قبل أن يكونوا غير قادرين- في التغيير الراضين دائما بما تجود عليهم حكوماتهم حتى و إن كان قليلا الراضين دائما بأحوالهم حتى و إن كانت مزرية؟!!! من أفسد من؟!!! هل الشعب أفسد الحكومة بتكاسله و تخاذله و إستسلامه لهذه الدرجة من الموات أم أن الحكومة قد أفسدت الشعب بسياساتها الأمنية القمعية و بطشها بكل صوت معارض و التنكيل بكل من يخرج عن السياق و الدور المحدد المرسوم له مما جعل أكثر من 80 مليون بني أدم يقررون المشي بداخل الحيط و ليس بجانبه إيثارا للسلامة و حفاظا على الكرامة...؟!!! المشهد المصري يوم 28 نوفمبر 2010 يوضح أشياءا كثيرة جدا في غاية الأهمية و الوضوح... أشياءا تثبت أن العودة بالزمن إلى الوراء لسنوات طويلة هي خاصية مصرية بحتة و أن العالم كله يتقدم إلى الأمام أميالا و نحن نتأخر و نتقهقر سنوات عديدة... أشياءا تثبت أن هذه الحكومة لا تستحق إلا أن تحكم هذا الشعب... و أن الشعب لا يستحق إلا مثل هذه الحكومة!!! صور عديدة تمر في ذاكرتي لتتجمع و تكون مشهدا مؤسفا و محزنا ليوم الأحد الحزين... يوم أكد لي أن (لسة بدري) علينا قوي لكي نصنف ضمن الدول المحترمة أو حتى التي تسير في طريقها لكي يمكن أن توصف بالإحترام... لسة بدري قوي!!! صورة شعب قرر أن (يخليه في البيت) و يمتنع عن المشاركة في هذه المسرحية الهزلية المسماة بالإنتخابات و التي يعلم الصغير قبل الكبير أنها مسرحية مملة و مكررة و سخيفة و معروف نتيجتها مسبقا إلا 25% من الشعب قرر أن يشارك في المسرحية بأداء ادوار مختلفة منها دور البلطجي و دور المزور و دور (الناخب المخدوع) المتوهم أنها ستكون إنتخابات نزيهة!!! صورة مرشحين من كل صنف و لون لا هم لهم إلا الوصول لكرسي البرلمان حتى و إن كان الطريق لهذا الكرسي مفروشا بالرشاوي و شراء الذمم و النفوس و النفاق و الموالسة للمسئولين و حتى جثث الأبرياء إذا لزم الأمر!!! صورة مسئول حكومي يكرر نفس التصريحات قبل و بعد و أثناء كل عملية إنتخابية عن نزاهة و شفافية العملية الإنتخابية و كيف أن الشعب سيقول كلمته و كيف أن الدولة كانت و لا زالت و ستظل حريصة كل الحرص على أن تسير العملية الإنتخابية في جو من الحيادية المطلقة بينما خلفية الصورة تظهر رتل من سيارات الأمن المركزي و الألاف من الجنود المدججين بالعصي و الأسلحة يحاصرون اللجان و يمنعون الناخبين من الوصول إليها و التصويت لمن يريدونه هم لا لمن تريده أجهزة الدولة!!! صورة لجماعة الإخوان المسلمين و قد أنهكتها الإعتقالات و التضييق الأمني و ممارسة جميع أنواع القهر الحكومي و الإعلامي تجاه مرشحيها و مع ذلك لا يزال مسئولوها مصرون على الإستمرار في هذه التمثيلية المملة السمجة و لعب دور لا يقدر على فهم أبعاده أعتى الأذكياء... سحل و إعتقالات و سجن و إنتهاكات و إهانات و لا من موقف سلبي أو إيجابي...!!! صورة لأحزاب يفترض أنها تنتمي للمعارضة و مع ذلك تمارس دور (الكومبارس) أحيانا و (المحلل) أحيانا أخرى و تلعب أدوارا غاية في الرداءة و الدنائة من أجل إيجاد شكل ديمقراطي لإنتخابات (هزلية) لا تمت للديمقراطية و لا للإنتخابات في جميع الدول المحترمة بصلة من قريب أو من بعيد من أجل (حفنة) من المقاعد في صفقات مشبوهة و غير نزيهة!!! صورة لمواطن يطالب بأن يكون مقعد (الفئات) في دائرته الإنتخابية حكرا على أبناء عضو مجلس الشعب الذي رحل عن دنيانا قبل الإنتخابات بأيام ثم لإحفاده تنفيذا لوصية الراحل الذي أوصى ألا يخرج كرسي البرلمان من عائلته ليوم الدين!!! و فعلا تنتخب هذه الدائرة إثنين من العمال حتى يتم تنفيذ وصية الراحل تمهيدا لأن يحتل نجله مقعد (الفئات) في الدورة القادمة!!! (نموذج مصغر لتجربة كبرى للتوريث ستحدث إن عاجلا أو آجلا) صور لمواطنين (مطحونين) يقومون بتسويد البطاقات و تسويد اللجان لمرشحي الحزب الحاكم في تزوير فج و مفضوح ناسين أو بالأحرى متناسين أن هذا الحزب هو من أوصلهم و أبنائهم إلى هذه الحالة المزرية و جعلهم (مزورين) خائنون للإمانة بلا أي شرف أو ضمير أو مبادىء و ليت المقابل الذي باعوا به ضمائرهم كان يستحق كل هذه التضحيات الجسيمة!!! صور لمسئولين غربيين ينددون بالظواهر (الغير ديمقراطية) التي شابت الإنتخابات المصرية و يطالبوا الحكومة المصرية بالتحقيق في هذه الإنتهاكات العظيمة للديمقراطية و في الخلفية أحد المسئولين المصريين يعبر عن إستياء مصر و إستنكارها الشديد لمثل هذه التصريحات الغربية و يعتبرها تدخل في الشئون الداخلية المصرية و كيف أن الشعب المصري العظيم يأبى التدخل الأجنبي في شئونه الداخلية و كيف أن الإنتخابات المصرية هي شأن مصري بحت لا يحق لأية قوة خارجية أن تتحدث بشأنه!!! صورة لمجلس شعب جديد يحتل الحزب الحاكم أغلب مقاعده مع تمثيل (غير مشرف) لعدد من أحزاب المعارضة اللطيفة التي تمتاز معارضتها بأن لها (سقف) لا يمكن تخطيه... و قوانين سيئة السمعة يتم (سلقها) في جلسة واحدة... و معاناة أكثر لشعب لا يستحق إلا كل معاناة وقهر!!! صور كثيرة غارقة في السلبية تشكل مشهدا غاية في الكآبة و البؤس يشكل واقعا أليما لبلد كان يستحق أن يكون في وضع أفضل من ذلك بكثير. إلا أن الوضع الحالي يستحق أن نسأل نفس السؤال بدون أن نحصل على إجابة... مين السبب... من أفسد من؟ الشعب (أفسد) الحكومة بتقاعسه و سلبيته أم أن الحكومة قد أفسدت الشعب بترهيبه و إذلاله؟!!! البيضة الأول و لا الفرخة؟!!! الأغلبية الصامتة http://www.theegyptiansilentmajority.blogspot.com/